تباينت آراء خبراء في الشأن
الإسرائيلي، حول طبيعة الرد الإسرائيلي على العمليات المسلحة
الفلسطينية الأخيرة، حيث رجح أحد الخبراء قيام الاحتلال بعملية عسكرية موسعة في الضفة الغربية المحتلة، التي تتعرض لسياسة تكريس الاحتلال، ما ينذر بانفجار الوضع وزيادة "عيار"
المقاومة المسلحة الفلسطينية.
وهدد بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، عقب جلسة أمنية طارئة بمقر جيش الاحتلال، مساء الأحد، بخوض "حرب لا هوادة فيها" ضد المقاومين الفلسطينيين، حيث تقرر تسريع عملية هدم بيوت منفذي العمليات، وإبعاد المقدسيين المتهمين بـ"التحريض"، والدفع بالمزيد من قوات الاحتلال في الضفة الغربية والقدس.
سيطرة أمنية
وقتل أربعة مستوطنين إسرائيليين في سلسلة عمليات إطلاق نار وطعن، نفذها مقاومون فلسطينيون خلال الأيام الثلاثة الماضية في الضفة الغربية ومدينة
القدس المحتلة، وهو ما دفع بزعيم المعارضة لدى الكيان الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، بالتحذير من قيام انتفاضة ثالثة بقوله: "نحن على مشارف انتفاضة ثالثة"، متهما نتنياهو بـ"الفشل في علاج الأحداث الأمنية".
وتوقع الخبير في الشأن الإسرائيلي، عدنان أبو عامر، "زيادة العمليات المسلحة الفلسطينية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، ذلك بالتزامن مع إمكانية بدء الاحتلال عملية عسكرية إسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، في محاولة لمواجهة الهبة الشعبية غير المنظمة، في هذه المرحلة، من الفلسطينيين؛ باتجاه قوات الاحتلال وقطعان مستوطنيه"، حسب تعبيره.
وأشار أبو عامر في حديثه لـ"
عربي21"، إلى أن "تلك الأحداث (عمليات المقاومة) كانت متوقعة في الشهور الأخيرة، لكنها لم تكن متوقعة بهذا الحجم وذات الزخم، على اعتبار أن هناك اطمئنانا إسرائيليا بوجود سيطرة أمنية فلسطينية إسرائيلية مطبقة في الضفة الغربية، تحول دون قدرة المقاومة الفلسطينية على تنفيذ أعمال مسلحة كهذه".
ورجح أبو عامر أن تدفع عمليات المقاومة الأخيرة في الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة، إلى اتخاذ الحكومة الإسرائيلية قرارا "بشن عملية عسكرية، أو الاستمرار في الضغط الأمني المتواصل على البنية العسكرية للمقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة".
عمليات جراحية
ونوه أبو عامر إلى وجود بعض المؤشرات والمعطيات حول إمكانية وقوع انتفاضة ثالثة، مستدركا بأن ذلك لا يعني بالضرورة وقوع تلك الانتفاضة التي تحتاج إلى "مقومات سياسية بالدرجة الأولى، وتوافق فلسطين داخلي بين حركتي فتح وحماس، واتخاذ قرار من قبل السلطة الفلسطينية برفع يدها عن المقاومة، وغض النظر عن العمل العسكري المسلح في الضفة الغربية". وتابع: "دون ذلك سيبقى الأمر في الإطار الشعبي العفوي غير المنظم في الفترة الحالية".
وأفاد الخبير في الشأن الإسرائيلي، أن الاحتلال يرى أن عمليات المقاومة الأخيرة (المنظمة والفردية) هي "مقدمة لعمليات عسكرية مستقبلية من الفلسطينيين"، موضحا أن الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية تعاني من "عدم امتلاك خيوط لمتابعة منفذي تلك العمليات الفردية في أغلبها".
وأكد أن الاحتلال "بات يدرك أنه في مرمى عمليات أخرى مرشحة في الأيام والأسابيع القادمة"، موضحا أن حكومة الاحتلال قد تلجأ لمواجهة تلك العمليات بتنفيذ ما أسماها "عمليات جراحية" في بعض المدن الفلسطينية.
البؤر الاستيطانية
من جانبه، أكد الخبير في الشأن الإسرائيلي، نظير مجلي، أن رد الاحتلال الإسرائيلي على العمليات العسكرية التي طالت المستوطنين في القدس والضفة الغربية المحتلة "بدأ فعليا بعملية بطش شرسة؛ من خلال إطلاق العنان للمستوطنين لممارسة عدوانهم بحق الشعب الفلسطيني".
وأوضح في حديثه لـ"
عربي21" أن نتنياهو يمتلك "نوايا خبيثة؛ سيكون لها انعكاسات سياسية"، مرجحا أن يبدأ العمل على "شرعنة البؤر الاستيطانية في مناطق واسعة ما بين رام الله ونابلس، ومنطقة أخرى مثل بيت لحم".
وأضاف: "نتنياهو ينتظر الفرصة لتضييق الخناق على تحرك القيادة الفلسطينية، ليثبت بذلك واقعهم كاحتلال بكل ما في الكلمة من معنى"، مرجحا أن تسبب الإجراءات الإسرائيلية التصعيدية "بزيادة العزلة السياسية الدولية التي تعاني منها الحكومة الإسرائيلية".
ورأى مجلي أن الشارع الفلسطيني قابل "للتصعيد والانفجار؛ لأن طاقات المقاومة المختزنة لدى الشعب الفلسطيني المحتقن أصلا، ستنفجر في وجه الاحتلال الإسرائيلي، إما بشكل تدريجي أو مرة واحدة"، مؤكدا أن السياسة الإسرائيلية، التي تكرس الاحتلال وتمس بالقدس والأقصى وتصادر الأراضي لصالح المشاريع الاستيطانية، هي التي "تخلق جوا من الضغط والكبت والاحتقان داخل الشعب الفلسطيني، الذي بدوره سيؤدي إلى زيادة عيار المقاومة الفلسطينية".
وتشن قوات الاحتلال حملة شرسة في مناطق مختلفة من الضفة الغربية بحثا عن منفذي العملية، وعزز الاحتلال من وجوده في الضفة الغربية المحتلة؛ بإرسال أربع كتائب لمنع "أي تصعيد على خلفية العملية"، بحسب بيان جيش الاحتلال.