أعربت
مصر لأول مرة عن مخاوفها من فشل المفاوضات التي تجريها مع إثيوبيا حول
سد النهضة، وأعلنت أن استمرار "أديس أبابا" في عمليات إنشاء السد بهذا الشكل المتسارع يجعل التوصل لحل لتلك الأزمة أمرا شبه مستحيل.
وقال مستشار وزير الموارد المائية والري المصري، "علاء ياسين"، إن الوقت ينفد أمام المفاوضين المصريين، وأصبح المسار السياسي للمفاوضات متأخرا كثيرا عن المسار الفني وأعمال البناء على الأرض.
ويشعر المسؤولون المصريون بأن الوقت يداهمهم جراء عدم تحقيق أي إنجاز يذكر في المفاوضات التي تبارح مكانها منذ أكثر من عام، في الوقت الذي تتواصل فيه أعمال الإنشاءات في السد واقتراب إثيوبيا من الانتهاء من المرحلة الأولى للبناء وبدء تخزين المياه وتشغيل محطات إنتاج الكهرباء.
وأضاف "ياسين"، في تصريحات صحفية الثلاثاء، أن مصر تواصل التحضير لعقد الاجتماع السداسي بين وزراء الخارجية والري في مصر والسودان وإثيوبيا، على أن يعقبه عقد الجولة العاشرة للجنة الوطنية الثلاثية لملف سد النهضة التي تستضيفها الخرطوم.
وأوضح أن مصر ستطرح على الاجتماع السداسي الشواغل وعناصر القلق لديها حول سد النهضة لحسمها في أقرب وقت ممكن، مشددا على ضرورة سرعة إسناد الدراسات لجهة استشارية دولية والتأكيد على تنفيذ التوصيات في الوقت المناسب وقبل أن تصبح بلا قيمة إذا فات الأوان.
وذكر "ياسين" إثيوبيا بضرورة الالتزام باتفاق إعلان المبادئ الذي تم توقيعه بواسطة رؤساء الدول الثلاث في الخرطوم في آذار/ مارس 2015، وما يتضمنه من تأكيد على مبدأ عدم الإضرار بمصالح الدول والاتفاق على قواعد ملء خزان السد لأول مرة وكيفية التشغيل السنوي له.
أولويات مصر تتغير
وقال مصدر في وزارة الموارد المائية إن مصر قررت منح الأولوية للمسار السياسي في التعامل مع الأزمة، حيث سيقود وزير الخارجية المفاوضات لتعويض التأخر في المسار الفني وإهدار الوقت الذي تسببت فيه إثيوبيا.
وأعلن أن مصر ستطلب بشكل رسمي من إثيوبيا وقف إنشاء السد بعد إتمام المرحلة الأولى لإنشائه، على أن يتم التفاوض على سنوات الملء والتشغيل قبل بدء المرحلة الثانية.
وكان السودان قد أعلن على لسان وزير الموارد المائية والكهرباء معتز موسى، أن مصر طلبت تأجيل عقد الاجتماع الفني الثلاثي لوزراء الري لبحث الخلافات بين المكتبين الاستشاريين الدوليين الفرنسي والهولندي المكلفين بتنفيذ الدراسات الفنية، لحين عقد الاجتماع السداسي أولا بين وزراء الخارجية والري أولا.
وقال "حسام مغازي" وزير الري المصري، إن بلاده تجري مشاورات مع وزراء الخارجية والري بالسودان وإثيوبيا للتوافق حول تحديد الموعد المناسب لعقد الاجتماع السداسي خلال أيام قليلة.
إثيوبيا ترفض الحل السياسي
وفي مقابل التوجه المصري، كشفت مصادر إثيوبية رفض أديس أبابا القاطع لتحويل الأزمة إلى مفاوضات سياسية عبر عقد اجتماع سداسي يجمع وزراء الخارجية والري في الدول الثلاث، استنادا إلى إعلان المبادئ الموقع بين زعماء الدول الثلاث، والذي نص على تشكيل لجنة فنية تتولى حل الخلاف وإعداد الدراسات الفنية حول السد.
ويقول مراقبون إن إثيوبيا تحرص على إبقاء الخلافات حول إقامة السد في الإطار الفني فقط، لأن المسار السياسي للأزمة سيدعم الموقف المصري، في حين أن نجاح إثيوبيا في إغراق المفاوضين المصريين فى المسار الفني وعشرات التفصيلات الصغيرة منحها الوقت الكافي لاستكمال بناء السد وتحويل اجتماعات اللجنة الفنية إلى ساحة للخلافات التي لا تنتهي.
السودان تتحالف مع إثيوبيا
وازدادت المتاعب المصرية في أزمة سد النهضة بعد التوترات الشديدة التي شابت العلاقات بين القاهرة والخرطوم خلال الأسبوعين الماضيين بسبب الاعتداءات التي تعرض لها مواطنون سودانيون مقيمون في مصر على أيدي قوات الشرطة.
وقتل خلال الأيام القليلة الماضية نحو عشرين لاجئا سودانيا برصاص قوات الجيش المصري أثناء محاولتهم الهرب إلى إسرائيل عبر الحدود المصرية في سيناء، وهو ما دفع السودان إلى تقديم شكوى ضد مصر في مجلس الأمن.
وعلق الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية "هاني رسلان" على هذه التطورات، بقوله في مقابلة تلفزيونية، إن السودان أصبحت متحالفة مع إثيوبيا ضد مصر في مفاوضات سد النهضة، بسبب الخلافات الحادة بين الجانبين.
وكانت وسائل الإعلام الإثيوبية قد نقلت عن وزير الخارجية الإثيوبي "تيدروس أدهانوم"، قوله إن مصر أصبحت في أضعف حالاتها ولا يمكنها أن تدخل في حرب مع إثيوبيا لمنع بناء سد النهضة.
لكن "أحمد أبو زيد" المتحدث باسم وزارة الخارجية المصري نفى صحة هذه التصريحات، موضحا وجود خطأ في ترجمة كلام الوزير.
وأكد "أبو زيد" أن هناك أطرافا خفية في مصر وخارجها، تستخدم الإعلام للإضرار بمصالح مصر السياسية، مضيفا أنه لو صحت هذه التصريحات الإثيوبية لكان شيئا مقلقا جدا".