فتح رئيس حزب "النور"، الموالي للانقلاب، الدكتور
يونس مخيون، النار على رئيس الانقلاب المصري عبدالفتاح السيسي، وأجهزته الأمنية، محملا إياه مسؤولية ما وصفه بـ"مهزلة الانتخابات البرلمانية، ومسرحيتها الهزلية"، ومتهما جهاز "الأمن الوطني" (أمن الدولة المنحل) بالتضييق على مرشحيه في الانتخابات، والعمل على منع انتخابهم.
وقال مخيون: "فكرنا في الانسحاب من العملية الانتخابية برمتها، التي تعتبر مهزلة، بعدما رصدناه من مسرحية هزلية، لكن الهيئة العليا للحزب اتخذت قرارا بالأغلبية بالاستمرار، حفاظا على أمن الوطن، واستقراره"، بحسب وصفه.
وتابع: "كان يمكن تحقيق هدف إيجاد شخصيات تدعم الرئيس (يقصد السيسي) داخل البرلمان، باعتبار أنه بلا حزب، لكن بشكل أفضل مما يجري الآن، وأخشى أن تؤدي الأزمة الاقتصادية، والكبت الاقتصادي، إلى انفجار يقود للفوضى، وأرى أن مصر في خطر؛ لأن أدوات الحكم التي يستخدمها الرئيس الآن، هي ذات الأدوات القديمة التي تنتمي للدولة العميقة"، وفق قوله.
جاءت تصريحات مخيون في حوار مع صحيفة "النبأ" الورقية الصادرة هذا الأسبوع.
وتأتي هذه التصريحات صبيحة انتهاء المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية، مساء أمس الاثنين، وسط حالة من عدم التفاؤل بين قيادات حزب "النور" وأعضائه، بنتائج الحزب، فيما يتوقع مراقبون أن يتجدد إخفاق الحزب في الفوز بعدد ذي وزن من المقاعد بمجلس النواب المزمع.
وفي حواره مع "النبأ" حمل مخيون بشكل غير مسبوق على السيسي. وقال إن القيادة السياسية (يقصد السيسي) هي المسؤولة عن النظام الانتخابي المعيب الذي جرت في ظله عملية الاقتراع.
وأضاف: "لأن رئيس الجمهورية هو الذي يصدر القوانين في هذه الفترة؛ فإنه المسؤول عما يجري، وعن صدور هذا القانون المعيب، خاصة أنه لم يتم الأخذ برأي القوى السياسية، بالاعتماد على نظام القائمة النسبية، وأنه تم اعتماد نظام القائمة المغلقة المطلقة، وهو نظام ظالم يهدر 49% من أصوات الناخبين"، حسبما قال.
وتابع: "فوجئنا بوجود قائمة تحظى بدعم الدولة، والأجهزة الأمنية، وهي قائمة "في حب مصر"، وغالبا لن يحدث هذا دون علم الرئيس، وهي قائمة تم اختيار أعضائها على أساس المال، ومعظمهم من رموز نظام مبارك"، بحسب قوله.
وحول وجود مخالفات رصدها الحزب في الانتخابات، قال: "بالطبع كان هناك تدخل من أصحاب المال السياسي بشكل لم يسبق له مثيل، وتحت سمع وبصر الجميع، ودون أي تحرك من الدولة لمنعه؛ برغم ما حررناه من المحاضر في هذا الشأن"، حسبما قال.
وبرغم ثنائه الدائم على أجهزة الأمن، منذ الانقلاب العسكري في مصر، إلا أن رئيس حزب "النور" هاجم أجهزة الأمن، هذه المرة، بشدة.
وقال: "كان هناك تربص شديد من الأجهزة الأمنية لعناصر الحزب، وتم تطبيق القانون بحذافيره عليهم، برغم غض الطرف عما تفعله الأطراف الأخرى، كما رصدنا توجيهات صدرت من جهاز الأمن الوطني للعمد والمشايخ بضرورة توجيه الناخبين للتصويت لأي مرشحين بخلاف مرشحي "النور"، ومصر هي الخاسرة مما يجري، ونحمل الرئيس السيسي مسؤولية ما يجري"، على حد قوله.
وعن أسباب عدم تحقيق الحزب للنتائج المرجوة في الانتخابات، قال: "ليس صحيحا أننا لم نحقق نتائج جيدة، ففي ظل هذه الأجواء الظالمة، حققنا ثلث المقاعد وحدنا، فيما حققت القوائم الأخرى التي تضم 52 حزبا الثلثين، لذا فنحن حققنا المرتبة الأولى بتفوق"، وفق وصفه.
وحول رصد مظاهر عن دعم السلطة لقائمة "في حب مصر" (الموالية للسيسي)، قال: "إذا نظرت لمن رتب قائمة "في حب مصر"، وهو اللواء سامح سيف اليزل، ستعلم أنها مدعومة من الدولة، فهو رجل مخابرات، ويكاد يكون متحدثا باسم النظام في وسائل الإعلام، وكذلك هناك تداخل أمني في اختيار أعضاء القائمة، وهذا رصدنا حدوثه، وكذلك توجيهات "الأمن الوطني" التي تحدثنا عنها، والتضييق الذي نعانيه، في مقابل فتح المجال لهم، ودعمهم بالدعاية في كل وسائل الإعلام، وكل هذا جاء لتكسير عظام حزب "النور"، باعتبارنا المنافس الوحيد لهم، وهذه كلها شواهد تؤكد أنها قائمة الدولة"، بحسب قوله.
وبرغم هجومه على السيسي، وتحميله مسؤولية "هزلية الانتخابات"، بحسب تعبيره، إلا أن "النور"، لم ينسحب من الانتخابات، بل دافع مخيون عن الكم الهائل من القوانين التي أصدرها السيسي في غياب البرلمان.
ذلك أنه أجاب عن سؤال يتعلق بأولويات الحزب في مجلس النواب المزمع، في حواره مع "النبأ"، بالقول: "إن أهم هذه الأولويات إنقاذ البلد من الفراغ التشريعي الذي يمكن أن يحدث، إذا مر الأسبوعان الأولان من عمر البرلمان، دون أن يتم النظر في القوانين التي صدرت خلال الفترة الماضية، وإقرارها أو تعديلها؛ لأن الدستور ينص على أنه يجب النظر في هذه القوانين، خلال أسبوعين من انعقاد مجلس النواب، وإلا تسقط ويزول كل أثر لها"، بحسب وصفه.
وأضاف أنه "يمكن تفادي ذلك عن طريق التوافق على تمرير القوانين غير ذات الأهمية، على أن تتم مناقشتها مرة أخرى فيما بعد، وتعديلها أو إلغاؤها نهائيا، والتفرغ خلال الأسبوعين لمناقشة القوانين المهمة التي تمس الحقوق والحريات، مثل التظاهر والإرهاب والخدمة المدنية، خاصة أننا لا نعرف هل سيستمر المجلس المقبل أم لا"، وفق تعبيره.
ويذكر أن حزب "النور" شارك في المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية، وفاز له فيها عشرة مرشحين فقط، كما شارك في المرحلة الثانية التي اختتمت مساء أمس الاثنين، ويتوقع مراقبون ألا يفوز له أكثر من عشرة مرشحين آخرين، مقارنة بفوز 112 مرشحا له في انتخابات 2011/ 2012، حيث حل وصيفا لحزب "الحرية والعدالة"، المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين.