رأى باحث أمريكي متخصص في الشؤون العربية والإسلامية أن "وحدات الحماية الشعبية" التابعة للأكراد السوريين تعدّ الحليف الأمريكي الأكثر فعالية في المعركة ضد تنظيم الدولة".
يشار إلى أن "وحدات الحماية الشعبية" الكردية السورية، تعدّ جماعة شبه عسكرية، يعود تأسيسها للعام 2004، حيث تضم حوالي 23650 من الرجال، بينما وصل عدد عناصرها من النساء إلى 19350، وفقا لإحصائيات صادرة عن قادتها.
وقال الباحث في مؤسسة أمريكا الجديدة، باراك
بارفي في تقرير نشر على الموقع الإلكتروني لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى: "في أعقاب الضربات الجوية الروسية ضد قوى الثورة السورية العربية المدعومة من قبل الولايات المتحدة، برزت تقارير صحفية عن قرار أمريكي ببدء تسليح المليشيا الكردية المعروفة بوحدات الحماية الشعبية في
سوريا، فالأكراد السوريون استطاعوا مرارا إلحاق الهزيمة بداعش بواسطة الدعم الجوي الأمريكي".
أما السبب الذي جعل من "وحدات الحماية الشعبية" حليفا مهما لأمريكا ضد تنظيم الدولة، فهو بحسب وجهة نظر الباحث، أنه "في الآونة الأخيرة جذبت معركة "وحدات الحماية الشعبية" ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" أنظار العالم.
فمنذ منتصف عام 2013، بدأت "وحدات الحماية الشعبية" بمقاتلة الجهاديين، حتى في الوقت الذي رفضت فيه جماعات أخرى من "الجيش السوري الحر" الانخراط في القتال. ولكن، حيث أصبح تنظيم "
داعش" عدوا أكبر، تصالحت معظم الجماعات التابعة لـ"الجيش السوري الحر" مع "وحدات الحماية الشعبية"، حتى أن عددا من الألوية الصغيرة في "الجيش السوري الحر" انضم إلى
الأكراد في دحر تنظيم "الدولة الإسلامية" من كوباني في وقت سابق من هذا العام.
وفي تسليط الضوء على مراحل تطور "وحدات الحماية الشعبية" الكردية، أشار الباحث إلى أنه "في حزيران/ يونيو 2012، بدأت "وحدات الحماية الشعبية"، وهي جماعة شبه عسكرية تعود تقريبا لعام 2004، بإقامة نقاط تفتيش في شمال سوريا، وشهد الشهر التالي تطورات سريعة من خلال استيلاء الأكراد على أجزاء كبرى من كوباني (عين العرب) وعفرين وعامودا والمالكية في شمال سوريا، وذلك في اشتباكات محدودة ضد قوات النظام".
وتابع باراك بارفي متتبعا تاريخ "الوحدات الكردية" قائلا: "في عام 2013، أُنشئت قوة مقاتلة نسائية تُعرف باسم "وحدات الدفاع النسائية". وفي حين تنفي "وحدات الحماية الشعبية" باستمرار خضوعها لـ"حزب الاتحاد الديمقراطي"، تُثبت الوقائع صحة هذه الادعاءات، فهناك علاقة معقدة تجمع الأكراد بالنظام السوري. ففي عام 2011، قام النظام بتسهيل توسع "حزب الاتحاد الديمقراطي"/"وحدات الحماية الشعبية" من خلال إطلاق سراح سياسيين ومقاتلين أكراد، والتخلي عن مخزونات الأسلحة، وفقا لما يزعم".
وما زال الباحث الأمريكي يواصل حديثه التاريخي في تقريره عن "وحدات الحماية الكردية" بقوله: "في أواخر عام 2012، دارت مناوشات بين "وحدات الحماية الشعبية" وقوى الثورة التابعة لـ"الجيش السوري الحر" المعتدل وجماعات أكثر تطرفا مثل الجماعة السلفية "أحرار الشام" و"جبهة النصرة" التابعة لتنظيم "القاعدة". وقد رفض "الجيش السوري الحر" التطلعات الكردية. وفي تموز/ يوليو 2012، أعلن قائد الجماعة آنذاك رياض الأسعد أنه لن "يترك القامشلي لأجندة أي من الفصائل الكردية". وقد أعقب ذلك وقوع معارك في مدينة عفرين وحي الأشرفية وحي الشيخ مقصود في مدينة حلب".
وتحدث بارفي في تقريره عن الفرق القتالية النظامية التي تضمها "وحدات الحماية الشعبية"، حيث تضم "شعبة للمخابرات العسكرية التي تتولى جمع المعلومات المتعلقة بتنظيم "الدولة الإسلامية"، و"قوات خاصة" مكلفة بالعمل وراء خطوط العدو، فضلا عن وحدة لمكافحة الإرهاب.
