كتبت إريكا سولومون تقريرا في صحيفة "فايننشال تايمز"، تقول فيه إن القصف الروسي المتواصل على جماعات
المعارضة السورية يدفع بالعديد منهم لتبني أيديولوجية
تنظيم الدولة في العراق وسوريا.
وتضيف سولومون: "لم يصل أحمد أبدا، وقاتل مع المعارضة ضد الجهاديين في تنظيم الدولة، لكن هذا كله تغير عندما بدأت الغارات الجوية، وهدمت بيت أخته، وقتلت أخته وزوجها وأبناءها الثلاثة".
وتتساءل الكاتبة: "ماذا فعل؟ توجه أحمد إلى المنطقة التي يسيطر عليها تنظيم الدولة في مدينة الباب شرق حلب، وأعلن توبته ودخل دورة دينية لمدة أسبوعين، وتلقى تدريبا عسكريا، وأصبح جهاديا في قوات تنظيم الدولة في العراق والشام".
وينقل التقرير عن أحمد قوله: "هل أنا سعيد؟ لا، فلا يمر أي يوم علي أشعر فيه بالراحة، لكنني أشعر بالجنون".
وقابلت الصحيفة أحمد البالغ من العمر 21 عاما عبر "سكايب"، حيث تحدث إليها من الرقة، العاصمة الفعلية للتنظيم. ويقول أحمد: "هدفي الآن هو القتال مع تنظيم الدولة حتى الموت، ولن أسمح بأن تقتل عائلتي بهذه الطريقة".
وتعلق سولومون قائلة: "ربما كان هناك أشخاص آخرون مثل أحمد، في حالة لم يثبت اتفاق وقف إطلاق النار، الذي أعلن عنه هذا الأسبوع، فالعنف وصل ذروته منذ أن بدأت القوات الروسية، التي تقاتل نيابة عن نظام بشار الأسد، حملة واسعة في مدينة حلب، التي أدت إلى نزوح عشرات الآلاف من السكان نحو الحدود التركية. وفي الوقت الذي ستبدأ فيه عملية وقف إطلاق النار والأعمال العدائية والعودة لمحادثات جنيف، التي انهارت قبل أسبوعين، يعيش اللاجئون في خيام قريبة من الحدود التركية".
وتعتقد الصحيفة أن ما يجري في حلب يعد مرحلة حاسمة بالنسبة للمقاتلين؛ فالتهديد الوجودي قد يدفعهم إلى توحيد صفوفهم، ما سيمنحهم فرصة لمواجهة الهجوم، وإما سيدفعهم الخطر الجديد إلى الرحيل وبشكل جماعي نحو تنظيم الدولة وجبهة
النصرة، التي تعد فرع القاعدة في
سوريا، وهو على خلاف ما يريده الأمريكيون والروس من الحرب هناك.
ويستدرك التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن واشنطن فشلت في إيجاد حلفاء أقوياء لها بين المعارضة؛ كي تكون في وضع لهزيمة النصرة وتنظيم الدولة، مشيرا إلى أنه رغم زيادة الدول العربية الداعمة للمعارضة من تدفق السلاح عبر الحدود التركية، إلا أن الرد البطيء على ما يجري في حلب يعد في نظر المعارضة أسوأ مؤامرة، أو أنه علامة على الدعم الفقير الذي تتلقاه المعارضة في وقت أصبح وجودها على المحك.
وتنقل الكاتبة عن ممثل من الجبهة الشامية، قوله: "أمريكا ليست حليفا حقيقيا، ولم نعد نعتبر أصدقاءنا هم أصدقاؤنا"، مشيرا إلى أن الجبهة الشامية تخوض حربا ضد تنظيم الدولة في شرق حلب، وتواجه نظام الأسد في ريف حلب الشمالي، ويضيف أنه "لهذا السبب نحن قلقون من انتقال بعضهم للمتطرفين".
وتورد الصحيفة نقلا عن أحمد قوله إن هناك عددا من الشباب القادمين من حلب وحمص، ممن يتخرجون في معسكرات تنظيم الدولة، ويضيف: "لن تتوقف، فهم ينضمون لأن المجتمع الدولي هو كذبة، ولا يقف إلى جانبنا".
وتقول سولومون إن قادة المعارضة يلتقون ويعملون مع داعميهم الأتراك والخليجيين، في محاولة لتوحيد قواهم، التي هي الأمل الوحيد لحمايتهم من الانهيار، لكنهم يقولون إن الأمر بيد المقاتلين لتحقيق الوحدة.
وينوه عدد من المقاتلين وقادتهم، الذين تحدثت إليهم الصحيفة، إلى محاولات توحيد المعارضة، التي لم تنجح؛ وذلك بسبب خلافات تركيا ودول الخليج والولايات المتحدة، حول القوى التي يجب أن تنضم للتحالفات المقترحة.
وتنقل الصحيفة عن الممثل السياسي لفصيل نور الدين زنكي، بشار حاج مصطفى، قوله: "لو اتفق الأتراك والسعوديون، فعندها تتحقق الوحدة"، لكنه قال محذرا من أن الفشل في تحقيق الوحدة يعني هزيمة في ريف حلب، ما يعرض حلب للحصار.
ويفيد التقرير بأن رئيس المكتب السياسي في الجبهة الشامية عبدالله عثمان، يعتقد أن جبهة النصرة ستكون التنظيم المستفيد في حال فشلت جهود وقف العنف؛ لأن الكثير من السوريين ينفرون من عنف تنظيم الدولة، ولن ينضموا إليه.
وتستدرك الكاتبة بأن التنظيم يحاول استغلال غضب المقاتلين، وأرسل وفودا إلى ريف حلب لعقد هدنة، وبحسب عثمان فإن "بعض هؤلاء المقاتلين الذين يريدونها (الهدنة) هم ممن تلقوا تدريبا وتسليحا من الأمريكيين"، ويضيف عثمان: "يقولون هل تفعل هذا من أجل أمريكا؟ لقد تركتنا أمريكا لكي تقتلنا الطائرات الروسية في الليل والنهار، ولا يوجد هناك أي سبب يجعلنا نتبع أي قوة أجنبية تقاتل تنظيم الدولة".
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن المقاتلين يقولون إنهم رفضوا العرض، فهم يعرفون أنهم بحاجة لدعم أجنبي، لكن في حال لم يتغير الوضع، فإنه لا يمكن تبريره للمقاتلين أو المواطنين الذين يواجهون الهجمات من السماء وسيارات تنظيم الدولة المفخخة على الأرض.