كشفت جريدة "ميل أون صنداي" البريطانية الأحد أن دولة الامارات دفعت مبالغ مالية طائلة من أجل شراء النفوذ في
بريطانيا والتأثير على قرارها السياسي، وقامت بتمويل حملات إعلامية من أجل التحريض على جماعة الاخوان المسلمين ودولة
قطر، وربطهما بالإرهاب.
وتبين من مراسلات حصلت عليها الصحيفة البريطانية أن
الإمارات دفعت أموالا لصحافيين ومسؤولين سابقين في الحكومة البريطانية، كما أنها تعاقدت سرا مع شركات للعلاقات العامة، وذلك بهدف تشويه جماعة
الإخوان المسلمين، والترويج أنها مرتبطة مع دولة قطر، والزعم بأن الدوحة تدعم الإرهاب.
وقالت جريدة "ميل أون صنداي" إن "تلغراف" البريطانية نشرت في هذا الإطار 20 تقريرا صحافيا على الأقل للصحفي أندرو غيلغان، مشيرة إلى أن الأخير رفض التعليق على الموضوع، في الوقت الذي ورد فيه اسمه في المراسلات والوثائق التي حصلت عليها الجريدة.
وقالت الصحيفة إن أحد البريطانيين ذوي النفوذ الكبير في أبو ظبي وهو سيمون بيرس، يشرف بشكل مباشر على صناعة صورة الإمارات في العالم الخارجي، مشيرة إلى أنه أرسل رسالة إلكترونية إلى كل من وزير الشؤون الخارجية الإماراتية أنور قرقاش والأمير خالد بن محمد بن زايد نجل ولي عهد أبو ظبي، أكد فيها أن مادة صحفية نشرت في إطار تشويه قطر والإخوان، و "أن المزيد سيأتي في الأيام القادمة".
وكانت جريدة "تلغراف" البريطانية قد نشرت بالفعل مجموعة من التقارير التي تستهدف جماعة الإخوان المسلمين، وفي أحد أعدادها أبرزت تقريرا على صفحتها الأولى يتضمن صورا لنشطاء بريطانيين من أصول عربية قالت إنهم ينتمون لجماعة الإخوان، فضلاً عن أنها نشرت صورا لمبنيين في لندن قالت إنهما من "مراكز أنشطة جماعة الإخوان"، ليتبين لاحقا أن الأشخاص المشار إليهم ليسوا سوى معارضين لسياسات دولة الإمارات، وأن أحد المبنيين يضم مركزا حقوقيا كان قد انتقد سجل الإمارات في مجال حقوق الإنسان.
أما المفاجأة الكبرى التي تكشفها "ميل أون صنداي" في تحقيقها الذي نشرته على صفحتين كاملتين، فهي أن دولة الإمارات مارست ضغوطا دبلوماسية على بريطانيا لتتخذ إجراءات ضد جماعة الإخوان المسلمين، وهي الضغوط التي انتهت بإصدار رئيس الوزراء ديفيد كاميرون أمرا بالتحقيق أو بإجراء "مراجعة" في وضع جماعة الإخوان للتوصل إلى نتيجة بشأن ما إذا كانت منظمة إرهابية أم لا، وهي المراجعة التي لم تعلن حكومة كاميرون حتى الآن نتائجها.
ويكشف التحقيق أن الإمارات أبرمت عقدا مع شركة علاقات عامة لغايات تشويه صورة دولة قطر وتشويه الإخوان وربطهما ببعض مقابل 60 ألف جنيه إسترليني (90 ألف دولار) شهريا، علما بأن الشركة المتعاقدة تدعى "كويلر للاستشارات"، وهي مملوكة للورد تشادلينغتون، وهو زعيم فرع حزب المحافظين في نفس المنطقة التي ينتمي إليها كاميرون، وأحد المقربين لكاميرون وأصدقائه الشخصيين!
وبحسب العقد الذي يبدو أن الجريدة البريطانية حصلت على نسخة منه فإن الإمارات تدفع الـ90 ألف دولار شهريا لشركة العلاقات العامة، مقابل أن تقوم هذه الأخيرة بــ"الترويج للسياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة"، على أن "كافة الأنشطة التي يتم القيام بها بموجب هذا العقد تتم بسرية تامة"، بحسب النص المبرم بين الطرفين.
ويتبين من التحقيق أنه عندما تم إبرام العقد بين الإمارات و"كويلر" كان المسؤول الأول في الشركة هو جوناثان هيل، وهو أحد المقربين من كاميرون، فيما تسلم رئاسة الشركة لاحقا المسؤول السابق في الخارجية البريطانية والذي كان يشغل منصبا رفيعا فيها جيرارد راسيل، وهو أحد المقربين أيضا من كاميرون وأحد الخبراء في القضايا العربية، كما أنه يجيد اللغة العربية بطلاقة كبيرة.
وبهذه المعلومات يتبين أن الإمارات دفعت أموالاً ومبالغ طائلة من أجل الوصول إلى الدائرة القريبة من رئيس الوزراء البريطاني ومن ثم التأثير عليه وعلى قراراته، فضلاً عن أن المراسلات تثبت أن أشخاصا يمثلون حكومة الإمارات التقوا بالصحافي أندرو جيلجان والذي نشر لاحقا تقارير ومقالات تتضمن تهدف إلى ربط دولة قطر بالإرهاب، وربط الإخوان بالإرهاب، وربط كل من قطر والإخوان ببعضهما البعض.
وحصلت "ميل أون صنداي" على مراسلات يظهر منها أن المسؤولين في شركة "كويلر" التقوا بالصحافي في "التلغراف" غيلغان في الرابع من آذار/ مارس 2014. ولاحقا لذلك اللقاء، بدأ غيلغان بكتابة سلسلة من التقارير والمقالات التي تزيد على 20 قطعة صحفية، وجميعها تستهدف دولة قطر وجماعة الإخوان، ليتبين من المراسلات أن مصدرها هو الإمارات، حيث كتب المسؤول في "كويلر" جيرارد راسيل إلى وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، وإلى أحد مساعديه ويدعى محمد الحربي، رسالة بالبريد الإلكتروني في ذلك الوقت يبلغهم بأنه تم تسليم المعلومات للصحفي وتم شرحها له.
وأضاف راسيل في رسالته الى قرقاش: "أتوقع بأننا سوف نرى شيئا منشورا قريبا كنتيجة لاجتماعنا، وسوف نستمر في تطوير علاقتنا مع غيلغان وتمرير المواد والمعلومات اللازمة له لنشرها".