نشرت صحيفة "تايمز أوف
إسرائيل" مقالا للكاتب آفي إيساشاروف، يقول فيه إن المستفيد الوحيد من تصاعد الأحداث في الضفة الغربية والقدس المحتلة هما حركة
حماس والحركة الإسلامية في إسرائيل.
ويقول الكاتب: "لو نظمت الانتخابات اليوم في المناطق المحتلة، فإنه من المؤكد القول إن حركة حماس ستفوز فوزا ساحقا. فقد أظهرت دراسة مسحية قبل تصاعد موجة العنف تدهورا لافتا في شعبية زعيم حركة فتح ورئيس السلطة الوطنية محمود
عباس. وفي حال نجحت حركة حماس تجنب دورة جديدة من النزاع مع إسرائيل، فستستمر شعبيتها بالصعود".
ويضيف إيساشاروف أن "حركة حماس لم تبدأ هذه الموجة من الأعمال العدوانية، ولكن العنف يخدم مصالحها. فالإرهاب وتزايد عدد القتلى بين الإسرائيليين والفلسطينيين يساعدان في تعزيز وتقوية الدعم للمتطرفين على الجانبين، خاصة بين
الفلسطينيين. ذلك أن الرأي العام الفلسطيني سئم من السلطة الوطنية واستراتيجية المفاوضات التي اتبعتها. فنظرة سريعة على وسائل التواصل الاجتماعي تشير إلى اتجاه الريح: فهناك دعوات واضحة يطلقها رجال ونساء للإضرار بعباس تظهر على صفحات (فيسبوك)، وليس بالضرورة أن يكونوا من الإسلاميين، وهو ما لم يحدث في الماضي".
ويتابع الكاتب قائلا: "مقارنة بالسلطة الوطنية التي تقوم بالإشراف على الأمن، وتنسق مع إسرائيل، وتحاول التأكد من إبعاد المتظاهرين الفلسطينيين عن نقطة التماس مع الجيش الإسرائيلي، فإن حركة حماس تقوم (من قاعدتها في غزة) بتشجيع الجماهير في الضفة الغربية على الانضمام للانتفاضة الثالثة (وترى حركة حماس، على خلاف ما يراه المحللون، أن الانتفاضة الثالثة جارية)".
ويواصل إيساشاروف: "حتى هذا الوقت، قامت حركة حماس من موقعها في غزة بموضعة نفسها للانضمام للتظاهرات في الضفة الغربية، ودون أن تعرض مصالحها للخطر. وتقوم الحركة أيضا بدفع الشبان الفلسطينيين نحو الجدار الحدودي مع إسرائيل، وهي تعرف أنهم سيدفعون حياتهم ثمنا لهذا. وقد قتل تسعة فلسطينيين نهاية هذا الأسبوع، ولكن ما هو الفرق بين هذا الرقم وألفي قتيل أثناء نزاع الصيف الماضي؟ وفي الوقت ذاته تقوم حركة حماس بالضغط على الجماعات الأخرى في غزة بعدم إطلاق الصواريخ، أو القيام بهجمات من داخل القطاع، وهي بهذا تقوم بتخفيض احتمالات مواجهة واسعة مع إسرائيل".
ويتساءل الكاتب: "هل ستحافظ حركة حماس على لعبة التوازن لمدة طويلة بتشجيع احتجاجات شعبية في الضفة الغربية، دون الانجرار نحو حرب؟".
ويرى إيساشاروف أنه "من الصعب الإجابة عن هذا السؤال. فسقوط قتلى الليلة الماضية، وبينهم امرأة وطفلها جراء إطلاق صاروخ، لن يؤدي إلا إلى تعقيد الأمور. فالجماعة السلفية التي أطلقت الصواريخ يومي الجمعة والسبت ستحاول بالتأكيد إطلاق المزيد في الأيام المقبلة. ومع أن حركة الجهاد الإسلامي تنسق مع حركة حماس، إلا أنها قد تغير من موقفها وبتشجيع من إيران. وقد تحاول (سرقة العرض) من حركة حماس، وتبدأ بإطلاق الصواريخ تجاه إسرائيل. وسيحرف تطور مثل هذا الانتباه عن الضفة الغربية، ويضع حركة حماس أمام معضلة".
ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أنه "في الوقت ذاته، فإن هناك جهودا جديدة لتحقيق المصالحة والتوصل إلى تفاهم بين حركة حماس والسلطة الوطنية. فمن المفترض أن يسافر وفد للسلطة إلى غزة لمناقشة هذا الأمر. ويتوقع أن يظهر عباس مرونة فيما يتعلق بالمصالحة، أكثر مما أظهر في الماضي".
يبين إيساشاروف أن "الاحتجاجات في الضفة الغربية تتراجع الآن، على الأقل في وقت كتابة هذه السطور. فبعد جمعة عاصفة، كانت الاحتجاجات صغيرة وهادئة نوعا ما. وفي رام الله ونابلس والمناطق الأخرى شمال الضفة الغربية، فإن الصورة بعيدة من أن تكون انتفاضة، وهذا يعود إلى نشاطات السلطة الوطنية. وفي يوم السبت عرف مركز التظاهر الرئيس في الخليل، التي تعد معقلا قويا لحركة حماس" حركة احتجاجية قوية من لدن شباب الخليل.
وتستدرك الصحيفة بأن "الاحتجاجات الرئيسية تحدث الآن داخل إسرائيل، وبين العرب الإسرائيليين. والمستفيد الوحيد منها هو الشريك المخضرم لحركة حماس، عضو جماعة الإخوان المسلمين الشيخ رائد صلاح، وفرع الحركة الإسلامية في الشمال. فقد حاول الشيخ صلاح خلال السنوات الماضية الاستفادة من جبل الهيكل لإشعال الشارع الفلسطيني والعربي، وقد نجح بفعل هذا. ويواصل صلاح (المدافع عن الأقصى)، كما يعرف، بالتحذير من الخطط الواضحة التي يقوم بها اليهود للإضرار بالأقصى، متعهدا بالقيام بأي جهد للدفاع عنه. ويقوم الناشطون التابعون له في القرى والبلدات العربية وبنجاح، بإثارة الغضب ضد إسرائيل".
ويقول الكاتب: "حتى بعد نهاية الأسبوع العاصف، فلا أحد يعرف ماذا سيحدث لاحقا، فمن الممكن أن تستمر الهجمات المتتابعة من (الذئب الوحيد)، ومن المحتمل تراجع التظاهرات في الضفة الغربية. وهناك إشارات عن رغبة إسرائيل بمبادرة دولية تساعد على إنهاء هذه الدورة الجديدة من العنف. وقد يحدث هذا عندما يلتقي أعضاء الرباعية الدولية بجولات مكوكية بين رام الله والقدس يومي الأربعاء والخميس. وبالنسبة لعباس، فإن الوضع الحالي مثير للقلق؛ لأنه قد يخرج عن السيطرة بسهولة".
ويخلص إيساشاروف إلى أنه "وفي الوقت الحالي، فإن عباس قد يتمتع بمشاهدة رئيس الوزراء بنيامين
نتنياهو وهو يتصبب عرقا، وهو ما قد يقوده إلى الاعتقاد بأن نتنياهو سيبدي مرونة فيما يتعلق بالخطوات التي ستعزز موقفه في المناطق المحتلة. وأول ما سيطلبه عباس هو: إطلاق سراح المعتقلين الأمنيين، الذين ألغت إسرائيل قرار الإفراج عنهم في ربيع 2014، عندما انهارت آخر جولة للمفاوضات".