إذا كنت زائرا إلى
الضفة الغربية لأول مرة، ستصاب بالدهشة وأنت تسير بين مدن، وتخال نفسك في تل أبيب أو إحدى المدن الكبرى الأخرى؛ حيث ترى الأعلام
الإسرائيلية ترتفع على أعمدة الإنارة، بينما تمتد يافطات انتخابية لحركات إسرائيلية، إضافة إلى الشواخص المرورية المكتوبة باللغة العبرية، وتشير إلى المستوطنات، مهملة المدن والقرى
الفلسطينية.
ووصف المواطن الفلسطيني فادي عامر، لـ"عربي21"، هذه الظاهرة بقوله إن المسافر من مفترق زعترة، بين مدينتي نابلس ورام الله، وحتى بلدته، يشعر كأنه جزء من "مدينة إسرائيلية"، من حيث أن القسم الأكبر من السيارات ذات لوحات تسجيل إسرائيلية، وتضع الغالبية منها أعلاما إسرائيلية وشعارات لمنظمات عنصرية يهودية.
هو مشهد يوصف بأنه صراع صامت على هوية الضفة الغربية، بين الفلسطينيين والمستوطنين. فالراصد لمسار الطرق في الضفة الغربية يلمس مدى منهجية الاحتلال في تهويد الشوارع. وفي المقابل، يواجه الفلسطينيون تلك الخطوات بإظهار فلسطينية الأرض والشوارع، من خلال رفع الأعلام الفلسطينية وإزالة شعارات الاحتلال.
رفع العلم الفلسطيني يقابله الاعتقال
وكشف الشاب محمد حمدان، من بلدة بيتا جنوب نابلس، لـ"عربي21"، أن عددا من شبان البلدة اعتقلوا لقيامهم برفع الأعلام الفلسطينية على أعمدة الإنارة والهاتف على الطريق الرئيسي بين نابلس ورام الله، المحاذي للبلدة، وأنه تمت ملاحقة شبان بالتهمة ذاتها من بلدة يتما المجاورة.
ورأى عضو اللجنة الشعبية لمقاومة الاستيطان في جنوب نابلس، بشار القريوتي، أن "إسرائيل" تسعى من خلال وضع لافتات باللغة العبرية وأعلام إسرائيلية لإخفاء المعالم الفلسطينية والإيحاء بيهوديتها.
وأضاف القريوتي لـ"عربي21": "إن وجود لافتات وأعلام عبرية في طرق الضفة الغربية هو ما يوضح الجهد الذي يبذله الاحتلال ومستوطنوه لتكريس المسميات العبرية، وطمس الأسماء الأصلية للمكان".
وعزا القريوتي التقصير في هذا الجانب من جهة الفلسطينيين إلى الاحتلال، والحاجة لموافقته على المشاريع التي تنفذ في المناطق (ج)، والتي تقع معظم الشوارع الرئيسية فيها.
ورأى القريوتي أن الشعب الفلسطيني يواجه معركة شرسة مع الاحتلال والمستوطنين، فهو شعب أعزل ولا يستطيع المواجهة مقابل القوة التي يمتلكها الجيش الإسرائيلي. وتابع: "هناك عملية تجهيز وتدريب وتوجيه لعصابات تدفع الثمن في كافة المناطق الفلسطينية من قبل الحكومة الاستيطانية لما بعد الهبة الشعبية الجماهيرية"، وفق قوله.
تهويد للحجر والشجر
ويعمل المستوطنون على إزالة الشواخص العربية والشعارات الفلسطينية، كما قال مدير هيئة شؤون الجدار في شمال الضفة الغربية، قاسم عواد.
وذكر عواد، لـ"عربي21"، أنه "منذ فترة رصدنا قيام المستوطنين بخلع اللوحات التعريفية للأحياء والشوارع العربية، واستبدالها بلوحات تحمل أسماء عبرية كتبت بالغتين العبرية والإنجليزية".
وأوضح عواد أن الهدف من ذلك هو "تغيير أسماء الأحياء والشوارع، وتهويد المدن الفلسطينية، تحديدا أمام حركة السياح الذين يتوافدون الى المدن التاريخية بشكل دوري"، بحسب قوله.
ولفت عواد إلى أن "المستوطنين وجيش الاحتلال يهدفون إلى تزوير الحقائق وتغييرها أمام السياح والزوار الأجانب، وسرقة هويتها وتاريخها، وطمس معالم من التاريخ العربي الفلسطيني والإسلامي والمتجذرة في المدينة منذ آلاف السنين".
وأكد أن هذه الخطوات الإسرائيلية تأتي في إطار السياسة
التهويدية المستمرة للطرق والمدن الفلسطينية والمستمرة منذ احتلالها عام 1967، إلى جانب الاعتداءات اليومية للمستوطنين على منازل المواطنين في قلب المدن والقرى الفلسطينية".
من جهته، طالب مركز "عدالة" الحقوقي الذي يعمل في صفوف فلسطينيي 48، بإبطال قرار وزاري إسرائيلي يقضي بتحويل لافتات الطرق في الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1948، علاوة على القدس المحتلة، إلى الصياغات العبرية بدلا من الأسماء العربية.