بينما تواصل "الهيئة العليا للمفاوضات في
المعارضة السورية" مشاوراتها للمشاركة في مؤتمر
جنيف، الذي يعقد الجمعة، وفق قرار مجلس الأمن 2254 الذي يضع خارطة طريق لإنهاء الأزمة السورية لمدة ستة شهور؛ فإن الأطراف المشاركة الأخرى ما زالت تتدخل في العملية السياسية والدبلوماسية، بما يتوافق مع مصالحها وتطلعاتها.
ويرصد التقرير التالي، الذي أعدته "
عربي21"، أبرز الأطراف المشاركة والمدعوة من الأمم المتحدة، بدعوات شخصية وجهها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، وموقف الأطراف المختلفة من مؤتمر جنيف، وردود الفعل الشعبية والدولية على محادثات جنيف.
الأطراف المشاركة
المعارضة السورية
تشارك المعارضة السورية في مؤتمر جنيف تحت مظلة "الهيئة العليا للمفاوضات لقوى الثورة والمعارضة السورية"، المنبثقة عن مؤتمر الرياض المنعقد في 10 كانون الثاني/ ديسمبر الفائت، بمشاركة سياسية ممثلة بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، وهيئة التنسيق الوطني، ومستقلين، ومشاركة عسكرية لـ11 فصيلا مسلحا، أبرزها "جيش الإسلام"، و"أحرار الشام".
اقرأ أيضا: "عربي21" تكشف أسماء الهيئة العليا للمعارضة السورية
وأبدت الهيئة العليا استعدادها للدخول في مفاوضات مع النظام السوري، "استنادا إلى بيان جنيف الصادر بتاريخ 30 حزيران/ يونيو 2012، والقرارات الدولية ذات العلاقة"، كما أنها تلقت دعوة من المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا بصفتها الرسمية الثلاثاء.
وأعلنت الهيئة، المدعومة من السعودية وتركيا وقطر، عن وفدها المعارض بقيادة العميد المنشق أسعد الزعبي رئيسا لوفد المعارضة السورية إلى مؤتمر "جنيف 3"، ونائبه جورج صبرا، بينما أعلن عن محمد علوش المسؤول بجيش الإسلام، الذي تعده روسيا فصيلا إرهابيا، كبيرا للمفاوضين.
اقرأ أيضا: كيري يمارس ضغوطا على المعارضة السورية قبل المفاوضات
النظام السوري
أعلن النظام السوري مشاركته في "جنيف 3"، كما أنه سلم المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا قائمة بأسماء وفده المشارك، الذي يرأسه وزير خارجيته وليد المعلم، بحسب ما أعلن نائب وزير الخارجية الروسي الأربعاء.
وأعلنت صحيفة "الوطن"، الرسمية، في 21 كانون الثاني/ يناير الجاري، أن الوفد سيشرف عليه نائب وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد، وبعضوية عدد من كبار المحامين وكبار موظفي وزارة خارجية النظام، المدعوم روسيا وإيرانيا.
لا نظام ولا معارضة
وبين النظام والمعارضة، تبرز أسماء كانت مثارا للجدل، وسط رفض الهيئة العليا للمفاوضات، دعوة أي أطراف محسوبة على المعارضة من خارج إطار الهيئة، مع قدرة المبعوث الأممي دي ميستورا على دعوة أطراف وشخصيات أخرى بصفة استشارية.
ومن بين هذه الشخصيات التي دعيت، بصفة استشارية، شخصيتان محسوبتان على المعارضة، لكنهما مقربتان من روسيا، وهما هيثم مناع وقدري جميل، من خارج إطار الهيئة، ولكن لم تتضح الصفة التي سيحضران بها.
وفي وقت لاحق، ذكرت مصادر مقربة من الهيئة العليا للمفاوضات؛ أن ديمستورا وجه دعوات لعشر شخصيات خارج إطار الهيئة، ولكن بصفة استشارية، وهذا يعني أنها لن تحضر على طاولة المفاوضات.
