ذكرت مصادر خاصة لـ"
عربي21"؛ أن
تنظيم الدولة يستعد لبدء تنفيذ الاتفاق مع النظام السوري، للانسحاب من
مخيم اليرموك ومناطق أخرى في جنوب
دمشق، يوم الأربعاء المقبل.
وينص الاتفاق بين النظام السوري وتنظيم الدولة على انسحاب عناصر التنظيم وعائلاتهم من المخيم وحي
الحجر الأسود القريب إضافة إلى مناطق أخرى، إلى معقل التنظيم الرئيسي في الرقة، شرق
سوريا، وريف حلب الشرقي.
من جهته، ذكر ناشط إعلامي في مخيم اليرموك، لـ"
عربي21"، أن انسحاب تنظيم الدولة لا يقتصر على المخيم، بل سيشمل مناطق جنوب دمشق، وبينها المعقل الرئيسي للتنظيم في الجنوب الدمشقي، حي الحجر الأسود الملاصق لمخيم يرموك، لافتا إلى أن للتنظيم امتدادا أيضا في مناطق أخرى في جنوب دمشق، بينها أحياء التضامن والعسالي والقدم.
وأكد الناشط، الذي اشترط عدم الكشف عن اسمه، صحة المعلومة بأن الانسحاب يُتوقع أن يبدأ الأربعاء "إذا لم يطرأ أي جديد"، موضحا أن المفاوضات مع النظام "خاصة بداعش فقط، لا علاقة للنصرة أو أي فصيل آخر بها. أي أن الانسحاب لداعش فقط ومن يرغب بمرافقتهم، شرط التبرؤ من المجالس العسكرية والتوبة ومبايعة التنظيم".
وأفاد ناشطون بأن التنظيم قام بإعداد لوائح بأسماء المدنيين الراغبين بالخروج مع عناصره. وقدر الناشط عدد المتوقع انسحابهم بنحو 4000 شخص، من مقاتلي التنظيم والمدنيين الذين يريدون الخروج معهم.
وكان من المفترض أن يتم الانسحاب في 26 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، لكنه تأجل دون توضيح الأسباب.
وأرجع الناشط الإعلامي ذلك التأجيل إلى أمور "لوجستية"، وقال: "التجهيزات لا تتم بين يوم وليلة، وهي بحاجة لفترة زمنية من إصلاح للآليات وبيع للممتلكات، وتجهيز حقائب وتنظيم الأمور أمنيا للانسحاب"، نافيا أن يكون للتأجيل علاقة باغتيال قائد جيش الإسلام، زهران علوش، الذي يتمتع بنفوذ في مناطق قريبة من المخيم، مثل يلدا وببيلا، قبل موعد تنفيذ الاتفاق بيوم واحد.
وفي الأثناء، أعلن تشكيل سمى نفسه "تجمع أبناء اليرموك" عن استعداده لشغل المواقع التي سيخليها تنظيم الدولة، ومنع قوات النظام والمليشيات الفلسطينية الموالية لها من السيطرة على المنطقة.
وفيما لم تتضح هوية التشكيل، ذكرت مصادر إعلامية أنه يضم مقاتلين فلسطينيين مرتبطين بالجيش الحر، يتجمعون حاليا في مناطق مثل يلدا وببيلا وبيت سحم، وأن عشرات من هؤلاء قد بدؤوا بالوصول بالفعل إلى المناطق المنتظر أن يخليها التنظيم. كما نشرت صفحات تُعنى بشؤون مخيم اليرموك؛ صورا قالت إنها لمقاتلين فلسطينيين من أبناء المخيم، كانوا قد فروا إلى يلدا ويتمركزون الآن على خط المواجهة مع عناصر تنظيم الدولة في المخيم، يقومون بعرض عسكري لإظهار استعدادهم للانتقال إلى داخل المخيم.
ووصف الناشط الإعلامي لـ"
عربي21"؛ "تجمع أبناء اليرموك" بأنه "مجموعة من الأشخاص من أبناء المخيم شكلوا تجمعا لمحاولة ضبط الأمور في المخيم عسكريا".
لكن الناشط نفى دخول أي مقاتلين إلى مخيم اليرموك حتى الآن، وقال لـ"
عربي21": "الدخول تم باتجاه الحجر الأسود، وهم مقاتلون (سوريون) من لواء ضحى الإسلام، من أبناء الحجر الأسود المبعدين بعد دخول التنظيم إلى الحجر الأسود، والعدد لم يتجاوز 35 شخصا".
