فوجيء البريطانيون صباح السبت بصدمة من العيار الثقيل عندما كشفت جريدة "ديلي ميل" أن طائرة بريطانية كانت تقل فوجا سياحيا تعرضت قبل شهرين للاستهداف بصاروخ كاد يصيبها لولا أن الطيار تمكن من الافلات بفارق لحظات قليلة، ليتبين أن السلطات أخفت الحادثة ولم تكشفها للاعلام، حتى تسربت أخيرا بعد سقوط طائرة الركاب الروسية والتي تبين أنها سقطت نتيجة عملية تفجير مدبرة نفذها تنظيم "داعش".
وبحسب الصحيفة البريطانية فإن الحادثة وقعت قبل شهرين، وكادت تودي بالطائرة ومن كانوا على متنها، فيما تقول مصادر قريبة من النظام في مصر إن الصاروخ كان ناتجا عن تدريبات كانت تجري في ذلك الحين، إلا أن عملية تفجير الطائرة الروسية يرجح فرضية أن يكون الصاروخ محاولة استهداف من قبل مقاتلين يتبعون لولاية سيناء في تنظيم الدولة.
ويفتح الخبر الجديد قائمة طويلة من التساؤلات بعد ساعات قليلة من مغادرة رئيس الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي الأراضي البريطانية وانتهاء زيارته إلى لندن، حيث ربما يكون الصمت البريطاني لمدة شهرين عن محاولة استهداف طائرة الركاب السياحية كان بسبب رغبة بريطانيا عدم إفساد زيارة السيسي التي يتم الإعداد لها منذ الصيف.
وأن انكشاف أمر الطائرة البريطانية التي كانت مهددة بصاروخ يفسر لماذا استعجلت الحكومة البريطانية بوقف الطيران إلى مصر وسحب رعاياها السياح من هناك دون انتظار مغادرة السيسي؟ حيث يتبين من تقرير الــ"ديلي ميل" أن الصحيفة علمت بالأمر منذ أيام وبدأت على الفور باجراء اتصالاتها مع المسؤولين لتتأكد من الخبر وتأخذ التعليقات اللازمة منهم، ما يعني أن كاميرون علم قبل أيام بأن "ديلي ميل"؛ وهي الصحيفة الأوسع انتشارا في البلاد عازمة على نشر الخبر، فاستبق ذلك بقرار وقف الطيران وسحب السياح فورا للتخفيف من الانتقادات التي سيتعرض لها.
لكن السؤال الآخر الذي يبدو أكثر أهمية وأكثر إلحاحا في الوقت ذاته، هو لماذا غامر كاميرون بحياة السياح البريطانيين، وتجاهل التهديدات الجدية التي تواجههم في مصر، وأخفى الخبر لمدة شهرين؟ فضلا عن أن الحكومة البريطانية أصدرت تحذيرا أمنيا في شهر تموز/ يوليو الماضي بشأن السفر إلى شرم الشيخ، وهو ما يعني أن لدى الحكومة علم بالتهديدات، وتعززت هذه التهديدات بمحاولة استهداف طائرة بريطانية، ورغم ذلك انتظر كاميرون حتى سقطت الطائرة الروسية ووقعت الكارثة فعلا؟
وصرح محلل سياسي عربي يقيم في لندن لــ"عربي21" قائلا: إن كاميرون كان حريصا طوال الشهرين الماضيين على عدم إفساد زيارة السيسي إلى لندن، وهي أول زيارة له منذ تنفيذ انقلابه العسكري، كما أن إفساد زيارة السيسي ومنع السفر إلى شرم الشيخ كان من الممكن أن يغضب دولة الإمارات التي تمارس ضغوطا على بريطانيا في هذا الإطار منذ العام 2012، وهي الضغوط التي كشفتها أخيرا جريدة "الغارديان" البريطانية، وبالوثائق والمعلومات والأدلة.
وبحسب المحلل الذي طلب من "عربي21" عدم نشر اسمه، فإن اللوبي الإماراتي الذي يعمل في بريطانيا والذي ضغط على كاميرون من أجل دعوة السيسي لزيارة لندن، هو ذاته الذي يبدو أنه تسبب باخفاء الحادثة، وتجاهل التهديدات التي تواجه السياح البريطانيين، حيث لا ترغب دولة الإمارات بأن يتلقى الاقتصاد المصري ضربة جديدة عبر انهيار قطاع السياحة.
يشار إلى أن بريطانيا طلبت إجلاء رعاياها السياح الأربعاء الماضي، وقررت منع السفر إلى شرم الشيخ، وذلك بعد أن تبين بأن الطائرة الروسية التي سقطت في سيناء تم تفجيرها في عملية مدبرة تبناها تنظيم الدولة الإسلامية، فيما جاء القرار البريطاني في يوم وصول السيسي ذاته إلى لندن ليشكل صفعة مؤلمة له، كما جاء القرار البريطاني قبل ثلاثة أيام على الخبر الذي نشرته "ديلي ميل" ما يرجح فرضية أن يكون كاميرون أراد استباق الخبر على الرغم من الإحراج الذي سيسببه للسيسي.