وهذه الشخصيات هي، إضافة إلى مناع وقدري جميل: عباس حبيب (عشائر)، وماجد حبو (مسيحي- عضو في هيئة التنسيق المشاركة في مؤتمر الرياض)، ورندة قسيس (مسيحية- المجتمع التعددي)، وجهاد مقدسي (منشق عن النظام- مسيحي)، وسليم خير بيك (علوي)، وفاتح جاموس (علوي- عضو في جبهة التغيير والتحرير التي يتزعمها قدري جميل)، وجمال سليمان (علوي- ممثل)، ومازن مغربية (عضو في جبهة التحرير والتغيير).
وجميع هؤلاء مقربون من روسيا، فيما اعتبرت المصادر أن بعض هؤلاء مقربون من النظام السوري. وقد صدرت عن بعضهم تصريحات في الأيام الأخيرة تعتبر النظام السوري "أكثر جدية" في الحل السياسي، وتهاجم السعودية وتركيا.
أما زعيم "حزب الاتحاد الديمقراطي" صالح مسلم، فأعلن الثلاثاء أنه لم يتلق دعوة للمشاركة في محادثات السلام السورية التي تتوسط فيها الأمم المتحدة في جنيف، وسط رفض
تركيا، التي تعتبر الحزب إرهابيا، واتهامات حقوقية له بممارسة تصفيات عرقية في بعض المناطق العربية شمال
سوريا.
مواقف الأطراف المختلفة
وبينما أعلن النظام السوري موافقته على المشاركة في محادثات جنيف، فإنها لم تبد المعارضة السورية موافقتها بعد على المشاركة في المؤتمر الذي يعقد الجمعة، قائلة إنها تنتظر "توضيحات من الأمم المتحدة على مطالب إنسانية تقدمت بها"، ولن تشارك دون رد واضح بها.
وأعلن رئيس الهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب، في بيان صحفي الأربعاء، أن الهيئة طلبت من دي ميستورا بعض التوضيحات، "وخاصة في ما يتعلق بدور الأمم المتحدة في تنفيذ المادتين 12 و13 من قرار مجلس الأمن 2254".
وأوضح حجاب أن هاتين المادتين، المعنيتين بمطالب إنسانية، تتضمنان "رفع الحصار عن المناطق والمدن والبلدات المحاصرة، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى جميع من هم في حاجة إليها، وإطلاق سراح المعتقلين وسجناء الرأي والسجناء وفقا للقوانين الاستثنائية أو غير المنسجمة مع مبادئ احترام حقوق الإنسان، لا سيما النساء والأطفال، ووقف أية هجمات موجهة ضد المدنيين والأهداف المدنية والاستخدام العشوائي للأسلحة بما في ذلك القصف المدفعي والقصف الجوي".
وأوضحت الهيئة أنها تلقت "ردودا إيجابية" من دي ميستورا على مطالبها، موضحة أنها طلبت من الأمين العام للأمم المتحدة توضيحا عن دور مجلس الأمن بتطبيق هذه القرارات.
وطالبت الهيئة، في بيان صحفي للناطق الرسمي باسمها سالم المسلط، الخميس، "أعضاء مجلس الأمن وخاصة الدول الخمس دائمة العضوية، بالقيام بمسؤولياتهم والتزامهم بتطبيق القرار 2254"، مؤكدة أنها جادة "في المشاركة وبدء المفاوضات، لكن ما يعيق بدء المفاوضات هو من يمارس القصف على المدنيين ويقوم بتجويعهم".
ضغوطات أمريكية
وأكد مصدر في المعارضة السورية، الاثنين، أن كيري مارس ضغوطا كبيرة من أجل فرض وجهة نظره التي كانت منسجمة تماما مع وجهة النظر الروسية والإيرانية.
وأوضح المصدر، في تصريح خاص لـ"
عربي21"، أن كيري أبلغ المعارضة بأن الدعم الأمريكي لن يزداد، سواء توقف القصف الروسي أم لم يتوقف، مهددا بأن عدم حضور المحادثات في "جنيف" يعني توقف الدعم نهائيا، مع العلم أن واشنطن لا تقدم دعما ذا قيمة للمعارضة، باستثناء دعم محدود لبعض الفصائل.
اقرأ أيضا: مصدر سوري لـ"عربي21": لقاء كيري كان سيئا ولغته "مستفزة"
وأضاف المصدر أن كيري أبلغ حجاب، بأن لقاء جنيف سيبحث تشكيل حكومة وحدة وطنية، مشتركة بين النظام والمعارضة، وليس هيئة حكم انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية. وأوضح كيري أنه "لا يوجد جدول زمني لرحيل بشار، ومن حقه الترشح في الانتخابات القادمة".
