حل حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف الأحد في الطليعة في ست مناطق على الأقل من أصل 13 في الدورة الأولى من انتخابات المناطق الفرنسية، جامعا نسبة أصوات قياسية تتراوح بين 27,2 و30,8%، حسب تقديرات مؤسسات استطلاع للرأي.
وأشادت رئيسة الحزب
مارين لوبين بـ"النتيجة الرائعة" التي حققها حزبها، مؤكدة أنها قادرة على "تحقيق الوحدة الوطنية" في البلاد إثر هذا النجاح التاريخي لحزبها. وأضافت: "لدينا القدرة على تحقيق الوحدة الوطنية".
وسارع زعيم المعارضة اليمينية الرئيس السابق نيكولا ساركوزي إلى رفض أي تحالف مع اليسار في الدورة الثانية من هذه الانتخابات الأحد المقبل لقطع الطريق أمام اليمين المتطرف، ما قد يزيد من فرص حزب الجبهة الوطنية في تعزيز نتائجه في الدورة الثانية.
ورفض ساركوزي أي "اندماج" مع الاشتراكيين وأي "سحب" للوائح حزبه (الجمهوريون) الذي قال إنه يمثل "البديل الوحيد الممكن" في المناطق التي قد يفوز فيها حزب الجبهة الوطنية.
وأفادت مؤسسات استطلاع الرأي أن الجبهة الوطنية تقدمت بفارق كبير عن المعارضة اليمينية والحزب الاشتراكي الحاكم في ثلاث مناطق رئيسية، في الشمال في منطقة (نور-با-دي -كاليه-بيكاردي) حيث ترشحت رئيسة الجبهة مارين لوبين، وفي الجنوب الشرقي في منطقة بروفانس-الب-كوت-دازور حيث تقدمت ابنة أختها ماريون ماريشال لوبين، وفي الشرق في منطقة ألزاس-شامباني-أردان-لوران، حيث تقدم فلوريان فيليبو احد منظري الحزب.
وحصلت مارين لوبين في منطقتها على ما بين 40,3 و43% من الأصوات متقدمة على المعارضة اليمينية (24 إلى 25%) وعلى الاشتراكيين (18 إلى 18,4%) حسب تقديرات استطلاعات الرأي.
وجاءت نتائج ماريون ماريشال لوبين أفضل من نتائج خالتها رئيسة الحزب إذ جمعت ما بين 41,2 و41,9% في حين لم يجمع اليمين في منطقة ماريون سوى ما بين 24 و26%، والحزب الاشتراكي بين 15,8 و18,1%.
ودعي 44,6 مليون ناخب فرنسي مسجل للمشاركة في الانتخابات على أن تجري دورة ثانية في الثالث عشر من كانون الأول/ديسمبر.
وبلغت نسبة المشاركة نحو خمسين بالمئة أي أكثر من نسبة المشاركة التي سجلت في آخر انتخابات مناطق عام 2010.
وقال فلوريان فيليبو نائب رئيس الجبهة الوطنية: "يبدو أننا الحزب الأول في
فرنسا بفارق كبير يبلغ نقاطا عدة على تحالف الجمهوريين مع الوسطيين".
وكان الحزب الاشتراكي الحاكم يسيطر حتى الآن على كامل المناطق تقريبا. ولا يبدو أنه سيكون قادرا على الحفاظ على أكثر من ثلاث أو أربع مناطق في الدورة الثانية.
وتوجه الناخبون الفرنسيون الذين لا يزالون تحت وقع صدمة اعتداءات باريس، الأحد، إلى مكاتب الاقتراع للمشاركة في انتخابات المناطق التي تشكل الاختبار الأخير قبل الاقتراع الرئاسي في 2017، وسط توقعات بتمكن اليمين المتطرف من تحقيق تقدم كبير.
وخاطب رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس الـ 44,6 مليون ناخب مسجل قائلا: "ليس عليكم فعل أي شيء سوى التصويت"، معتبرا أن "ورقة التصويت سلاح" في مواجهة الإرهاب.
وتشير استطلاعات الرأي إلى تراجع الحزب الاشتراكي الحاكم في نوايا التصويت. وتمنحه الاستطلاعات ما بين 22 و23 بالمئة من الأصوات مقابل نوايا تصويت لليمين واليمين المتطرف اللذين تحتدم المنافسة بينهما بين 27 و30 بالمئة.
وتنظم الجولة الثانية من الاقتراع الأحد المقبل.
