يواجه أهالي
الفلوجة حصارا محكما، بعد أن قامت مليشيات الحشد الشعبي، بدعم وإسناد من القوات الأمنية، باستهداف جميع المنافذ المتبقية للمدينة.
يذكر أن القوات الحكومية تطوق مدينة الفلوجة عسكريا منذ مطلع العام 2014، بعد أن فرض
تنظيم الدولة سيطرته على المدينة، وظلت تستهدف، وبشكل منظم، معبر الشجل، وهو المنفذ الوحيد لدخول المواد الغذائية إلى المدينة حتى أوائل كانون الأول/ ديسمبر 2015، عندما قامت مليشيات الحشد الشعبي والقوات الأمنية بقطع المنفذ الوحيد، مستعينة بطيران التحالف الدولي الذي يستهدف كل الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية التي تحاول الوصول إلى الفلوجة.
وفي اتصال لـ"عربي21" مع الشيخ سليمان الدليمي، أحد شيوخ عشائر الفلوجة، قال إن "سياسة التجويع التي تستخدمها السلطة المتوافق عليها إيرانيا وعربيا وأمريكيا ضد مناطق أهل السنة في
العراق، شبيهة بما يستخدمه نظام الأسد في سوريا؛ ولذلك فإننا أمام عدو بعيد جدا عن قيم وأخلاق الإسلام"، بحسب تعبيره.
وأضاف قائلا: "معركتنا مع إيران وأمريكا ووكلائهما في العراق؛ ليست معركة عسكرية، بل هي معركة عقدية دينية بحته، ثم هي معركة وجود لأهل السُنّة؛ لذلك فالعدو يلجأ لاستخدام الأساليب القذرة من قصف المدنيين والحصار والتنكيل بأهلنا الذين لا يزالون تحت سيطرتهم".
واعتبر الدليمي أن السُنّة في العراق يقاومون "اليوم على كل الجبهات العسكرية والاقتصادية والاجتماعية، والأخيرة هي الأهم"، على حد وصفه.
من جانب آخر، قال مصدر مقرب من تنظيم الدولة إن "مدينة الفلوجة والقرى التابعة لها تضم أكثر من 350 ألف نسمة (..)، وقد توقعنا منذ سيطرتنا على المدينة أننا سنمر بظروف كالحصار وغيرها؛ لذلك أخذنا احتياطاتنا في زراعة المحاصيل والحبوب وتخزينها، إضافة إلى تخزين الوقود والأدوية"، وفق قوله.
وذكر المصدر لـ"عربي21" أن المنفذ الوحيد إلى المدينة "عبر نهر الفرات كان مستهدفا بالقصف بشكل مستمر قبل إغلاقه نهائيا"، ومع ذلك "حرصنا على توزيع حصص غذائية بشكل شهري لكل عائلة في الفلوجة والمناطق التابعة لها، مقابل مبالغ رمزية تدفع للوكيل الموزع"، على حد قوله.
وتحدث عن افتتاح التنظيم "عدة مراكز اقتصادية لتوسيع العيش وتخفيف وطأة
الحصار على الناس، كفتح الأفران والصيدليات بأسعار مدعومة، والمحلات التجارية، وضبط حركة الأسواق، كإجراءات استباقية واستعدادات للحصار"، مضيفا: "نحن نعتمد الآن على ما لدينا ولدى بعض الفلاحين من مخزون القمح والرز، وغيرها من البقوليات والمواد الأساسية".
وقال إن الفلوجة كانت تعاني "من واقع صحي متردّ" قبل دخول التنظيم، "وبعد الحصار ازداد الأمر سوءا، حيث انعدام الأدوية، بما فيها الأدوية شائعة الاستعمال"، وفق تأكيده.
وفي سياق متصل، قال محمد العيساوي، صاحب أحد المحلات التجارية في مدينة الفلوجة، إن "أهل المدينة هم من يدفع ثمن الحصار، بينما الحكومة التي تحاصرنا بحجة تحريرنا هرب عناصرها من المدينة بمجرد اقتراب" تنظيم الدولة، بحسب قوله.
وأضاف العيساوي لـ"عربي21": "نحن لا نقول بأن وضعنا مثالي، لكنه مهما يبلغ من السوء فلن يكون أسوأ مما سيكون عليه لو دخلت مليشيات الحكومة، التي عاملتنا كمجرمين، وزجت بأبنائنا في السجون، وأعدمت الآلاف من شبابنا"، كما قال.
وعن وضع الناس في المدينة، قال المواطن الفلوجي: "نحن نعاني جدا من الحصار وانعدام أهم المواد، كالطحين، لكن هناك أفرانا مدعومة من الدولة الإسلامية تبيع بسعر مخفض خففت قليلا من صعوبة الوضع، لكن هذا لا يكفي، فالتفكير بحلول للمدينة من أجل الأطفال أصبح ضرورة، وإلا نحن على وشك مضايا ثانية".
ورغم ذلك، قال العيساوي إن أبناء الفلوجة "لا يمكن أن يسمحوا بعودة الجيش والمليشيات إلى الفلوجة"، بحسب تعبيره.