تشهد مناطق الثوار في
سوريا أزمة وقود جديدة نتيجة ارتفاع أسعارها وندرتها، بعد أن تراجع استخراجها وتدفقها من مناطق سيطرة
تنظيم الدولة باتجاه مناطق الثوار، منذ خمسة أيام. ولم تقتصر الأزمة على مناطق المعارضة، بل طالت مناطق التنظيم أيضا.
شح
المحروقات في هذه المناطق جاء بعد اتباع دول التحالف، بالتعاون مع روسيا، تكتيكا جديدا في محاربة تنظيم الدولة، من خلال قصف مصادره
النفطية بما في ذلك صهاريج نقل النفط، ومراكز تكريره في محافظتي الرقة ودير الزور، ما تسبب بتوقف حركة نقل المحروقات باتجاه مناطق سيطرة الثوار، دون أن يتوفر أي بديل آخر للنفط الخام أو المكرر.
وأعلنت روسيا، على لسان قائد العمليات العسكرية الروسية في سوريا، الجنرال أندري كارتابولوف، أن الطيران الروسي دمر حتى الآن نحو 500 صهريج نفط، كانت تنقل النفط من سوريا إلى مصافي نفط في العراق، خلال الأيام الماضي.
كما أعلنت روسيا تعاونها مع فرنسا في استهداف تنظيم الدولة نفطيا، إذ أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتن سفنه الحربية الراسية في البحر المتوسط؛ بالدخول في اتصال مباشر مع حاملة الطائرات شارل ديغول، التي تستعد لإطلاق طائراتها في سماء سوريا.
وأعلنت الولايات المتحدة أن
التحالف الدولي سيتبع "تكتيكا جديدا" في استهداف مصادر النفط الخاصة بتنظيم الدولة، إذ بدأت الأحد بمهاجمة موكب كبير للصهاريج تجمع في الصحراء شرق سوريا لاستلام النفط المهرب، في البوكمال في دير الزور. وذكر الأمريكيون أنه تم قصف 116 صهريج للنفط.
وتعتبر دول التحالف وروسيا؛ النفط من أهم مصادر تمويل تنظيم الدولة في العراق وسوريا، بعد أن سيطر على منابعه منذ أكثر من عامين.
في المقابل، قال ناشطون ومدنيون سوريون، لـ"عربي21"، إن كثيرا من الأهداف التي تم قصفها من قبل التحالف هي للمدنيين، معبرين عن تخوفهم من أن استهداف النفط سيزيد من أعباء الشعب السوري المنهك أصلا، حيث سيخلق القصف أزمة اقتصادية جديدة.
محمد، وهو صاحب صهريج مازوت يقوم بنقل النفط من دير الزور إلى حلب، قال لـ"
عربي21": "خمسة أيام لم أستطع تحريك الصهريج خوفا من استهدافه من قبل الطيران الحربي الذي لا نعرف هويته، وهو لا يميز بين مدني أو عسكري، كل آلية تتحرك مخصصة للنفط تستهدف، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار المحروقات بشكل كبير"، بحسب قوله.
وأوضح محمد أن "برميل المازوت من مصدره في الرقة أو دير الزور ارتفع من 20 ألف ليرة سورية إلى 45 ألف ليرة"، مشيرا إلى أن الارتفاع ليس مقتصرا على المازوت بل كافة المشتقات".
وتابع أحد المواطنين في مناطق الثوار: "برميل المازوت ارتفع سعره في محافظة إدلب من 23 ليرة إلى حوالي 60 ألف ليرة، وهذا السعر أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمنتجات الزراعية وأجور النقل، وتخفيض ساعات تشغيل مولدات الأنبير، وارتفاع في أسعار الخبز"، كما يهدد هذا الحال بفقدان الآلاف من السكان لعملهم المرتبط بالنفط من سائقين وباعة، في حين أن فصل الشتاء سيترك أثرا آخر على المواطن الذي يحتاج الوقود للتدفئة.
الجدير بالذكر أن القصف الجوي لطيران التحالف الأمريكي والروسي على مصادر النفط رافقه قصف صاروخي روسي بالصواريخ البالستية على الشمال السوري، طالت كلا من ريف حلب وإدلب وحماة، مخلفة عشرات القتلى والجرحى.