لم توفر
إيران مناسبة أو حتى دون مناسبة في بعض الأحيان، لمهاجمة المملكة العربية
السعودية على خلفية حادثة التدافع في
منى التي راح ضحيتها أكثر من 450 حاجا إيرانيا إلى جانب ما يقرب 300 من غير الإيرانيين.
وربما لأن حصة الإيرانيين من ضحايا التدافع كانت أحد أسباب الهجوم الإيراني، وارتفاع سقف التهديد حتى أعلن القائد العام للحرس الثوري الإيراني، جاهزية الحرس لتوجيه رد سريع وعنيف في سياق توجيهات "قائد الثورة الإسلامية" لدفع النظام السعودي لتحمل المسؤولية تجاه كارثة منى.
وبحسب "وكالة أنباء فارس"، قال اللواء محمد علي جعفري، في تصريح له على هامش اجتماع مقر البحري، إن الحرس الثوري جاهز بانتظار الأوامر لاستخدام كل طاقاته المتاحة لتوجيه الرد السريع والعنيف في سياق تحقيق مطلب قائد الثورة الإسلامية لدفع النظام السعودي غلى تحمل المسؤولية تجاه كارثة منى الرهيبة واستعادة حقوق الحجاج الضحايا.
من جهته رأى الكاتب والخبير السياسي السعودي الدكتور خالد الدخيل أن التصريحات الإيرانية المتزايدة ومرتفعة السقف تسبق نتائج التحقيقات التي لم تعلن بعد، مشيرا إلى أن إيران تمهد لرفض النتائج مسبقا.
وتابع الدخيل في حديث لـ"
عربي21" بأن السعودية بانتظار أن ينتهي التحقيق في ما حدث في مشعر منى بعيدا عن التهديدات الإيرانية والتصريحات الإعلامية وبعدها "لكل حادث حديث".
أما الخبير في الشأن الإيراني الدكتور عبدو اللقيس، فقال إن عدد الضحايا الإيرانيين الكبير، هو ما أثار سخط إيران، ناهيك عن وجود عدد من الدبلوماسيين والقيادات العسكرية بين الضحايا والمفقودين، الذي فضل اللقيس وصفهم بـ"المخطوفين".
وأشار اللقيس في حديث لـ"
عربي21" إلى التقارير الغربية التي تدعي قيام الموساد باختطاف شخصيات إيرانية أثناء التدافع بالتواطؤ مع السلطات السعودية.
ورفض الخبير في الشأن الإيراني الفرضية التي تقول بأن الإيرانيين رفعوا حدة التصريحات التهديدات للتغطية على أن عدم التزام الحجاج الإيرانيين بالتعليمات هو ما سبب الحادثة، مطالبا السلطات السعودية بـ"فضح" الإيرانيين وبث الفيديوهات التي التقطتها كاميرات المراقبة إن كان الأمر صحيحا.
وقال اللقيس بأنها فرضية مغلوطة، وأن كاميرات المراقبة التي سحبت منها كل المشاهد الخاصة بالحادثة تثبت خطأها، داعيا إلى نشر ما صورته الكاميرات هناك.
أما بعض الفرضيات فصدرت من داخل إيران مثل ما قاله رئيس حركة النضال العربي لتحرير الأحواز حبيب جبر بأن المسؤولين الإيرانيين في الأيام الأخيرة أصبحت هستيرية وهو الأمر الذي يؤكد تورطهم ومحاولتهم تصدير الأزمات الداخلية الخانقة وملفات الفساد الكبرى التي أصبحت تؤرق النظام، وأيضا هزيمتهم في
اليمن، بحسب ما نقلت عنه صحيفة الشرق الأوسط.
وعلق اللقيس على كلام جبر قائلا إنَّ لا أزمة في إيران وإن القيادة الإيرانية من الرأس الهرم حتى أسفله فرحة بتوقيع الاتفاق النووي، وبمفاوضة إيران 40 دولة الأمر الذي اعتبره سابقة في ملف النووي الإيراني.
ووصف الادعاءات بأزمة داخلية إيرانية بأنها من قبيل "الأحلام".
كما علق اللقيس على تصريحات رئيس مكتب هاشمي رفسنجاني، محمد هاشمي، حول التريث قبل توجيه أصابع الاتهام للسعودية في الحادثة، بأنها كانت في بداية الأزمة، ومع زيادة "التعنت" السعودي في مسألة الكشف عن حقيقة ما جرى رفع المسؤولون الإيرانيون من سقف الهجوم على المملكة، بحسب تعبيره.
وحول إذا ما كانت التهديدات الإيرانية، ستنفذ على أرض الواقع، قال الخبير بالشأن الإيراني إن هذا يعتمد على التجاوب السعودي، وعلى طريقة تعامل الرياض مع طهران بخصوص الضحايا والمفقودين من الإيرانيين.
وقال: "إن إيران لم تدخل في أزمة مع السعودية باختيارها، لكنه ملف فرضته السعودية بطريقة تعاملها مع الضحايا الإيرانيين".
بدورهم رأى كثير من المحللين الذين يتابعون الصراع الدائر في المنطقة أن التصعيد الإيراني الإعلامي والسياسي ضد السعودية سيتواصل لأنه يعكس الصراع الدائر في المنطقة، من اليمن إلى سوريا والعراق وحتى لبنان، لا سيما أن المملكة هي من يتصدر التحالف الذي يتصدى للنفوذ الإيراني، واستبعد كثير منهم أن تخضع الرياض للابتزاز الإيراني في قضية كارثة منى أو غيرها إلا إذا حصلت تفاهمات كبرى لجميع القضايا التي أججت الصراع، وهو ما يبدو بعيدا في الوقت الراهن.