اختبار نوايا
وأوضح المبعوث الأمريكي لسوريا، مايكل راتني، ما تم تداوله حول فحوى لقاء وزير الخارجية جون كيري مع قادة الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن مؤتمر الرياض للمعارضة السورية؛ بأن "البعض منه ناتج عن سوء فهم والبعض الآخر بسبب تشويه مقصود"، داعيا المعارضة للمشاركة في المحادثات "لاختبار نوايا النظام".
ورد حجاب على دعوة راتني، في تصريحه الصحفي، الأربعاء، متسائلا عن "جدوى اختبار نوايا القوى التي تقصف المدن السورية وتحشد المزيد من القوات لدعم النظام؟ وهل عدد السوريين الذين يموتون يوميا من الغرق والجوع والبرد والقصف الجوي والمدفعي والتعذيب في السجون والمعتقلات، غير كاف لمعرفة نوايا النظام؟".
وأضاف حجاب أن "نوايا النظام واضحة في الجولات التفاوضية التي عقدت في شباط/ فبراير 2014، عندما أعلن المبعوث الدولي إلى سوريا آنذاك الأخضر الإبراهيمي، عن فشلها معتذرا للشعب السوري عن عدم تحقيق شيء، مرجعا ذلك إلى سلوك النظام ورفضه مناقشة الأجندة التفاوضية.. وبعد مرور عامين على هذه التجربة، وإصرار النظام على ارتكاب المزيد من الجرائم في حق الإنسانية؛ هل يسوغ لنا أن نمنحه الفرصة بعد الفرصة وأن نسمح له باختبار نوايا من جديد؟".
مواقف دولية
بدورها، تحاول روسيا، التي تقصف سوريا منذ أربعة أشهر دعما للنظام السوري، تمييع وفد المعارضة المشارك في مفاوضات جنيف، من خلال فرض أسماء موالية لها بزعم أنها معارضة، بينها "حزب الاتحاد الديمقراطي"، واعتبار فصائل مشاركة بالمفاوضات "إرهابية" مثل "جيش الإسلام"، بالإضافة إلى سعيها لإدخال الأسد "منتصرا" للمفاوضات، عبر دعمه لاسترجاع نقاط استراتيجية، مثل "سلمى" و"ربيعة" في الساحل، و"الشيخ مسكين"، خلال الأسابيع القليلة الماضية.
أما تركيا والسعودية وقطر، الداعمة للمعارضة، فترى أن حل الأزمة السورية يكون عبر مفاوضات تنتهي بخطط واقعية، ورحيل الأسد عن السلطة ضمن تاريخ محدد، لكونه المسؤول عن قتل مئات الآلاف من السوريين، وتشريد الملايين، مؤكدة دعمها لمطالب المعارضة المشروعة المتمثلة بإيقاف قصف المدنيين ورفع الحصار والممارسات غير الإنسانية عنهم.
ومن المقرر أن يشارك في المفاوضات السورية، التي تبدأ يوم الجمعة المقبل، ممثلون عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية، ومجموعة الدعم الدولية الخاصة بسوريا التي تضم17 دولة هي: تركيا، والولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة العربية السعودية، وقطر، والإمارات العربية المتحدة، وروسيا، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، والصين، ومصر، وإيران، والعراق، وإيطاليا، والأردن، ولبنان، وسلطنة عمان.
وتتم مفاوضات جنيف وفق القرار رقم 2254، الذي يشكل خارطة طريق لحل الأزمة السورية، وينص على تأسيس حكومة انتقالية عقب مفاوضات بين ممثلين عن النظام والمعارضة، خلال مدة أقصاها ستة أشهر، على أن تبدأ المفاوضات، في شهر كانون الثاني/ يناير 2016، وفي الوقت ذاته، إعلان وقف إطلاق النار الشامل في سوريا، يعقبه وضع دستور جديد للبلاد، وبناء عليه تنظيم انتخابات في البلاد، دون أن تنص بشكل واضح على مصير رئيس النظام السوري بشار الأسد.