لا تفتأ إدارة مصلحة السجون
الإسرائيلية، ترتكب الانتهاك تلو الانتهاكات بحق
الأسرى الفلسطينيين، لتنتج مسلسلا لا ينتهي من المعاناة لهؤلاء الأسرى، ولتحول السجون إلى مواقع للانتقام والتنكيل.
وتتنوع أشكال
التعذيب التي تُقرها إدارة السجون، بين المداهمات الليلية، والتفتيش العاري، والعزل الانفرادي، والضرب والتنكيل بأساليب وحشية، ولا تقف عند حد إخلاء الزنازين من غذاء الروح "الكتب" وغذاء الجسد "الطعام"، بالإضافة إلى منع إدخال الأغطية والفُرش، واستبدالها بأخرى بالية قذرة لا تصلح للآدميين.
واستعرض محامي هيئة الأسرى، حسين الشيخ في تقرير لهيئة الأسرى والمحررين، وصلت "عربي21" نسخة منه، واقع الأسرى داخل سجون الاحتلال، مؤكدا أنهم يفتقرون لسبل الحياة الآدمية، خاصة الأغراض الخاصة بفصل الشتاء، موضحا أنهم يتعرضون لسيل جارف من الانتهاكات والتنكيل من قبل الحراس.
اعتداء وحشي
ونقل الشيخ عن عدد من الأسرى، أنهم تعرضوا للاعتداء الوحشي من قبل جنود الاحتلال بالأيدي والأرجل وأعقاب البنادق، خلال عملية اعتقالهم، لافتين إلى أن الجنود لم يتركوا شيئا على حاله في منازلهم وعاثوا فيها الخراب والدمار.
وقال زيد إخليل، من بلدة بيت أمر بالخليل المحتلة، إن جنود الاحتلال اقتحموا منزله في ساعة متأخرة من الليل بغية اعتقاله، وقاموا بالاعتداء عليه بطريقة وحشية.
وأوضح أن إصابته بخمس عشرة رصاصة في الظهر والصدر والقدم لم تشفع له بالاقتياد فقط إلى الجيب العسكري، بل أبرحوا جسده ضربا وصولا إلى سجن "عتصيون". وقال الأسير للمحامي الشيخ، إنه يعاني آلاما قاسية بسبب عدم توفر العلاج اللازم، وفقدان أي مقومات للحياة في ظل البرد الشديد، مطالبا ذوي الاهتمام "بالتحرك الفوري لإنقاذ حياته".
ولا يختلف عنه الأسير أمير ريان، من بلدة بيت دقو برام الله بالضفة المحتلة، حيث أفاد بأنه تعرض للاعتقال من بيته في ساعات الفجر، وأن جنود الاحتلال أوسعوه ضربا ولم يسمحوا له بتناول الطعام أو الماء، على مدار أربع ساعات من الشبح في زنزانة مظلمة وهو معصوب العينين ومقيد اليدين والرجلين. ويقبع الأسير ريان في سجن "عتصيون" جنوب بيت لحم، في ظروف تنعدم معها الحياة، بسب التقرير.
ارتفاع منسوب التعذيب
وبحسب مختصين في شؤون الأسرى، فإن عمليات التعذيب في سجون الاحتلال تزايدت في الآونة الأخيرة في ظل تصاعد أحداث الانتفاضة الثالثة.
ووفقا للمختصة في شؤون الأسرى، أمينة الطويل، فإن سياسة الاحتلال في التعامل مع الأسرى قائمة على "التعذيب والتنكيل وإلحاق الضرر النفسي والجسدي بهم"، مبينة أن ذلك يأتي في سياق "تحقيق التوجه الإجرامي للاحتلال القائم على انتزاع الاعترافات تحت وقع الألم من الأسرى، سواء قاموا بالتهمة الموجه إليهم أم لا".
وكشفت الطويل لـ"عربي21"، عن إجراءات تعذيب جديدة تقوم بها قوات الاحتلال ضد الأسرى، كإطلاق الرصاص عليهم أثناء التحقيق وخاصة الأطفال، ناهيك عن الاعتداء عليهم والتنكيل بهم في قاعة المحكمة، وممارسة التعذيب بهم وقت الإصابة وتركهم دون تقديم العلاج لهم.
سياسة ممنهجة
ومن جهته، اعتبر رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى، عبد الناصر فروانة، أن عمليات التعذيب التي تقوم بها قوات الاحتلال تأتي في إطار "السياسة الممنهجة لتحقيق الردع للأسير، والمواطن الثائر، وأسرته والمجتمع بأكمله".
وقال لـ"عربي21" إن أعداد حالات الاعتقال وآليات التعذيب في الآونة الأخيرة غير مسبوقة، موضحا أن الاحتلال يريد بممارسات التعذيب أن "يبث الرعب والخوف في نفوس الشعب الفلسطيني، باستمرار عمليات التصعيد في الاعتقالات والإعدامات الميدانية، على أمل القضاء على الهبة الشعبية في بدايتها بما يحول دون تطورها واستمرارها".
ومن جانب آخر، رأى فروانة أن الاحتلال يحاول استغلال انشغال الرأي العام بما يجري في الضفة والقدس، ويضيق على الأسرى "للثأر والانتقام منهم ومصادرة ما تبقى لديهم من حقوق، بالإضافة إلى إشغالهم بهمومهم ومشاكلهم، وإرباكهم عبر التنقلات وإحداث حالة من عدم الاستقرار".
وأضاف قائلا: "الاحتلال لا يريد للمعتقلين الجدد أن يؤثروا على الأجواء العامة في السجون لمصلحة التدخل بالشأن الخارجي (خارج السجن)، لهذا أقدمت على كل هذه الممارسات؛ لبعثرة الأوراق، وخلط الأمور داخل السجون"، وفق تعبيره.