وصف كاتب شيعي
لبناني في مقال له المراسم التي يحييها
الشيعة في ذكرى
عاشوراء التي توافق مقتل الحسين بن علي حفيد الرسول عليه السلام، متسائلا عن الثمرة التي يجنيها المجتمع بعد نهايتها.
حيث تساءل
عماد قميحة في مقال نشره موقع "جنوبية"، المعروف بمعارضته سياسات حزب الله في لبنان، تحت عنوان "هذا ما يبقى بعد مراسم عاشوراء": "ماذا يبقى من معنى لهذه الذكرى، بعد انتهاء المراسم الشكلية"، مجيبا بسخرية إنه "لا يبقى منها للأسف سوى اللافتات والخراريق السوداء في الشوارع التي لا يتم إزالتها، ما يؤذي المارة والسيارات".
وفي معرض وصفه لطبيعة هذه المراسم، أوضح أن المناطق الشيعية في الجنوب والضاحية والبقاع، تشهد مع بداية كل شهر محرم أو قبل أيام فورة عالية من الضجيج، مصحوبة بنشاط عال جدا من مجموعات شبابية حزبية طبعا، تتحرك بدافع حزبي أولا، وبدافع الارتباط العاطفي مع ذكرى استشهاد الإمام الحسين ثانيا.
وبدأ الكاتب بالإشارة إلى طبيعة التحضيرات "العاشورائية" التي تبدأ كما هو معروف برفع اللافتات والأعلام السوداء، وتغطية ما تيسّر من جدران القرى والمدن بلوحات ورسوم من وحي المناسبة بالخصوص، منها القريبة من المراكز والحسينيات التي فيها.
وأضاف أنه تتم تلاوة السيرة الحسينية ومجالس العزاء واللطم والندب، يضاف إليها طبعا أعداد كبيرة من السيارات والشاحنات الصغيرة التي تحمل على ظهرها أحدث مكبرات الصوت لتجوب الشوارع، وتسير أمام المسيرات الليلية.
وقال إن عشرة أيام تكون حافلة بالكثير الكثير من الصخب والضجيج والصراخ والعويل، على مدار الساعة، تخترق خلالها أصوات الندبيات المرتفعة وألحان قراء المجالس كل مكان في البيوت والطرقات والساحات، وحتى المدارس، وداخل الصفوف، وصولا إلى غرف النوم وغيرها أيضا.
وتابع بأن ذلك المشهد يبقى مسيطرا حتى اليوم الحادي عشر من المحرم، حيث يعود الهدوء والسكينة إلى المناطق كافة، لتبدو كأنها خارجة من عاصفة هوجاء أو إعصار ضربها طيلة هذه المدة، وفق تعبيره.
ولفت إلى أن كل تلك المظاهر الصوتية تختفي مع انتهاء اليوم العاشر من محرم، "ويذهب قراء العزاء إلى بيوتهم سالمين غانمين بالأجر كما يدّعون، وبالأجرة التي تصل إلى آلاف الدولارات كما نعرف، ولا يغيب عن بالنا استمرار إقامة المجالس العاشورائية حتى ذكرى الأربعين، لكن داخل البيوت الأكثر تفجعا، خصوصا عند النسوة بوصفهن الأكثر رقة وحنيّة، هذا بالإضافة إلى المسيرة المركزية لحزب الله في مدينة النبطية في اليوم الثالث عشر"، وفق الكاتب.
وأوضح أنّ كل ما تقدم به لا يعدو أكثر من "توصيف للحالة التي تمر بها المناطق الشيعية، بعدما أضحت هذه الحالة أقرب إلى روتين سنوي يتعايش معه ويستسيغه ويتفاعل معه اللبنانيون".
لكنه تساءل عن الثّمار التي يجنيها المجتمع بعد الانتهاء من إحياء تلك المراسم، حيث يجيب بالقول إن "إجابة السؤال تأتي مثل الصاعقة مع انتهاء اليوم العاشر، حينما تصمت الميكروفونات، وتخرس الأصوات، ويعم الصمت، ويعود الناس إلى حياتهم اليومية وإلى أزماتهم اليومية ومصائبهم اليومية ليهرولوا كما كل يوم صوب الزعماء والأحزاب والعصبيات والشحار والتعتير كأن شيئا لم يكن".
وأضاف ساخرا: "للإنصاف لا بدّ من الإشارة إلى أشياء تستمر وتبقى بعد انقضاء المراسم ولمدة طويلة قد تستمر في أغلب الأحيان إلى العام التالي، وهي اللفتات والخراريق السوداء في الطرق وعلى الأعمدة".
وانتقد عدم نزع اللافتات و"الخراريق" السوداء بعد مراسم عاشوراء، حيث أنها حين تهطل عليها أمطار الشتاء كما في كل عام تتدلى و"تتشحشط" على رؤوس وسيارات الناس، فتزيد منظر البؤس الذي نحن عليه، لافتا إلى أن "ذلك للأسف كل ما يتبقى من مراسم عاشوراء".