كشفت مصادر طبية في مدينة
الفلوجة، غرب
العراق، عن ارتفاع كبير في الحالات المرضية المرتبطة بنقص وسوء التغذية، وخصوصا لدى الأطفال، جراء
الحصار الخانق الذي تعاني منه المدينة.
وأكدت جهات إغاثية عاملة في المدينة اعتماد الأهالي بشكل كبير على استهلاك الأعشاب البرية للتغذية، والحطب للطبخ والتدفئة، بالإضافة إلى استخدام الماء الممزوج بالسكر كبديل أساسي عن حليب الأطفال المفقود منذ شهرين.
وقال المعاون الطبي العامل في مستشفى الفلوجة، أحمد العاني، إن عشرات الحالات التي تعاني من سوء التغذية والتسمم الغذائي ترد بشكل يومي إلى المستشفى، مبينا أن الأطفال يشكلون 85 في المئة من هذه الحالات، وخاصة حديثي الولادة الذين تعتمد أمهاتهم على البدائل المحلية للتعويض عن انعدام حليب الأطفال في المدينة.
وأضاف العاني في حديث لــــ"عربي21"؛ أن أغلب الحالات التي يتم تشخيصها تنحصر في أمراض فقر الدم، ونقص البروتين والهزال الشديد، بالإضافة إلى انتشار حالات الجفاف للأطفال، لافتا إلى انعدام حاد في العلاجات الدوائية داخل المستشفى واقتصارهم على تقديم الإسعافات الأولية.
وبين المعاون الطبي أنهم يقتصرون في الوقت الحالي على تقديم بعض النصائح إلى ذوي المرضى، وتتضمن بعض العلاجات البديلة التي تتم في البيت لعدم قدرتهم على استقبال أي من هذه الحالات داخل المستشفى؛ التي تم تخصيصها حاليا للمصابين في القصف المدفعي والجوي الذي يستهدف المدينة بشكل يومي.
من جهته، يؤكد عضو جمعية "أحفاد الفاروق" العاملة في مدينة الفلوجة، خالد العسافي، أن الحصار المفروض على مدينتهم منذ عامين أجبر الأهالي على استخدام مواد غذائية منتهية الصلاحية، كانت مخزنة في أماكن مخصصة لإتلاف "المواد الأكسباير".
وأشار العسافي في تصريح لــــ"عربي21" إلى أن الطريقة الأخرى لتوفير الغذاء هي من خلال جمع الأعشاب البرية في المناطق النائية المحيطة بمدينة الفلوجة، موضحا أن نباتات مثل الخباز والحمكة والجنيبرا؛ باتت تمثل الغذاء الرئيسي للعدد الأكبر من العائلات الباقية في الفلوجة، التي يزيد عددها عن 5000 آلاف عائلة.
وتابع العسافي أن العائلات تنقسم في الصباح إلى فريقين، يتولى أحدهما جمع الأعشاب البرية، بينما يقوم الفريق الثاني بمهمة جمع أكبر كمية من الحطب والعيدان الجافة التي تستخدم كمصدر وحيد للطبخ وتسخين المياة المستخدمة للاستحمام، فضلا عن التدفئة داخل المنازل بسبب انعدام المشتقات النفطية وغاز الطبخ داخل المدينة.
ويلفت عضو الجمعية الإغاثية إلى أن الأطفال يشكلون الحلقة الأضعف في سلسلة الضحايا داخل المدينة؛ التي ينعدم فيها وجود حليب الأطفال منذ أكثر من شهرين، مضيفا أن هذه الأزمة دفعت بالأهالي إلى استخدام البدائل وفي مقدمتها الماء الممزوج بالسكر.
وفي السياق، تعرض "عائشة سلمان العيساوي" حالة ولديها التوأمين، بلال ومعاذ، اللذين يبلغان من العمر سنة وشهرا واحدا.
وتبدو على الرضيعين آثار الهزال والضعف، وتقول العائلة إنهما يعانيان من الإسهال المزمن، مبينة أنهما لم يتذوقا الحليب منذ 43 يوما، وأن كل المحاولات للحصول على عبوة واحدة من الحليب باءت بالفشل.
وتشير العيساوي إلى أنها تعمل طوال الليل على إرضاع طفليها مزيج الماء والسكر، الذي لم يعد مفيدا لهما، ويتقيآن النسبة الأكبر منه، فيما تعرب عن خشيتها الشديدة من حصول مضاعفات مرضية تزيد من سوء حالتهما المتدهورة أصلا.
وتعيش مدينة الفلوجة منذ كانون الأول/ يناير 2013 في ظل حصار كامل تفرضه قوات الجيش، ثم انضمت إليها مليشيات الحشد الشعبي، حيث يتم منع دخول أي مواد غذائية أو دوائية أو محروقات إلى المدينة.