وتضم كل واحدة من الجماعات الثلاث مئات العناصر، في حين قُتل ما يقرب من 3000 محارب أثناء المعارك، معظمهم خلال العمليات القتالية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"، من بينهم 750 في معركة كوباني الشهيرة"، كما تُقسم "وحدات الحماية الشعبية" إلى سبعة قطاعات على الصعيد العملياتي، ويخضع كل قطاع لقيادة تتألف من ثلاثة إلى خمسة قادة من "وحدات الحماية الشعبية" و"وحدات الدفاع النسائية".
وفي نوعية الأسلحة التي تقاتل بها "وحدات الحماية"، فإنها تعتمد إلى حد كبير على "الأسلحة الخفيفة مثل بنادق الكلاشينكوف والقذائف الصاروخية والمدافع الرشاشة من نوع PK. وتأتي معظم أسلحتها الثقيلة من مخابئ أسلحة تابعة لتنظيم الدولة، تم الاستيلاء عليها أثناء العمليات القتالية، وتدعي أن لديها ست دبابات عاملة من طراز "تي-55"، تُستخدم بشكل محدود كونها تتعطل باستمرار".
وطبقا لما جاء في تقرير الباحث الأمريكي، فإن "وحدات الحماية الشعبية"، تمتلك "أقل من 10 مركبات خفيفة عاملة من طراز "هامفي"، وهي لا تُستخدم للهجمات، بل لإخلاء الجرحى، وتشمل ترسانتها مئات رشاشات الدوشكا الثقيلة التي تطلق رصاصا من عيار 12.7 ملم و14.5 ملم و23 ملم. وتستخدم كذلك قذائف هاون من عيار 62 ملم و82 ملم و120 ملم. وتنتج الصواريخ محليا وتعيد تموين معظم مخابئها المستنزفة انطلاقا من السوق السوداء العراقية".
ونوه بارفي في تقريره إلى أن "وحدات الحماية الشعبية تسيطر على ما يقارب 30000 كيلومتر مربع من الأراضي، بمساندة القنابل التي أمطرتها واشنطن في معظم الأحيان. وقد استطاعوا القيام بذلك من خلال استخدام تقنيات قتال فعالة. كما أن وحداتهم تتمتع بدرجة عالية من الالتزام، ولديها نزعة إيديولوجية راسخة. فبخلاف القوات العراقية، التي سرعان ما خلعت زيها العسكري وفرّت من الموصل عندما شن تنظيم الدولة هجومه عليها، يخشى مقاتلو "وحدات الحماية الشعبية" أن إقدامهم على هذه الخطوة سيعرّض مجتمعاتهم للمجازر".
وفي التكتيكات الحربية التي تتبعها "وحدات الحماية الشعبية"، قال التقرير: إنها تكتيكات حربية ناجحة، وهي مهارات اكتسبتها من "حزب العمال الكردستاني"، كما تراقب أراضي العدو من خلال مهام الاستطلاع. وتؤمن شبكة جواسيسها الواسعة معلومات قيّمة عن تحركات عناصر تنظيم الدولة وخطط المعركة الخاصة به".
ورأى الباحث الأمريكي أنه "نظرا للدور الأساسي الذي تلعبه "وحدات الحماية الشعبية" في المعركة ضد تنظيم الدولة، فإنه يجب على واشنطن النظر في إمكانية تزويدها بمساعدات غير فتاكة. على سبيل المثال، يفتقر قادة الجبهات لأجهزة تحديد المواقع (GPS). وتُعدّ زيادة التنسيق فيما يخص العتاد الجوي أولوية أيضا. فبعض الضربات الجوية تتطلب وقتا قد يستغرق ساعة من الزمن، ما يتيح لمقاتلي تنظيم الدولة الوقت الكافي للتراجع أو تغيير مواقعهم، وبالتالي، إذا تطورت علاقة استراتيجية مع "وحدات الحماية الشعبية"، فلا بد لواشنطن أن تنظر أيضا في إمكانية توفير مركبات مدرعة وقطع غيار لمركبات "هامفي" التي يتم الاستيلاء عليها، وذلك لاستخدامها في الهجمات".
ودعا الباحث بارفي في نهاية تقريره الولايات المتحدة إلى دعم "وحدات الحماية الشعبية"، الأمر الذي من شأنه تعزيز المصالح الأمريكية، وتحقيق أهدافها السياسية، مشيرا إلى أنه "في حين تركز روسيا حاليا على تقليص تهديدات حلفاء واشنطن السوريين، وبالتالي إلحاق الهزيمة بهم، تحتاج الولايات المتحدة إلى حشد أكبر عدد ممكن من المتعاونين في معركتها ضد تنظيم الدولة، وبما أن "وحدات الحماية الشعبية" تتصدر هذه المعركة داخل سوريا، فإن دعم قواتها من شأنه أن يعزز المصالح الأمريكية إلى حد كبير".