للمرة الأولى في تاريخ وزارة
الأوقاف المصرية، تشارك في حملة ترويج للسياحة في مدن
شرم الشيخ والغردقة والأقصر، ما أثار ردود فعل من قبل دعاة ورجال ودين وباحثين؛ انتقدوا في مزاحمة وزارة الأوقاف مؤسسات الدولة الأخرى في شرعنة النظام، وتحولها إلى أذرع دينية للسلطة للهمينة على العمل الدعوي.
الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف
وسخر أستاذ الحديث بجامعة الأزهر وأمين عام جبهة علماء الأزهر، يحيى إسماعيل، من مشهد الدعاة والأئمة بالورود الحمراء، في استقبال السياح الأجانب بزيهم الذي يغلب عليه العري، قائلا: "لكل وقت آذان، ربما يكون هذا تمهيدا لتسمية شرم الشيخ بشرم الشيخة".
وقال لـ"
عربي21": "إن هذا يأتي من باب الأمر بالمنكر، والنهي عن المعروف"، ولا صلة له بشؤون الدعوة أو الدين من قريب أو بعيد"، مضيفا: "بعد تسلط الأدعياء على العمل الدعوي، فلن يقف الأمر عند هذا الحد".
وذكر إسماعيل أن اللورد كرومر، المعتمد البريطاني في مصر، هو من طرح فكرة إنشاء وزارة للأوقاف، "لتأميم الدعوة في عهد الخديوي إسماعيل حتى يوظفوا الدعاة لأغراضهم، وتوجيههم حسب أهوائهم".
وتابع: "أصل الأوقاف أنها هيئة لإدارة أموال على شرط الواقفين، وقامت تحت مسميات عديدة بين أوقاف أهلية، وخيرية، وبرية، لتنظيم موارد المساجد والإنفاق عليها، وتلبية احتياجاتها، ولا صلة لها بالفكر والبيان".
علمنة المؤسسات الدينية
بدوره، اعتبر عضو لجنة الفتوى بالأزهر سابقا، الشيخ هاشم إسلام، أن توجيه عمل الدعاة والأئمة نحو شرم الشيخ والغردقة وغيرهما "يأتي في إطار المحاولات المستمرة لعلمنة المؤسسات الدينية، وشرعنة وجود الحاكم".
وأضاف في حديث لـ"
عربي21": "لا أستثني أي مؤسسة دينية في مصر من السير في ركاب الدولة، والعمل في ضوء التوجيهات التي ترسمها السلطة، لشرعنة ما تريده باسم الدين، ومباركته".
ورأى أن ما يحدث "يسيء للأزهر ومشايخه، وانحراف بالمؤسسة الدينية عن القيام بدورها الطبيعي"، مضيفا: "الأصل في المشايخ والدعاة هو توجيه الناس وإرشادهم، وأن يكونوا قدوة، لا أن ينحرفوا بهم عن جادة الطريق"، بحسب تعبيره.
وحذر الشيخ هاشم إسلام من أن "ما يجري يفقد تلك المؤسسات دورها، ويفقدها احترامها، ويكسر هيبتها، ويصرف الناس عنها، ويفتح الباب أمام دعاة التشدد والتطرف؛ وما يتبعه ذلك من عمليات هرج ومرج هنا وهناك".
البحث عن الأدوار
أما المتحدث باسم حزب الأصالة السلفي، حاتم أبو زيد، فرأى أن اختلاط الأوراق والمهام، من سمات الدولة الفاشلة التي يبحث كل شخص فيها عن دور ليلعبه، من باب الاستعراض والظهور.
وقال لـ"
عربي21": "المشهد الذي تنتهجه وزارة الأوقاف يأتي في سياق استمرار الحالة العبث التي تنتهجها الدولة"، مضيفا: "لا أحد يقوم بعمله، وكل جهة تقوم بأي عمل في أي اتجاه؛ فالدولة تفتقد لبوصلة حقيقية".
وأكد أن إشراك الدعاة والأئمة في الترويج للسياحة "ليس من عمل وزارة الأوقاف في شيء، ولا من عمل المشايخ، وينبغي على كل شخص، أو مؤسسة القيام بالعمل المنوط بها".
ليس من أمور الجد
وعلق الباحث في معهد الدراسات حول العالم الإسلامي والعربي بجامعة مرسيليا، طارق المرسي، على ما تقوم به وزارة الأوقاف في مصر، بالقول: "هو مدعاة للسخرية، ولا يجب الالتفات إليه، وليس من أمور الجد، بل هو هزل، في وقت الجد".
وشدد المرسي، في حديث لـ"
عربي21"، على أنه "يجب الالتفات إلى المصائب التي تحيق بالبلاد وتهدد حياة وعمل ملايين المصريين".
وانتقد القصور في مؤسسات الدولة، وحالة الارتعاش لدى الجميع، قائلا: "الجميع يعرف مدى التقصير في المهام الأمنية، فالأمن منشغل بأمور لا تمت له بصلة، والجيش منشغل بأشياء ليست من مهامه".
واستدرك: "النتيجة الطبيعية أن ترسل مهندسا لإجراء العمليات الجراحية، وترسل الجندي لتحصيل رسوم المرور على الطريق، والشرطي لحماية الشخصيات، فلا يوجد ما يمكن تسميته بدولة تقوم مؤسساتها بالأدوار المنوطة بها؛ بسبب غياب الرؤية والارتباك".
الأوقاف ودعم السياحة
على الجانب الآخر، أكد وكيل أول وزارة الأوقاف لشؤون الدعوة، الشيخ شوقي عبد اللطيف، أن "وزارة الأوقاف لها دور هام في هذا المجال، وهذا الظرف التي تعيشه مصرنا الحبيبة".
وقال لـ"
عربي21" إن على المؤسسة الدينية أن تبرز شيئا هاما للغاية؛ هو أن للسائح الأمن والأمان الكامل، وقد أوصانا الإسلام به، فهو في ذمتنا حتى يرحل عنا في أمن وآمان وحب وسلام".