وقالت مصادر إعلامية إن هؤلاء المقاتلين تسلموا "نقاط الرباط" من تنظيم الدولة في الحجر الأسود تمهيدا لانسحابه.
وكان تنظيم الدولة قد سيطر على قسم كبير من مخيم اليرموك في نيسان/ أبريل الماضي، بعد معارك مع كتائب فلسطينية مثل "كتائب أكناف بيت المقدس" و"العهدة العمرية"، فيما اتُهمت مجموعة منشقة عن جبهة النصرة، تسمى "أنصار السنة"، بتسهيل دخول التنظيم إلى المخيم من منطقتي الحجر الأسود وحي التضامن.
وبعد انسحاب التنظيم من جنوب دمشق، يُتوقع أن يبقى مخيم اليرموك تحت سيطرة جبهة النصرة، أما بالنسبة للحجر الأسود فينتظر أن تعود إليه فصائل من الجيش الحر (لواء ضحى الاسلام وكتائب صقور الجولان وجند الله)، كما أنه "ربما تكون هنالك محاولات من النظام والفصائل الموالية له لأن تستغل هذا الفراغ ومحاولة اقتحام أو السيطرة على المنطقة"، وفق تقدير الناشط الإعلامي متحدثا لـ"
عربي21" من مخيم اليرموك.
ولفت الناشط في المقابل؛ إلى أن "جيش الإسلام موجود في المنطقة، وله مقاتلون على جبهة طويلة مع داعش في المنطقة الفاصلة بين يلدا والحجر الأسود. ربما تقوم هذه المجموعات (التابعة لجيش الإسلام) بتبادل نقاط الرباط مع المجموعات (ضحى الإسلام وغيرها) التي ستخرج من يلدا باتجاه الحجر الأسود؛ لأن هذه المجموعات حاليا ترابط على نقاط في يلدا وببيلا".
وكانت جبهة النصرة التي تتواجد في مخيم اليرموك، قد أعلنت عن رفضها لاتفاق الانسحاب، وحذرت مما قالت إنها "مخططات" للنظام السوري يحاول من خلالها "إفراغ جنوب دمشق من سكانها حتى يقوم بإسكان من يشاء في تلك المنطقة". وبينما اعترفت الجبهة بأنها ارتكبت بعض "الأخطاء"، دعت الفصائل للتوحد و"الترفع عن الخلافات" و"التعاضد والتكاتف"، لمواجهة مخططات النظام.
وفيما لم تتضح بنود الاتفاق بين النظام السوري وتنظيم الدولة بشكل كامل، قال أمين سر تحالف القوى الفلسطينية في سوريا (موال لنظام الأسد) خالد عبد المجيد، في وقت سابق من هذا الشهر، إن الاتفاق يتضمن توفير طريق آمن للمنسحبين من مناطق جنوب دمشق، مثل اليرموك والحجر الأسود والتضامن والعسالي والقدم.
ونقلت صحيفة "الوطن" الموالية للنظام عن عبد المجيد؛ قوله إن غالبية "المسلحين" سينسحبون، لكن هناك من قد يختار البقاء و"تسوية" وضعه، لكنه شدد على "خروج كامل للمسلحين" من تنظيم الدولة والنصرة، ومنع تسرب مسلحين من مناطق أخرى، متحدثا عن التنسيق عن النظام السوري "والمعنيين بالمناطق المجاورة"، في إشارة على ما يبدو إلى الجيش الحر، لمنع عودة التنظيم.
ويُتوقع أن يتم الانسحاب على مراحل، يشمل في الفترة الأولى الجرحى، كما يشمل لاحقا المقاتلين وعائلاتهم ومن يرغب معهم من المدنيين. ويحق للمنسحبين حمل سلاحهم الفردي.
أما الناشط الإعلامي، فقد لخص، لـ"
عربي21"، ما يجري في جنوب دمشق؛ بأنه يأتي "في إطار تغيير التركيبة الديموغرافية لدمشق وريفها برعاية (المبعوث الدولي إلى سوريا سيتفان) ديمستورا، ومحاولة إيجاد كتلة أو مساحة للنظام تمتد من لبنان مرورا بدمشق وحمص إلى الساحل السوري.. وجنوب دمشق جزء من هذا المخطط"، وفق تقديره.