وبعد ثلاثة أسابيع من أسوأ اعتداءات شهدتها فرنسا (130 قتيلا ومئات الجرحى)، يجري الاقتراع وسط إجراءات أمنية مشددة ودوريات لشرطيين وجنود مسلحين حول مراكز التصويت خصوصا في العاصمة، في ظل حالة الطوارئ.
وفي الحي الباريسي الذي شهد هجمات الإسلاميين المتطرفين، أبدى العديد من السكان رغبتهم في التصويت "لأن الحياة مستمرة".
وقال لوران دوبان (36 عاما): "إنه اقتراع لم يتم تفسيره جيدا" حيث "لا يعرف الناس جيدا لماذا يصوتون".
وتبقى صلاحيات مجالس المناطق مجهولة عند الكثيرين في فرنسا، وهي تراوح من إدارة الثانويات إلى مساعدة المؤسسات والإشراف على النقل العام.
وأدلى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بصوته صباح الأحد في "تول"، المدينة الواقعة في وسط فرنسا، وكان رئيس بلديتها لفترة طويلة. وأدلى نيكولا ساركوزي زعيم حزب "الجمهوريين" اليميني المعارض بصوته في الدائرة 16 بباريس. ولم يدل أي منهما بتصريح.
وكان من المتوقع أن يفوز حزب "الجمهوريين" في أغلب المناطق، لكن نوايا التصويت له تراجعت بعد الاعتداءات واتجهت إلى اليمين المتطرف.
وبعد اختراقات كبيرة حققها في الانتخابات البلدية ثم الأوروبية، يبدو حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف قادرا على الفوز في منطقتين أو ثلاث من أصل 13 منطقة في المجموع، ما سيكون أمرا غير مسبوق في البلاد.
وتبدو زعيمة الحزب مارين لوبن الأوفر حظا للفوز في الشمال (نور با دي كاليه بيكاردي) حيث دعت "الوطنيين" إلى "التعبئة".
كما تتصدر ابنة شقيقتها ماريون ماريشال لوبين استطلاعات الرأي في منطقة بروفانس ألب-كوت دازور.
دورة ثانية محفوفة بالمخاطر
وقد تضاعفت الدعوات إلى "التعبئة العامة" في وسائل الإعلام والأوساط الاقتصادية والنقابات لإقناع الفرنسيين بقطع الطريق على الجبهة الوطنية.
وبلغت نسبة المشاركة في الساعة 16,00 ت غ 43,01 بالمئة بزيادة 4 % عن النسبة المسجلة في التوقيت ذاته في 2010 العام الذي شهد مشاركة فرنسي من اثنين في التصويت في انتخابات المناطق.
وإثر اعتداءات باريس، تعزز الخطاب القومي والمعادي للهجرة لحزب الجبهة الوطنية بعد الكشف عن أن اثنين من المهاجمين تسللا إلى فرنسا مع مهاجرين قدموا من اليونان.
وتضع آخر استطلاعات الرأي الجبهة الوطنية في الطليعة في ست مناطق، وتوقعت أن يتمكن هذا الحزب من الانتقال إلى الدورة الثانية تقريبا في كل المناطق.
في المقابل، لم يتمكن الاشتراكيون الحاكمون من الاستفادة حتى الآن من ارتفاع شعبية الرئيس فرنسوا هولاند الذي لقيت تحركاته على صعيد الأمن تأييدا واسعا من الرأي العام.
وتشير الاستطلاعات إلى أن الحزب الاشتراكي، الذي يتصدر كل المناطق منذ انتخابات 2010 باستثناء منطقة واحدة، قد يحتفظ بثلاث أو أربع مناطق. ويعاني الحزب الحاكم من إخفاق السلطة التنفيذية في الحد من البطالة التي ارتفعت إلى 10,2 بالمئة من السكان في تشرين الأول/أكتوبر، وهو أعلى مستوى لها منذ 1997.
كما يعاني من الضعف العام لليسار الذي يتقدم متفرقا في الدورة الأولى، لكنه يأمل في التجمع في الدورة الثانية.
وعلاوة على نسبة المشاركة، فإن نتيجة الاقتراع ستكون رهينة موقف الحزب الاشتراكي والجمهوريين في الجولة الثانية، والتحالفات التي ستعقد لقطع الطريق على الجبهة الوطنية.
وتفتح مكاتب الاقتراع أبوابها حتى الساعة 17,00 ت غ في معظم المدن وفي بعض المدن الكبرى حتى الساعة 19,00 ت غ.
وهذه الانتخابات هي الأخيرة المقررة في فرنسا قبل الاقتراع الرئاسي الذي سيجرى في 2017، وتشير استطلاعات الرأي إلى احتمال تقدم مارين لوبين في الدورة الأولى منه.