أعرب خبراء
مصريون تشاؤمهم من المسار الذي سارت إليه الأمور في التعامل مع أزمة سد "النهضة" الإثيوبي، بعد فرض إثيوبيا سياسة الأمر الواقع على مصر، وقيامها بتحويل مجرى نهر النيل، قبل أكثر من 36 يوما، وهو ما لم تعلمه مصر إلا أخيرا، فضلا عن اتجاه الأمور في ختام الاجتماع السداسي لوزراء الخارجية والري في كل من مصر وإثيوبيا والسودان، بالخرطوم الاثنين، إلى الاتفاق على خوض جولة مفاوضات جديدة.
وتوقع الخبراء موافقة إثيوبيا على اختيار مكتب فني آخر يعمل بجوار المكتب الفرنسي الذي اختارته هي لتحديد مدى مخاطر السد بتركيبته الحالية، وطريقة تشغيله على مصر والسودان، وذلك بعد أن وجهت لطمة قوية لمصر، في جلسة الأحد بإعلانها رفض الملاحظات الفنية التي تقدمت بها.
ويأتي ذلك فيما أكد وزير الخارجية
السوداني، إبراهيم غندور، أنه من المحتمل أن يتم عقد اجتماع سداسي آخر لوزراء الخارجية والمياه من مصر والسودان وأثيوبيا، بعد أسبوعين، حال عدم التوصل إلى اتفاق حول النقاط العالقة بين مصر وأثيوبيا.
وفي السياق نفسه، أكد أستاذ الزراعة بجامعة القاهرة، الدكتور نادر نور الدين، أن الاجتماع السداسي لن يحسم أي أمور، بل إنه ربما يزيد الانشقاقات بين الأطراف، ما سيدفع لتأجيل المناقشات إلى يناير المقبل.
وأضاف الاثنين أن إثيوبيا تتصرف حتى هذه اللحظة بشكل منفرد، ولا تعتبر أن لها شركاء، رافضة الحديث عن تقسيم المياه، وتحديد حصة مصر.
في السياق نفسه، قال وزير الري المصري الأسبق، محمد نصر علام، إن ما حدث من إثيوبيا كخطوة استباقية بتحويل مجرى المياه المؤقت ينذر بالخطوة المقبلة، مشيرا إلى أنه يتبع تحويل المجرى المؤقت إلى رئيس، وغلق المجرى المؤقت، ومن ثم بدء التخزين، مؤكدا أنه خلال 5 شهور سيكون السد اكتمل، وتبدأ مرحلة التخزين.
وأشار علام إلى أن الأمر كله يتوقف على دور مصر في الاجتماع السداسي، مؤكدا أنه غير متفائل لتأخر مصر في اتخاذ موقف جاد وصارم إلا في اللحظات الأخيرة.
وتابع بأنه في حالة عدم التوصل إلى حل سيبدأ الضرر في الوقوع على مصر ابتداء من بدء التخزين، مشيرا إلى أنه سيقل منسوب حصة مصر من المياه، أما الكهرباء فستتأثر على مدى السنوات.
وفي القاهرة، كشف السفير السوداني، عبدالمحمود عبدالموجود، أن الوفد المصري طالب بأن يكون ما تم الاتفاق عليه خلال اليوم الاثنين سريا، وألا يتم الإعلان عنه لوسائل الاعلام، وهو ما صادق عليه وفدا السودان وإثيوبيا، بحسب قوله.
ونقلت صحيفة "الوطن"، الاثنين، عن مصادر مطلعة قولها إنه تم اختيار المكتب الاستشاري الفرنسي "التريا" لإجراء الدراسات الفنية الخاصة بـ"
سد النهضة"، مشيرة إلى توافق الوزراء المشاركين في الاجتماع السداسي للسد، حاليا، على اختيار مكتب بديل للهولندي "دلتارس" لإجراء الدراسات الفنية، على أن تكون له نسبة 30% من الدراسات الفنية فقط، ويقدم المكتبان عرضا مشتركا للجنة الوطنية.
وأضافت المصادر: "من المتوقع أن يتم ضغط الدراسات الفنية لـ9 أشهر بدلا من 11 شهرا، تمهيدا للبدء في تنفيذ التوصيات بعد عرضها على الدول الثلاث، ملمحة إلى الإعلان رسميا عن اسم المكتب الجديد في ختام الاجتماعات مساء اليوم".
وأكدت المصادر، بحسب الصحيفة، أنه تم الاتفاق على تخزين 3 ملايين متر مكعب لتجريب السد، بناء على طلب إثيوبيا، على أن يتم التخزين الفعلي عقب الانتهاء من إعداد الدراسات الفنية، مشددة على أن الكمية غير مؤثرة على واردات مصر من المياه.
