وقال المرزوقي في خطاب التأسيس أمام عدد كبير من مناصريه، إنه ترك حكومة حبيب الصيد تعمل دون التشويش عليها، مضيفا: "أعطينا لهذه الرئاسة وهذه الحكومة كل الوقت ليظهروا كفاءتهم في تسيير البلد، وتفادينا كل أنواع النقد السهل والمجاني، ولم نطالب باستقالتها أو بإقالة هذا الوزير أو تلك الوزيرة أمام أداء مخجل".
وتابع قائلا: "كان بوسعنا من منطلق النزاهة أن ندعم ونهنئ ونعرض المساعدة لو كانت الأمور تسير في الاتجاه الصحيح (..) وليس من باب التجني القول بأننا فوجئنا مثل كل التونسيين بأداء فاق في حجم فشله كل التوقعات".
التطبيع مع الفساد
وأشار المرزوقي إلى أن "التطبيع مع الفساد الذي نشاهد عودته بقوة في كل المجالات هو تدمير للروح المعنوية الضرورية لاقتصاد سليم، ولن يكون له تأثير سلبي على مستوى عيش التونسيين فقط، وإنما سيساهم عبر تعطيل الآلة الاقتصادية في تفاقم الإجرام والانتحار والهجرة غير الشرعية والإرهاب"، وفق تعبيره.
ولفت إلى أنه لم ولن يشكك في وطنية أحد عندما يتعلق الأمر بمحاربة الإرهاب "لكن لنا الحق في التحذير من عودة خطاب فج بدائي يدعي أن التضحية بالحرية شرط إجباري للحصول على الأمن".
وتحدث المرزوقي عن "السطحية وغياب الرؤية في التعامل مع الإرهاب والقضايا، خاصة السياسة الخارجية".
كلمات مفتاحية
وتطرق إلى جهوده حين كان في الرئاسة قصد استرجاع الأموال المنهوبة (...) "والسعي لجعل أصدقائنا الأوروبيين يقبلون بتحويل جزء من ديوننا لبرامج إنمائية (...) ومحاولة فتح الأسواق الأفريقية الواعدة لصناعتنا (...) كل هذه التوجهات وقع التخلي عنها (...) ويحدثونك عن تواصل الدولة".
وحدد المرزوقي ثلاث كلمات مفتاحية في قاموسه السياسي بعد الثورة وهي الحوار، والمصالحة الوطنية، والاستقرار.
ولم يغفل المرزوقي الحديث عن موضوع العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، حيث قال: "أي استقرار تبنيه سياسة الائتلاف الحاكم؟ هل ثمة استقرار يبنى على انتشار الشعور بالضيم نتيجة التصالح مع الفاسدين؟ هل ثمة استقرار يبنى على تجاهل المعارضة وتخوينها إن عارضت كما حصل الأمر مع قانون الإرهاب".
العودة إلى طاولة الحوار
وأضاف: "أين هذا الحوار اليوم وقانون المالية يعتمد في غياب المعارضة وبكامل الاستخفاف بها؟ أين الحوار والائتلاف الحاكم يفرض القوانين بمنطق القوة العددية وهو ما رفضناه عندما كنا في الحكم؟".
وتوجه المرزوقي للائتلاف الحاكم "بطلب العودة إلى طاولة الحوار لبلورة إجماع وطني حقيقي وإستراتيجية متفق عليها في قضيتين محوريتين لسلامة الدولة والمجتمع: الإرهاب والفساد، واتفاق استراتيجي ثالث يتعلق بتفعيل العدالة الانتقالية".
وسبق للمرزوقي تأسيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية سنة 2001، حيث طالب في ذلك الوقت بإسقاط نظام بن علي بدلا من السعي لإصلاحه.
وشارك حزب المؤتمر في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2011، وتحصل على المركز الثاني بـ29 مقعدا بعد حركة النهضة التونسية.
انتخب المجلس الوطني التأسيسي منصف المرزوقي رئيسا مؤقتا لتونس في 12 كانون الأول/ ديسمبر 2011 بأغلبية 153 صوتا من إجمالي 217 نائبا.
وخسر المرزوقي في الانتخابات الرئاسية أمام منافسه الرئيس الحالي الباجي قايد السبسي بنسبة 44.32 بالمئة.