عنوانان لجريدة واحدة، ولكن أحدهما في عام 2013، والآخر في عام 2016. ففي العنوان الأول لصحيفة الأهرام في عهد الرئيس محمد
مرسي كان الحديث عن تحقيق الاكتفاء الذاتي من
القمح خلال ثلاث سنوات. وقبل أيام، عادت الصحيفة ذاتها لتخبر
المصريين أن زراعة القمح قد توقفت للأبد في مصر، وأنها أصبحت في "ذمة الله".
وجاء مانشيت ملحق جريدة الأهرام القومية (الأهرام التعاوني) على صفحته الأولى، الثلاثاء: "القمح في ذمة الله.. وزيرا
الزراعة والتموين يعلنان نهاية عصر زراعة المحصول في مصر".
وبحسب الصحيفة الحكومية، فإن هناك مخططا لوزارة التموين في مصر تسعى من خلاله لتدمير زراعة القمح لصالح "مافيا الاستيراد".
حلم الاكتفاء في 2013 ومافيا الاستيراد
وكان وزير التموين السابق، الملقب بوزير الشعب والمعتقل حاليا، باسم عودة، قد أعلن في النصف الأول من عام 2013 عن مخططه لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح لمصر، قائلا: "إنه بالعمل الجاد سيتم تحقيق ذلك خلال ثلاث أو أربع سنوات على أقصى تقدير"، وذلك بعد نجاحه في القضاء على طوابير الخبز، وتوفيره بجودة عالية للمواطنين، ومراقبته للمخابز والمطاحن.
وفي العديد من المؤتمرات التي عقدها عودة، تحدث عن تحقيق الاكتفاء الذاتي ووسائل تحقيق ذلك، لافتا إلى مافيا الدقيق ومافيا الاستيراد، واصفا إياها بأنها أحد وأهم خصوم الاكتفاء الذاتي من القمح.
كما أشار باسم عودة إلى أن من أولى خطوات الاكتفاء أن "الدولة قدمت للفلاح سعرا عادلا ومحترما بـ400 جنيه للأردب، أي أن سعر طن القمح 2680 جنيها، وهذا أعلى من السعر العالمي بحوالي 15 في المئة، وأعطته تقاوي جيدة أنتجت منتجا أكثر وفرة، وسهلت عليه عملية التوريد إلى صوامع غلال أنشأتها الوزارة".
بينما تفاخر الرئيس محمد مرسي -في كلمة له وسط محصول القمح- بزيادة الإنتاج بنسبة 30 في المئة خلال العام الأول من حكمه.
القمح في ذمة الله في عام 2016
على النقيض، وبالمقارنة بتصريحات وزيري التموين والزراعة في عهد عبد الفتاح
السيسي، التي صدمت قطاعا واسعا من المصريين، بالإضافة إلى قرار الحكومة شراء محصول القمح من المزارعين بالسعر العالمي هذا العام، والاكتفاء بدعم نقدي قدره 1300 جنيه، (150 دولارا)، لكل فدان، وبحد أقصي 25 فدانا، مع ربط سعر صرف الدولار بالسعر المعلن من جانب البنك المركزي، تبرز أعباء جديدة على كاهل المزارع المصري، ما ينهي زراعة القمح في مصر. وهو ما أعاد إلى الأذهان كلمة الرئيس المخلوع حسني مبارك: "لا يمكننا الاكتفاء الذاتي من القمح".
وقد نقلت صحيفة "الأهرام التعاوني" التابعة لمؤسسة "الأهرام" الحكومية تصريحات على لسان حمدي العاصي، وكيل أول وزارة الزراعة الأسبق، بأن هناك خطة ممنهجة لضرب زراعة القمح في مصر، وأن قرار دعم مزارعي القمح بـ1300 جنيه للفدان، مع الشراء من المزارعين وفقا للأسعار العالمية، ما هو إلا "منحة مُغلفة" لضرب الزراعة التعاقدية الوحيدة الناجحة في مصر، مثلما حدث مع زراعة القطن والذرة الشامية والصفراء، حيث تم تحديد سعر 300 جنيه للأردب، إلى أن وصل السعر إلى 180 جنيها فقط؛ لانخفاض الأسعار العالمية.
ولفت العاصي إلى أن الدعم يتراوح بين 55 و60 جنيها للأردب، وفي وقت حصاد إنتاج القمح المصري تنخفض الأسعار العالمية، فقد تصل إلى ما بين 200 و250 جنيها، يضاف إليها 60 جنيها قيمة الدعم، أي أن السعر 310 جنيهات للأردب (الذي كان 400 جنيه للأردب في عهد مرسي)، وهذا ما سيدفع الفلاح للعزوف عن زراعة القمح في المواسم القادمة، مشيرا إلى أن هذا سيجعل مصر سوقا استهلاكيا بدلا من أن تكون منتجة للقمح.
كل شيء في عهد العسكر في ذمة الله
وقد فجرت تلك التصريحات ردودا مستنكرة من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرها أحدهم أنها من قبيل "السير على خطوات مبارك".
وتداول النشطاء صورة تجمع عنواني جريدة الأهرام في 16 أيار/ مايو 2013 (عهد مرسي) بعنوان "30% زيادة في إنتاج القمح والاكتفاء الذاتي خلال 4 سنوات"، وعنوان الأهرام التعاوني، الثلاثاء، بعنوان "القمح في ذمة الله"، مع تعليق: "الأهرام أيام الرئيس الشرعي وأيام المسهوك".
وعبر تويتر، قال إسماعيل محمد: "و ما من شيء في مصر في عهد العسكر إلا في ذمة الله".
وقالت دعاء عزام: " لا إله إلا الله، مش مهم القمح، المهم نبقى كده، فك الله أسر من قال عايزين نملك غذاءنا".