تساءلت مجلة "إيكونوميست" عن مستقبل المرجعية الشيعية في
العراق، مشيرة إلى أن آية الله علي
السيستاني يبلغ من العمر 85 عاما، ولا يوجد من يخلفه.
وتقول المجلة إن هناك أماكن قليلة هادئة وآمنة، مثل ضريح علي بن أبي طالب في
النجف جنوب العراق. مستدركة بأن المدارس وآيات الله وطلابهم، الذين يقدر عددهم بحوالي 13 ألف طالب، منشغلون بحرب أقل قداسة، وهي محاولة منع
إيران من السيطرة على النجف.
ويشير التقرير إلى أنه باعتبار طهران الممول الوحيد للأحزاب العراقية، والمزود الرئيسي للسلاح للمليشيات الشيعية، فإنها تملك نفوذا في العراق. ولكن السيطرة على النجف قد تكون هي الجائزة الكبرى.
وترى المجلة أن الشخص الذي يقف بين المرشد الروحي للثورة الإسلامية آية الله علي
خامنئي وتطلعاته لأن يصبح الزعيم الروحي لـ 200 مليون شيعي في العالم، هو رجل الدين المريض آية الله علي السيستاني. لافتة إلى أن الأخير رفض الاعتراف بشرعية ولاية الفقيه، أو مؤهلات آية الله خامنئي. ويقول رجل دين بارز: "السيستاني مصمم، ولا يريد دولة دينية، بل دولة مدنية".
ويكشف التقرير عن أن قادة شيعة بارزين تحول ولاؤهم إلى خامنئي، ومنهم رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، وهو زعيم حزب الدعوة وقوات بدر، التي تعد من أقوى المليشيات الشيعية، ويبلغ تعدادها 20 ألف مقاتل، والتي تضع على ثكناتها صورة المرجعية الإيرانية.
وتجد المجلة أنه في بلد تتفوق فيه المليشيات على القوات العراقية النظامية، فإن هذا يعني سيطرة إيران على كل شيء في البلاد، عدا مناطق الأكراد، والمناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة.
ويلفت التقرير إلى أنه لهذا السبب، فإن السيستاني حاول الوقوف أمام التأثير الإيراني، ووقف عقبة أمام محاولة نوري المالكي البقاء في السلطة لولاية ثالثة بعد انتخابات عام 2014، وقدم دعما غير مشروط لمحاولات رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي الحد من سلطة المليشيات.
وتنقل المجلة عن مسؤولين قولهم إن السيستاني، وباستثناء قتال تنظيم الدولة، ابتعد عن المشاركة في مغامرات إيران الأخرى. مشيرة إلى أن السيستاني رفض أكثر من مرة مطالب حزب الله اللبناني بالمصادقة على مشاركاته في نزاعات متعددة، وعارض تدخل الشيعة نيابة عن الحوثيين في اليمن، ورفض المصادقة على فكرة قتال الشيعة المعارضة السنية في سوريا وكذلك في العراق. وقال إن من يقتل في سوريا دفاعا عن الأسد "ليس شهيدا"، كما سمعه أحد رجال الدين.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن العراقيين في الوقت الحالي لا يزالون يمنحون السيستاني الولاء. وبحسب أحد رجال الدين، فإنه "لا يزال المرجع الذي يحمل مفاتيح النجف". مستدركا بأنه لعدم وجود من يخلف السيستاني، فإن هناك سؤالا حقيقيا يحيط بمستقبل النجف ومدارسها الدينية، خاصة عندما يرحل المرجع.
وتبين المجلة أن أكثر المرشحين حظوظا يعيش في إيران، وهو الشخص الذي يفضله المالكي، وهو محمود هاشمي شهرودي. ومع أنه ولد في النجف، إلا أنه يحتل منصبا مهما في المؤسسة الدينية الإيرانية، ويعد من أقوى مؤيدي خامنئي، وتولى منصب قاضي القضاة لعقود طويلة، وهو عضو في مجلس صيانة الدستور، الذي يشرف على النظر في طلبات الترشيح للبرلمان.
ويذكر التقرير أن مسؤولا في النجف قلل من إمكانية تولي شهرودي المرجعية في العراق، وقال: "تظل النجف صغيرة بالنسبة له، فهو يريد خلافة المرشد الأعلى".
وتلاحظ المجلة أن شهرودي يحاول في الوقت الحالي إبعاد نفسه، ولكن أتباعه يقومون بوضع اللمسات الأخيرة على أكبر حوزة في النجف. وليس بعيدا عن مقر إقامة السيستاني تحضر المؤسسة الإيرانية لافتتاح متحف لآية الله
الخميني، حيث عاش ودرس لمدة 15 عاما قبل نفيه إلى فرنسا.
وينقل التقرير عن الباحث في الشؤون الدينية العراقية سعد سلوم، قوله: "لو مات السيستاني فسنوضع تحت ولاية الفقيه".
وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالإشارة إلى أنه بعيدا عن العراق، فإن إيران تحاول التأثير على شيعة السعودية، وهو ما أثار مخاوف المملكة التي استقبلت حيدر العبادي في الرياض بداية العام الحالي. وكما تنظر العواصم الغربية بترقب لوضع العراق، حيث رأت في السيستاني واحدا من الرموز الإيجابية القليلة في العراق بعد مرحلة عام 2003. وقال دبلوماسي غربي: "الحمد لله أن السيستاني هنا".