نشر موقع "ميدل إيست مونيتور" تقريرا للكاتب أليستر سلون، ينقض فيه الآراء القائلة بأن
السعودية أصبحت على وشك الانهيار، ويسخر من خبر على برنامج "نيوزنايت" على "بي بي سي"، حذر فيه المحرر الدبلوماسي مارك إربان من أن
اقتصاد السعودية بات على وشك الانهيار، ويقول إنه قدم عرضا يوحي بأن النهاية قادمة قبل نهاية العام، ويشير إلى أن إحدى شرائح العرض ذكرت أن احتياطي السعودية النقدي قد تراجع إلى 650 مليار دولار أمريكي.
ويعلق سلون قائلا: "أتعرفون كم هو احتياطي المملكة المتحدة؟ إنه عشر ذلك المبلغ. وما هي نسبة الاقتراض إلى الناتج المحلي الإجمالي؟ إنها 90%. أما بالنسبة للسعودية، فذلك الرقم يحوم حول 2%، وهي أقل نسبة اقتراض إلى الناتج المحلي الإجمالي في العالم".
ويشير التقرير إلى أن "حجة الـ (بي بي سي) في تقريرها كانت هي أن الرياض تنفق على الأسلحة كثيرا، ما سيتسبب لها بالإفلاس. ولكن هذه مشتريات تقررها الحكومة، وهم لا ينفقون أكثر من أي دولة أخرى على الطائرات والدبابات ومنصات الصواريخ، فهم يختارون شراء تلك الأسلحة، وبإمكانهم الاختيار ألا يشتروها، ويوفروا أموالا طائلة. كما أن لدى السعودية سهما آخر في جعبتها المالية، ألا وهو الضرائب، فهي لا تفرض أي ضرائب إلى الآن، وعلى الأقل على المواطن السعودي".
ويجد الموقع أنه "لذلك فإن فكرة أن السعودية سوف (تفلس في غضون 5 سنوات)، كما قالت (الجزيرة) من فترة قصيرة، هي ضرب من الخيال، بل إنه لا يزال بيد الملك سلمان وحلفائه الكثير من الخيارات للاستمرار".
ويقول الكاتب: "مع ذلك فإن مثل هذه التقارير جعل البعض يعتقد بأن
آل سعود أنفسهم على وشك الانهيار؛ بحجة أنهم دون الأموال اللازمة لتغطية نفقات نظام التضامن الاجتماعي السخي للمملكة، فإنهم لن يستطيعوا الحفاظ على النظام".
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن الحكومة السعودية قد دفعت لمواطنيها 100 مليار دولار إضافية بعد سقوط الرئيس مبارك عام 2011. مستدركا بأن الوضع تغير الآن، ولم تعد هناك حاجة لمثل هذه الإجراءات المكلفة، فوضع العمل جيد، حيث ارتفعت نسبة التوظيف بين السعوديين ضعف معدل التوظيف بين غير السعوديين، وأعطيت النساء حق الترشح والتصويت في الانتخابات البلدية، وأرضى ذلك نصف المجتمع تقريبا.
ويرى الموقع أن "إلقاء نظرة على المنطقة يعطي حافزا آخر للسعوديين لمقاومة التغيير، فبينما قد تكون نجحت الثورة في تونس، إلا أنها تحولت إلى فقر وجوع ومذابح في كل من مصر واليمن وسوريا. فآل سعود في نظر الغالبية السنية من الشعب، على الأقل، أكثر شعبية بكثير مما يصوره الإعلام الغربي. وهذا ليس دفاعا ولا كذبا".
ويتساءل سلون: "ماذا سيحصل لو انهار حكم آل سعود؟ سيملأ تنظيم الدولة الفراغ في لحظة، أو على الأقل منظروهم المتعصبون، فتخيل أن تكون مكة والمدينة لقمة سائغة؟ إن أبا بكر البغدادي لا يستطيع انتظار تلك الفرصة".
ويقول الكاتب: "أما
إيران، فهل يتوقع أحد أن أفضل المفكرين التكتيكيين في المنطقة، وهم سادة التكتكة الذين رقص الغرب على اللحن الذي يعزفونه، سيدخلون في صراع مسلح كامل مع السعودية؟ ولماذا تفعل إيران ذلك وتتسبب في تدخل أمريكي، وحتى إسرائيل قد تحاول، فهي تفعل ذلك عندما يكون العدو ضعيفا (مثل سوريا)".
ويضيف سلون: "صحيح أنه قد مرت فترة طويلة على الحرب العراقية الإيرانية، ولكن ذاكرتها لا تزال موجودة، فما الذي سيجعل روحاني يختار صراعا مباشرا كانتقام لإعدام الشيخ نمر
النمر، بينما يستطيع أن يفعل ما أتقنته إيران تماما من خلال عقود من التجارب والأخطاء المؤلمة والإحراج (الحرب بالوكالة)".
ويتابع الكاتب: "على عكس ما يتخيل البعض، فإن الحرب بالوكالة ليست عبارة عن اتصال من الحرس الثوري بحزب الله أو حركة حماس، يطلبون منهم تفجيرا هنا أو هناك، بل هي لعبة معقدة يتم فيها الدفع للقادة المناسبين، والتعرف على المجموعات القادرة، وعدم إعارة الاهتمام للمغامرين المتبجحين والمغرورين، وتوفير السلاح للناس المناسبين وفي الوقت المناسب".
ويفيد سلون بأن "تركيا بدأت تتحسن في هذا المجال، وباكستان بارعة في هذه اللعبة، ولكن يمكن القول بأن الإيرانيين هم أسياد هذه اللعبة. المخابرات السعودية ضعيفة (وكذلك المخابرات البريطانية والأمريكية وكل الآخرين تقريبا) والإيرانيون يعرفون ذلك. هناك مجال للتصعيد في اليمن، وكذلك في سوريا. كما أن هناك إغلاق للسفارات، وسفارات يخربها المتظاهرون، وكثير من الأفعال التي تغذي المشاعر القومية، ولكنها لا ترقى إلى صراع، فوقوع حرب بين البلدين بالتأكيد لن يحصل".
ويبين الكاتب أنه "لذلك فإن كان الانهيار الاقتصادي غير وارد، والثورة الشعبية غير محتملة، والغزو الإيراني هو مجرد خيال، فماذا يمكن أن يحصل غيره؟ تبقى المنطقة الشرقية هي أكبر مشكلات السعودية. وكان إعدام الشيخ نمر النمر إخفاقا استثنائيا للعدالة، وحتى لو كان النمر ناريا، فإن قتله مع الإرهابيين كان خطأ، ومع ذلك فإنه لم يحل المشكلة. ولكنه كان إشارة إلى إيران بأنه بالرغم من الخسارة في سوريا وفي اليمن، فإن السعودية لا تزال قوية، وكانت تحذيرا لإيران بألا تستغل تخفيف العقوبات لتصنيع قنبلة نووية".
ويخلص سلون إلى أنه "يجب علينا ألا نفسر ضعف السياسة الخارجية السعودية بأنه دليل على أن المملكة قاربت على الانهيار، فهذا لن يحصل إلى الآن".