إهانة وزيري السيسي
إلى ذلك، كشفت تقارير صحفية مصرية، الاثنين، النقاب عن إهانة تعرض لها وزيرا الخارجية والري، سامح شكري وحسام مغازي، خلال مشاركتهما في الاجتماع السداسي، الأحد.
وكانت خيمت علي الاجتماع، الأحد، أنباء قيام إثيوبيا بتحويل مجرى مياه النيل لتعبر سد النهضة، ما اعتبر مراقبون أنه يعني انتهاء أديس أبابا من تنفيذ جانب كبير من إنشاءات السد، مستفيدة من إضاعة الوقت في المراوغة مع الجانب المصري خلال المفاوضات الجارية في الخرطوم.
وأكد وزير الخارجية السوداني أن تحويل مجرى النيل لم يتم أمس الأول، كما تداولت وسائل الإعلام، وإنما تم قبل 36 يوما، وقد بدأت توربينات توليد الكهرباء في العمل بأربعة أنفاق في السد.
وأوضح أن الإعلام المصري لم يعلم ذلك إلا أمس الأول، إلا أنه أبلغ وزير الخارجية المصري سامح شكري بأن يستفسر من الجانب الإثيوبي عن توقيت الإعلان الإثيوبي عن التحويل قبل بدء الاجتماع السداسي.
وعلى صعيد الاجتماع نفسه، تأخر وصول الوفد الإثيوبي أكثر من 30 دقيقة عن الاجتماع، بدون أي عذر أو مبرر، ما أثار حفيظة وامتعاض الوفد المصري بسبب هذا التأخير، الذي حرص على حضور الاجتماع منذ التاسعة صباحا، وتواجد في القاعة الرئيسة لفندق السلام.
ورفض الوفد الإثيوبي المشارك في الاجتماع مصافحة وفد مصر عند بدء الجلسة الافتتاحية للمفاوضات.
ولم يتبادل وزير الخارجية الإثيوبي تواضروس إدهانوم، ونظيره سامح شكري، عبارات التحية، ولم يتصافح الوزيران.
وفي كلمته، تعمد الوزير الإثيوبي أن يمتن على المصريين بمشاركة بلاده في الاجتماع، قائلا إن مواصلة الاجتماع السداسي للمرة الثانية بالخرطوم خلال أسبوعين، توضح التزام بلاده باتفاق مبادئ سد النهضة، الذي وقعه قادة الدول الثلاث في آذار/ مارس الماضي، مشيرا إلى أن الاتفاق يربط بين مصر والسودان وإثيوبيا بشراكة تاريخية.
صحف مصرية: الحكومة آخر من يعلم
كشفت صحيفة "الشروق"، الاثنين، أنها علمت من مصادر سودانية حضرت الاجتماع السداسي، أن إثيوبيا فجرت مفاجأة جديدة خلال الجلسة المغلقة الأولى من الاجتماعات، وطلبت موافقة مصر والسودان على تخزين 3 مليارات متر مكعب من المياه خلف السد، بعد تحويل مجرى النيل على أن تكون هذه الخطوة ضمن الإجراءات الإنشائية للسد، ولا تعني بداية التخزين الفعلي، لا سيما أن الإنشاءات لا تزال قائمة، ولم يكتمل بناء السد بعد، لكن استكمال البناء يتطلب بداية التخزين حتى يمكن اختيار السلامة الإنشائية للسد والأنفاق وبوابات التحكم".
.
وذكرت "الشروق" أن الوفد المصري رفض - بشدة - الطلب الإثيوبي، مؤكدا أن إقدام إثيوبيا على تنفيذ هذه الخطوة يعني كسر وثيقة إعلان المبادئ التي وقع عليها الرؤساء، التي تتضمن في البند الرابع التزام إثيوبيا بعدم تخزين أي كميات من المياه في السد، دون انتهاء الدراسات الخاصة بذلك، وبموافقة مصر والسودان معا على هذا الإجراء.
وهاجمت "الوفد" الحكومة المصرية. وقالت: مياه النيل عبرت سد النهضة والحكومة آخر من يعلم.. وزير خارجية السودان يكشف بدء عمل توربينات الكهرباء قبل 36 يوما.. شكري علم بالإجراء الإثيوبي من الخرطوم.. ومغازي يبرره بأنه "إعادة المياه لمجاريها".
وقالت "الأخبار": الوفد الإثيوبي يثير أزمة ويرفض مصافحة الوفد المصري في الخرطوم.. مصادر: أديس أبابا تبدأ تخزين المياه يوليو القادم.