نشر المجلس الروسي للشؤون الدولية تقريرا رصد فيه أهم التحديات التي تواجهها
مصر في الفترة الحالية، ودعا خلاله إلى دمج جماعة
الإخوان المسلمين في الحياة السياسة بدلا من إقصائهم وتهميشهم.
وقال المجلس في تقريره الذي عنونه بـ"الشرق الأوسط: الديناميات السياسية والمصالح الروسية": إن إقصاء جماعة الإخوان في مصر "وضع مثير للقلق"، وإنه ينبغي محاولة دمج عناصر الجماعة في المشهد السياسي بدلا من تهميشهم، كونها تعد إحدى القوى السياسية المؤثرة في المجتمع.
وعلى المستوى الاقتصادي، وصف التقرير الوضع في مصر، بـ"المتأرجح" رغم "التطورات الإيجابية الجادة التي اتخذتها الحكومة".
ورصد التقرير الذي نشرته صحيفة "المصري اليوم"، الأربعاء، الاتجاهات الأساسية المتعلقة بوضع التنمية السياسية والاقتصادية في مصر، خلال 2015، أن ليبيا وشبه جزيرة سيناء تؤثران بلا شك على الاستقرار السياسي في مصر؛ إذ إن ليبيا تحولت إلى معقل للمتطرفين والراديكاليين، موضحا أن الوضع الأمني المضطرب في سيناء جعل استمرار تنفيذ العمليات العسكرية ضد المتطرفين والراديكاليين التابعين لتنظيم الدولة أمرا اعتياديا.
وقال إن أمريكا لم تعد تهيمن بشكل كامل على منطقة الشرق الأوسط، مستدلا على ذلك بزعمه أن أمريكا دعمت مرسي، ثم أطيح به بعد ذلك.
وزعم التقرير أنه "في 2014 حقق الرئيس عبد الفتاح
السيسي نجاحات ملموسة، تمثلت في نمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة 6.8 في المئة خلال الربع الأخير، وأن الحكومة حققت نوعا من الاستقرار في سوق السياحة التي شهدت تراجعا ملحوظا مع بداية ثورة 25 يناير، وبعد تزايد هذا التراجع مع حادث سقوط الطائرة الروسية نهاية تشرين أول/ أكتوبر الماضي، وصار الحديث بشأن أي رؤى لتحقيق الاستقرار أمرا سابقا لأوانه".
واعتبر التقرير أن مصر لا تزال متوقفة عند نقطة من الخلاف منذ الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع، حسني مبارك، وقال إن الوضع في مصر ظل ملتبسا حتى وقت قريب، وإن المشكلات والقلاقل الكبرى التي عانتها مصر نتجت عن حدوث نوع من المواجهة بين القوى السياسية والاجتماعية المختلفة، التي تجلى اختلافها والعداء القائم بينها عقب الإطاحة بـ"مبارك".
وتابع قائلا: "مصر عانت غياب آلية تقبلها الدوائر السياسية المختلفة والرأي العام، لحل الأزمات الكبرى، وغياب نظام سياسي تنضوي تحت مظلته الأحزاب المتعددة، وغياب قادة سياسيين معترف بهم، وحتى الشخصيات القوية في مصر، مثل عمر سليمان وعمرو موسي، يمكن إدراجهم في هذا الصدد في مرتبة ثانية أو ثالثة، إلى جانب الدور المتهاوي للأحزاب السياسية".
وقال التقرير الروسي إن "مشروع (ديمقراطية الشرق الأوسط) الذي دشنته الولايات المتحدة عام 2002، تراجع وتقلصت ميزانيته حتى وصلت إلى مليوني دولار في 2010، فضلا عن الشكاوي التي كانت تثار باستمرار بشأن عدم وصول أموال المشروع للنشطاء، وأن شركات وهمية تابعة لجمال مبارك، على سبيل المثال، كانت تستولي على تلك الأموال، وهو ما يعني أن الولايات المتحدة لم تلعب دورا مؤثرا في خلق حركة التمرد والانشقاق التي ظهرت في مصر، ولم يكن لها دور حاسم في تطور الأوضاع التي دفعت باتجاه ثورة 25 يناير في 2011".
وأوضح أن "الرئيسين الروسي والمصري اتفقا على إنشاء محطة خدمات لوجستية على ساحل البحر الميت، وأبدت مصر استعدادها لأن تنشئ
روسيا منطقة صناعية بالقرب من قناة السويس الجديدة".
وأشار إلى أن "مصر صارت مهتمة بشراء المزيد من المعدات العسكرية، فيما ترمي روسيا إلى توسيع آفاق تعاونها العسكري والتكنولوجي مع مصر".
وكشف التقرير أن "مصر تواجه ثلاثة تحديات تفرض فرصا لإنعاش التعاون العسكري مع روسيا، يتمثل الأول في تنظيم داعش الإرهابي، وأن مصر تحتاج إلى الموارد المالية اللازمة لدور إقليمي ناجح، والاستعداد للتصدي للتمدد المحتمل لنفوذ (داعش) عن طريق تشكيل حاجز بين شمال أفريقيا والخليج العربي".
واعتبر أن "التحدي الثاني يتمثل في الخلاف المثار بشأن مياه النيل في ظل مضي إثيوبيا في بناء سد النهضة، ما أسهم في تعميق الصدع بالعلاقات (المصرية- الإثيوبية)، وإن كان الاتفاق الذي وقع عليه رؤساء الدول الثلاث، مصر وإثيوبيا والسودان، في 2015، أسهم في تخفيض تلك الخلافات، وقد تشهد مشكلة المياه بين البلدين تسوية نهائية في المستقبل القريب".
وذكر التقرير أن "التحدي الثالث يكمن في الاضطراب الاجتماعي المزمن الذي يخيم على الشارع المصري، والمخاوف القائمة بشأن ثورات جديدة محتملة؛ إذ أوضحت التجربتان الليبية والسورية أن استمرار الإحباط السياسي في البلاد قد يدفع باتجاه تدخل أجنبي، وهذا التحدي، إلى جانب أسباب أخرى، قد يفسر أسباب اهتمام السلطات المصرية بشراء أنظمة دفاع متطورة، غير أن بعض الخبراء لا يعتقدون هذا".