نشرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية تقريرا، حول نجاح
تنظيم الدولة في البقاء وتحوله إلى مصدر رعب في الشرق الأوسط والغرب، وقال إن التنظيم الذي يعادي كل العالم، استفاد من الخلافات الكبيرة بين أعدائه، خاصة بين الولايات المتحدة وتنظيم القاعدة وإيران.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن تنظيم الدولة منذ نشأته في حزيران/ يونيو 2014، استفاد من كل التناقضات والخصومات القائمة بين أعدائه، من أجل البقاء ومقاومة العمليات التي شنتها أطراف عديدة ضده، بل نجح أيضا في توسيع حدوده وإحكام السيطرة عليها، رغم كثرة وقوة من يحاربونه.
وذكرت الصحيفة أنه في صيف سنة 2014، نجحت واشنطن في حشد تحالف دولي يهدف على الورق إلى جمع القوى السنية والغربية من أجل مواجهة تنظيم الدولة، ولكن مع استبعاد أي تحالف مع إيران وروسيا ونظام بشار الأسد، رغم أنهم هم أيضا يفترض أنهم كانوا من أعداء تنظيم الدولة.
وأضافت أن الخلافات امتدت من أروقة السياسة إلى أرض المعركة، حيث إن المليشيات الكردية السورية والعراقية، وفصائل المعارضة السورية المسلحة، وحتى جبهة النصرة وبقية المجموعات الجهادية، تقف ضد تنظيم الدولة، ولكنها كانت تعاني من خلافات وضعف التنسيق بينها، وفشلت في جعل مواجهة هذا التنظيم أولوية مشتركة بينها.
وأشارت الصحيفة إلى أن القوى الإقليمية السنية في المنطقة؛ ركزت جهودها منذ البداية على إسقاط نظام بشار الأسد، ولكنها خلصت فيما بعد إلى أن هذا التنظيم أصبح يشكل خطرا حقيقيا عليها، وهو ما دفعها لقبول المشاركة في عمليات القصف ضد معاقل التنظيم في
سوريا. ولكن المملكة السعودية والإمارات سرعان ما انشغلتا مع التحالف العربي، في شن غارات جوية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن.
واعتبرت الصحيفة أن بشار الأسد وحلفاءه أيضا لا يولون أهمية لمواجهة تنظيم الدولة، رغم أنهم يرفعون شعار مكافحة الإرهاب منذ بداية قمعهم لثورة الشعب السوري، حيث إن قوات النظام وحزب الله اللبناني، الذي يخوض عمليات أيضا في سوريا وخاصة في المناطق الحدودية بين لبنان وسوريا وفي المدن الكبرى في الغرب، يركزان على مواجهة قوات المعارضة المسلحة، بينما تكتفي باستغلال وجود تنظيم الدولة في المنطقة كورقة دعاية وضغط على الغرب، حتى يتظاهر الأسد بأنه يخوض حربا ضد الإرهاب وليس ضد المعارضة.
وأضافت الصحيفة في السياق ذاته؛ أن روسيا التي بدأت تدخلها العسكري في سوريا منذ أيلول/ سبتمبر الماضي، حاولت هي أيضا تركيز عملياتها ضد المعارضة المعتدلة في الغرب، ولم تكن أغلب غاراتها موجهة ضد مواقع تنظيم الدولة، رغم أن هذا كان الهدف المعلن من قرار التدخل. وفي
العراق أيضا لا يبدو أن إيران وحلفاءها من المليشيات الشيعية ملتزمون كثيرا بالقتال ضد تنظيم الدولة، الذي لا يزال على أبواب مدينة بغداد.
واعتبرت الصحيفة أن الغرب أيضا أصابه التردد والتخاذل، وفشل باتخاذ قرار حاسم للتدخل ضد تنظيم الدولة، حيث فضل باراك أوباما عدم التدخل، بسبب عقدة الفشل الذريع والكارثة التي سببها التدخل الأمريكي في العراق. فقد رفض الرئيس الأمريكي مؤخرا إرسال بضعة مئات من المستشارين العسكريين للعراق، وفي سوريا أيضا بعد أن فشلت مساعي عقد تحالف مع بعض فصائل المعارضة المعتدلة لتمويلها وتدريبها، وانتهت واشنطن إلى إرسال 50 من القوات الخاصة إلى سوريا لتوجيه الطائرات من على الأرض، ولكنها لم تفصح عن أي توجهات نحو إرسال المزيد من القوات.
وقالت الصحيفة إن بريطانيا أيضا تبدو مرتبكة ومتأثرة بتدخلها الكارثي في العراق، حيث فضلت عدم التدخل هذه المرة، وقد امتنع البرلمان عن السماح للحكومة بإطلاق عملية عسكرية ضد تنظيم الدولة. كما أن سلاح الجو الملكي البريطاني اكتفى بتوجيه بضعة ضربات خجولة، باستعمال طائرات بدون طيار، من أجل استهداف أشخاص معينين، مثل استهداف جون الجهادي الذي قتل يوم الجمعة الماضي في مدينة الرقة.
وفي الختام؛ اعتبرت الصحيفة أن تنظيم الدولة الذي نجح في مقاومة سنة كاملة من عمليات
التحالف الدولي ضده، وأثبت في الوقت نفسه أنه قادر على نقل المعركة إلى أرض أعدائه في العالم الغربي، يبدو خصما قويا ويزداد الانتصار عليه صعوبة يوما بعد يوم.