دخلت قوات
البيشمركة الكردية
العراقية، الجمعة، مدينة سنجار شمال العراق من الجانب الشمالي، في إطار عملية استعادة السيطرة على المدينة من قبضة
تنظيم الدولة.
وبدت في مدينة سنجار منازل ومحال تجارية عدة مدمرة إلى جانب سيارات محطمة في الشوارع بينها سيارات عسكرية كانت لتنظيم الدولة.
وأكد بيان لمجلس أمن إقليم كردستان، أن "قوات البيشمركة دخلت مدينة سنجار من أربع جهات لتطهير المدينة من بقايا تنظيم الدولة"، وفق قوله.
وتقدم مقاتلو البيشمركة سيرا على الأقدام داخل المدينة، وهم يحملون أسلحة مختلفة، فيما قام البعض منهم بإطلاق النار في الهواء والهتافات فرحين بالنصر الذي تحقق لهم، وفق شهود.
وشوهدت شعارات على جدران كتبها مقاتلو التنظيم بينها "الدولة الإسلامية"، كما لوحظ وجود كمية كبيرة من مواد متفجرة كانت معدة للتفجير.
ووفقا لمراقبين، فإن "عملية البيشمركة في هذه المرة تبدو خطيرة جدا على تنظيم الدولة، حيث ذكرت مصادر أن عدد المشاركين في العملية التي تنطلق من ثلاثة محاور تجاوز الخمسة عشر ألفا".
وللمرة الأولى، اعترفت "البيشمركة" بقدوم مساندات لها من قبل المليشيات الكردية السورية، حيث أكدت شبكة "رووداو" الإعلامية الكردية أن "قوات البيشمركة السورية شاركت في السيطرة على عدة مناطق وقرى في المحور الشرقي لقضاء سنجار".
وفي تأكيد منهم على معركة الهوية "الكردية"، قال أحد المقاتلين الأكراد السوريين إنه "لا فرق بين القامشلي وسنجار، ونحن على استعداد تام للقتال بأي منطقة في كوردستان، وتحت إمرة رئيس الإقليم مسعود البارزاني".
وعلى غرار معارك القوات العراقية والحشد الشعبي ضد تنظيم الدولة في بيجي، التزم الإعلام الرسمي للتنظيم الصمت التام تجاه التصريحات المتناثرة من قبل الأكراد تارة، ومن قبل الإعلام الحكومي في بغداد، ومن قبل الإعلام الأمريكي أيضا.
فبعد إعلان مسؤول أمريكي لـ"رويترز" أن "تحرير سنجار يحتاج إلى أربعة أيام، وتطهيرها بالكامل قد يستغرق أسبوعا"، أعلنت القيادة العامة لقوات البيشمركة أمس الخميس قتلها أكثر من 100 عنصر من تنظيم الدولة، وإتمامها مهمة استعادة سنجار بنسبة 75 بالمائة، كما أعلنت استعادة 150 كم من الأراضي الكردية التي كانت تحت سيطرة تنظيم الدولة.
واستغلت "البيشمركة"، والحكومة العراقية صمت تنظيم الدولة بإعلان الانتصار بشكل غير رسمي، عبر تبادل التهنئات فيما بينهم، واعتبر مسؤولو "البيشمركة" أن هذه العملية تأتي ثأرا للأكراد عامة، وأكراد الأيزيديين على وجه الخصوص.
وحول عدم دخول قوات البيشمركة للأراضي التي تمت استعادتها بشكل كامل، قال مسؤول كردي إنه "لا يمكننا الدخول إلى هذه الأراضي قبل وصول فريق الكشف عن الألغام والمتفجرات التي خلفها تنظيم داعش وراءه".
وتوقع مراقبون أن يقوم تنظيم الدولة بنقل "السبايا" الأيزيديات إلى الأراضي السورية، خوفا من استعادتهن من قبل "البيشمركة"، بعد أكثر من عام على اختطافهن من قبل التنظيم.
ووفقا لبعض أنصار تنظيم الدولة، فإن "مركز قضاء سنجار لا يزال جزء كبير منه بيد المجاهدين"، وفق قولهم.
وأوضح "أبو الوليد السلفي"، الباحث في الشؤون العراقية، والمقرب من تنظيم الدولة أن "مقاتلي التنظيم اندفعوا نحو المحور الجنوبي في سنجار باتجاه البعاج، وعلى المحور الشرقي باتجاه تلعفر"، مؤكدا أن ما يحدث داخل المدينة أشبه بحرب شوارع.
وأكد "أبو الوليد" أن "قوات خاصة من بريطانيا، وكندا تشارك البيشمركة والقوات الأيزيدية في مهمة استعادة سنجار".
فيما قال الصحفي زياد السنجري، أحد أبناء مدينة سنجار، ومن أشد المعارضين لسياسات "البيشمركة" إن "المعارك تسير ببطء شديد خوفا من المفاجآت التي أعدها التنظيم ضد قوات البيشمركة بإشراف مسعود البرزاني بنفسه".
وبالنظر إلى خطة "البيشمركة" في استعادة سنجار، نجد أن القوات الكردية اعتمدت ثلاثة محاور للانطلاق، حيث تمركز مجموعة منهم شرقي جبل سنجار، ومجموعة أخرى قرب منطقة حردان لقطع الطريق على تنظيم الدولة من جهة تلعفر الاستراتيجية.
فيما تتقدم المجموعة الثالثة من طريق جبل سنجار الذي استعادته "البيشمركة" قبل عام كامل، وهو ما يعني في حالة نجاح الخطة الثلاثية فرض حصار كامل على سنجار.
المتتبع لسير أحداث المعارك في العراق، يجد أن تعليمات المتحدث باسم
التحالف الدولي ستيف وارن، تطبق بحذافيرها، فبعد الانتهاء من بيجي، أوضح وارن أن "تحرير سنجار هو الخطوة الأولى لعزل الموصل عن بقية مناطق التنظيم".
وفي تطور لاحق طرأ صباح الجمعة، أعلن مجلس أمن إقليم كوردستان عن محور رابع للمعركة، لم يتم الإفصاح عنه، مع تأكيد دخول "البيشمركة" لعدد من أحياء سنجار المدمرة.
ولا ينكر الأكراد تأثير الضربات الأمريكية على التنظيم في مجرى سير المعركة، فبالرغم من تغنيهم بشجاعة، وبسالة مقاتليهم، إلا أن الضربات الجوية الأمريكية المركزة على إمدادات التنظيم كان لها الشأن الأكبر في ترجيح كفة المعركة للأكراد، وفقا لمراقبين.
ووفقا لمحللين، فإن تنظيم الدولة يملك القدرة على إطالة عمر المعركة، عبر مفخخاته، إلا أن "الواضح للعيان أن التنظيم لم يحسم بعد طريقة صده لتقدم البيشمركة، وقد يتيح لهم المجال في التقدم وينتقل للسيطرة على مناطق استراتيجية أخرى".
وفي حال خسر التنظيم سنجار، فإن الأشهر الثلاثة الماضية تعد الأكثر سوداوية في تاريخ التنظيم، فبعد خسارته أجزاء كبيرة من بيجي الاستراتيجية، والنفطية، خسر التنظيم نقاط رباطه حول مطار كويرس العسكري في سوريا، كما لم يفلح في قطع الطريق بين حلب، وحماة، بالرغم من سيطرته على قرى موالية للنظام في ريف حماة.