تحت شعار "لا خير في عالم يصمت على إعدام بريء"، أطلق نشطاء وحقوقيون وسياسيون في بعض الدول العربية والغربية حملة بعنوان "
رسالة بريء"، رفضا لأحكام الإعدام التي تصدرها سلطة الانقلاب في
مصر، وتضامنا مع متهمي القضية رقم 12749 لسنة 2013 جنايات الجيزة، والمعروفة إعلاميا بـ"اقتحام قسم
كرداسة".
وتصدر محكمة النقض الأربعاء، حكمها في الطعن المقدم من المتهمين بقضية كرداسة ضد الحكم الصادر في شباط/ فبراير 2015 من محكمة جنايات الجيزة بالإعدام، البالغ عددهم 183 شخصا، بزعم تورطهم في أعمال عنف خلال فض اعتصامي "رابعة والنهضة".
ونشرت حملة "رسالة بريء" على صفحتها الرسمية على موقع "فيسبوك" العديد من الفيديوهات بعدّة لغات مختلفة، التي شارك فيها نشطاء وحقوقيون وسياسيون من بعض الدول، للتأكيد على رفضهم الكامل لممارسات سلطة الانقلاب وقضائها الذي قالوا عنه إنه غير محايد تماما ويفتقد للنزاهة،
وأصبح أداة باطشة وظالمة في أيدي العسكر ضد معارضيهم.
وتعود أحداث قضية كرداسة إلى اتهام 188 مواطنا في نوفمبر 2013، بزعم اقتحام وقتل 11 من أفراد الأمن وشخصين مدنيين، وتم الحكم بإعدام 183 (149 حضوريا و34 غيابيا)، بعد محاكمة "عصفت بكل معايير المحاكمات العادلة"، وفقا لبيان الحملة، وحُكم بالسجن 10 سنوات على الطفل علي محمد فرحات صالح (مودع بالمؤسسة العقابية بمنطقة المرج في القاهرة).
ومن بين المتهمين في هذه القضية سامية محمد حبيب شنن (50 عام)، وهي أول سيدة مصرية يصدر بحقها حكم بالإعدام، وقد تعرضت -بحسب الحملة- لشتى أنواع الإيذاء والتعذيب النفسي والبدني على أيدي قوات الشرطة.
وأشارت حملة "رسالة بريء" إلى أنه تم "تنفيذ حكم الإعدام قبل صدوره من المحكمة بالإهمال الطبي المتعمد من إدارة سجن وادي النطرون بحق الدكتور محمد السيد الغزلاني، ومحمود الروبي"، لافتة إلى أن هناك 106 شاهدي إثبات بالقضية منهم 85 من أفراد الشرطة، كانوا بمثابة دليل الإدانة الوحيد للعديد من الحالات.
وأوضحت -في بيان لها- أن قوات الأمن قامت وقتها باقتحام العديد من المنازل في "كرداسة"، وتم تدمير محتويات أكثر من 17 منزلا بشكل كامل، وتمت سرقة متعلقات خاصة وثمينة (أموال، وذهب، وأجهزة إلكترونية، وهواتف محمولة)، وتم حرق خمسة منازل، ومُنع الأهالي من إخمادها، وتم اعتقال من حاول إطفاءها.
وشدّدت الحملة على أن المعتقلين تعرضوا للتعذيب، من خلال التجريد من الملابس، والضرب بالأسلاك الحديدية والعصي والصواعق الكهربائية، والتعليق، وذلك بشكل انتقامي لإجبارهم على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها من الأساس، وأن آثار التعذيب ظهرت بشكل واضح عليهم أثناء التحقيق، ودون حضور المحامين.
بدورها، قالت حملة إعدام وطن -أحد الكيانات المشاركة في حملة "رسالة بريء"- :" بدأت السنة السادسة عشرة في الألفية الثالثة الميلادية ومصر ترزح تحت حكم
الانقلاب العسكري؛ فها هم أبناء كرداسة ينتظرون نظر النقض لأحكام الإعدام الجائرة بحق 183 منهم بتهم لم يرتكبوها، بل ولا يعقل لبعضهم أن يكون طرفا فيما نسب إليه!".
وأضافت -في بيان لها مساء الثلاثاء- :" فبعد أن فقدوا شبابا من خيرة أبناء كرداسة مع غيرهم من شرفاء الوطن في رابعة والنهضة وغيرهما من الشوارع والميادين ومقار الاحتجاز وأقسام الشرطة ومقار أمن الدولة والمزارع وحتى داخل البيوت وعلى أسرة النوم، بعد هذا كله وغيره ما زالت عائلات "كرداسة" تنتظر مصير أبنائها من علماء ومعلمين وأئمة وطلبة وغيرهم من كل الفئات العمرية والاجتماعية، بمن فيهم الحاجة سامية شنن".
وأضافت قائلة:" أهلنا يقبعون في سجون لا آدمية بعد أن تعرضوا لتعذيب شديد للضغط عليهم؛ للاعتراف بتهم ملفقة، هذا بخلاف تجاوز مدد اختفائهم في سجون وأماكن احتجاز غير قانونية، وهم الآن في سجن وادي النطرون سيئ السمعة وغيره يواجهون انتهاكات جسيمة من تجويع ممنهج، وحرمان من المياه النظيفة والدواء، وحرمان من الحق في الزيارة أو التريض، وكذلك الحرمان من إدخال أغطية أو ملابس شتوية في الجو البارد".
وأكدت "إعدام وطن" أن هؤلاء "الأبرياء الأنقياء الأسوياء لا يستجدون ولا نستجدي باسمهم حنانا من ظالم أو رحمة من مستبد، بل إننا وهم على العهد نطالب بحقنا في تحرير وطننا وانتزاع حقوقنا والقصاص من ظالمينا على جرائمهم التي لا تسقط بالتقادم".
وذكر حسين صالح، أحد مؤسسي حملة "رسالة بريء"، أن الحملة هي صوت لكل شخص متهم ظلما في هذه القضية المسيسة تماما (كرداسة)، وهي محاولة لإيصال صوتهم لشعوب العالم بمختلف اللغات، مضيفا :"نطالب شعوب العالم بمساندة هؤلاء المواطنين، والوقوف بجوارهم، وهذه أبسط حقوقهم الإنسانية".
وقال في تصريح لـ"
عربي21": "نقوم باستعراض الحالات بشكل مفصل، وتوضيح كافة الانتهاكات والمخالفات بحقهم، فهؤلاء المتهمون تم حرمانهم من الدفاع عن حقوقهم وأنفسهم".
وأشار إلى أن هذه هي الانطلاقة الثانية للحملة بعد الانطلاق الأول لها في قضية عرب شركس، مستطردا:" التعريف بالظلم يمثل أداة ضغط حقيقة على الأنظمة المستبدة".