نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا لبيتولا دوفارك، تتهم فيه من سمتهم بالانتهازيين السياسيين، الذين يريدون الترشح للرئاسة، بتقديم أطباق مليئة بالكراهية للمسلمين، منذ هجمات 13 تشرين الثاني/ نوفمبر في
باريس.
وتبدأ الكاتبة تقريرها بالقول: "يبدو أن الأمريكيين تناولوا (الخوف) وجبة رئيسة لعيد الشكر هذا الأسبوع، بدلا من (الديك الرومي)". واتهمت الانتهازيين السياسيين بالتحضير لعيد كراهية بدل عيد الشكر، باقتراحاتهم القبيحة بإغلاق المساجد، وتسجيل المسلمين الأمريكيين، ورفض اللاجئين السوريين من غير المسيحيين.
وتضيف دوفارك قائلا: "إن كنت لا تظن بأن المسلمين يتعرضون للهجوم، فألق نظرة على ما حصل في بلدة فريدريكزبيرغ الأسبوع الماضي. حيث توجد بناية صغيرة لمركز إسلامي هناك، وقفت منذ 27 عاما، ويريد المجتمع المسلم هناك توسيع المركز، فاخترق مجموعة من الكارهين للفكرة اجتماعا للمجتمع المحلي، وكالوا للمجتمعين الشتائم والاتهامات، قائلين إن توسعة المركز تهدد نسيج المجتمع الأمريكي".
ويورد التقرير أن رجلا قال في الاجتماع: "لا أحد يريد طائفتكم الشريرة في هذا البلد، سأفعل ما بوسعي لمنع حصول هذا (التوسعة)؛ لأنكم
إرهابيون".
وتعلق الكاتبة: "لم يكن هو الوحيد الذي ينفث الكراهية، بل كان هناك رجل آخر يلبس قميصا رسم عليه نسرا جناحاه العلم الأمريكي، ومكتوب عليه (أرض الأحرار ووطن الشجعان)، بقي يقاطع المهندسين الذين كانوا يشرحون خطة التوسعة. وقال: (نحن جميعا نقولها:
المسلمون أشرار)، وكان هناك بعض التشجيع من حوله".
وتواصل دوفارك قائلة: "حصل هذا أمام مجموعة من المسلمين، الذين عاشوا ومارسوا عبادتهم في هذا البلد لسنوات طويلة. وبخصوص المركز، فقد دعم بنكا للطعام (للمحتاجين) ووفر مكانا للصلاة، وقام بأنشطة (خطيرة)، مثل (يوم احتفالي في المزرعة) لحوالي ثلاثة عقود".
وتذكر الصحيفة أن القائمين على المركز يريدون توسعته لتغطي مساحته 8000 قدم مربع (743 مترا مربعا)، وهو ما لا يزيد كثيرا على حجم مقهى.
وتستشهد الكاتبة بما قاله جورج بوش بعد هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، ردا على هؤلاء: "في أمريكا ملايين المسلمين الأمريكيين، ولهم إسهام مهم جدا في بلدنا، منهم أطباء ومحامون وأساتذة قانون وأعضاء في الجيش ورجال أعمال وأصحاب متاجر وأمهات وآباء، ونحتاج التعامل معهم باحترام. في لحظة غضبنا وانفعالنا علينا التعامل مع بعضنا البعض باحترام".
ويورد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، أن بوش قال في الوقت الذي فقدت فيه أمريكا حوالي 3 آلاف شخص: "الوجه الإرهابي ليس هو دين الإسلام الحق، إنه لا يمثل ما يعنيه الإسلام، فالإسلام سلام. وهؤلاء الإرهابيون لا يمثلون السلام. إنهم يمثلون الشر والحرب".
وتستدرك الصحيفة بأنه مع هذا، فخلال أسبوع من هجمات باريس، تحول الخطاب الأمريكي بسرعة مخيفة إلى الحديث عن تسجيل المسلمين ومخيمات اعتقال وإغلاق حدود. مشيرة إلى أن "اللهجة الآن أسوأ مما كانت عليها بعد هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر على أرضنا. فالتسجيل بحسب الدين يشبه ما قامت به ألمانيا النازية، وليس بلدا المادة الأولى من دستوره تنص على حرية الدين".
وتتساءل دوفارك:"فلماذا الانحطاط بهذه السرعة، والابتعاد بهذا المقدار عن القيم التي تأسس عليها بلدنا؟ هل لأنه عام انتخابات، وفيه يتاجر السياسيون بتجارة الخوف، وكأنه العلاج المعجزة؟". وتقول: "في المجتمعات في طول وعرض أمريكا نتحول ضد بعضنا، وضد الجيران الذين كانوا جزءا من نسيج المجتمع لعقود طويلة".
ويلفت التقرير إلى أن بلدة فريدريكزبيرغ ملئت بإعلانات علقت على الجدران تحذر السكان من فيضان من اللاجئين السوريين، "وهذا يعني مئات من الرجال المسلمين الذين لم يتم التأكد من هويتهم أو سلامتهم الأمنية، سيجوبون شوارعكم .."، بحسب تلك الإعلانات.
وتؤكد الكاتبة أن "هذا طبعا كلام فارغ، فليست هناك أي خطط لإسكان لاجئين في فريدريكزبيرغ، وعملية التمحيص للاجئين إلى الولايات المتحدة تأخذ من 18 إلى 24 شهرا. كما أن خطة استيعاب بلدنا الكبير لـ 10 آلاف لاجئ سوري، تعني حوالي 200 للولاية الواحدة. أشك بأن ينتهي جميعهم في شوارع فريدريكزبيرغ".
وتقول دوفارك: "للحق علينا أن نقول إنه ليست في فيرجينيا وحدها يوجد هذا الشكل من اللاتسامح. فحاكم ماريلاند لاري هوغان (جمهوري)، انضم حديثا إلى قطيع الحكام الذين طالبوا بإغلاق حدود ولاياتهم أمام اللاجئين السوريين. (وهذا شيء لا يقع ضمن سلطاته ولا سلطات أي حاكم ولاية أخرى ليقوم به)".
ويفيد التقرير بأنه في ميريلاند توقف سائق لمساعدة امرأة معها طفلان، أوقفت سيارتها على جانب الشارع، بسبب ثقب في أحد إطارات السيارة، وقال لها إن اسمه علي ويريد مساعدتها. فسألته إن كان مسلما، فقال لها نعم، وبحسب ما نشره على "فيسبوك"، فإن المرأة قالت له إنها ليست "بحاجة لمساعدتكم أنتم".
وتختم الكاتبة تقريرها بالقول: "حدث هذا في منطقة هوارد، التي تتباهى بالتعددية والترحيب بالجميع، وتنادي بشعار (اختيار الأخلاق)، ولكن الخطاب الذي يسود الشارع الآن أبعد ما يكون عن الأخلاق، وحان الوقت لنا جميعا أن نتوقف عن هذه التصرفات المشينة".