أكد مصدر من داخل مدينة
حمص السورية لـ"عربي21" أن 21 عائلة فقط تمكنت حتى الآن من العودة إلى الأحياء المدمرة منذ خروج الثوار منها في أيار/ مايو 2014، موضحا أن جميع هذه العائلات هي من السكان المسيحيين.
وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية؛ إن العودة كانت باتجاه أحياء الحميدية، وبستان الديوان وباب السباع والتركمان، بينما تم رفض طلبات الأهالي من غير المسيحيين.
من جانبه، يؤكد الصحفي السوري مصعب سعود، وهو من أبناء حمص، أن سياسة
التغيير الديمغرافي بدأت منذ عهد الأسد الأب واستمرت في عهد الابن، حتى خلال سنوات ما قبل الثورة، عبر مشروع "حلم حمص" الذي كان يهدف بحقيقته إلى انتزاع الملكية الحقيقية من أهل المدينة القديمة، وتوزيعها ضمن مشاريع على الوافدين إليها تحت ما سيتم إنجازه من مشاريع ضمن "حلم حمص".
وقد دعا نظام بشار الأسد، بهدف الإيحاء بأن الحياة طبيعية في حمص، أصحاب المحلات التجارية إلى افتتاح محلاتهم وترميمها، حيث بدأت عمليات الترميم قبل أشهر في "سوق الناعورة" والآن وصلت إلى "السوق المسقوف"، بالإضافة إلى سوق "الدبلان" الذي يعتبر من منطقة حمص الجديدة، وكذلك منطقة ما بين "الساعتين"، "أما بقية الأحياء فلم يُسمح للأهالي بدخولها ولم تدخلها ورش التنظيف"، وفق تأكيد الصحفي السوري لـ"عربي21".
وكانت الأحياء المدمرة أو الخالية من أهلها حاليا، وأشهرها الخالدية، وباب السباع، وباب هود، وباب التركمان، والحميدية، وبستان الديوان، وغيرها، تضم، بحسب بعض التقديرات، نحو 700 ألف نسمة، من أصل مليون وربع المليون نسمة هم العدد الكلي لسكان مدينة حمص. وهذا لا يشمل حي "بابا عمرو" الشهير.
وقارن سعود بين عدد من عاد من السكان، "بغض النظر عن انتماءاتهم"، وعدد من كان يقطن تلك الأحياء، للإشارة إلى "حجم الكارثة في مدينة باتت تحت سيطرة لواء الرضا "الشيعي، وهو أكبر الألوية الإيرانية العاملة في حمص، بالإضافة لتشكيلات فيلق القدس، ويضاف إليهما الشبيحة، أو ما يسمى اللجان الشعبية، القادمة من قرى الزرزورية وأم العمد والتين"، بحسب مصعب سعود الذي قال أيضا إن سياسية التغيير الديمغرافي بدأها حافظ الأسد ومن ثم ابنه "من خلال تحويل ملكية حمص للعلويين عن طريق مشاريع جديدة، ومنح ملكيتها للوافدين الجدد من عناصر الألوية المقاتلة بعد حرق السجل العقاري في المدينة".
وتحدث أيضا عن "توجه ضمن حكومة النظام لاستصدار قرار مصادرة رسمي، بحيث تعطى محال وعقارات لذوي قتلى النظام كتعويض"، وفق تأكيده.
لكن كيف يمكن مقاومة سياسة التغيير الديمغرافي والتهجير القسري؟ يقول سعود في هذا الصدد: "هناك قضيتان أمام الأمم المتحدة، الأولى لكوباني/ عين العرب، والثانية لمخيم اليرموك، وتتعلقان بالتطهير العرقي، وإلى الآن المعارضة السياسية لم ترفع قضية بشأن حمص وغيرها من المناطق التي تعرضت للحالة نفسها، وهذا الأمر يتطلب من مؤسسات المعارضة أن تخاطب الأمم المتحدة بأن هناك تغييرا ديمغرافيا وتهجيرا قسريا، ولا بد من التعامل معه قانونيا على الأقل أمام المجتمع الدولي بمؤسساته السياسية والثقافية".
من جانبها، قالت وزيرة الثقافة وشؤون الأسرة في الحكومة السورية المؤقتة، سماح هدايا، إن "مؤسسات المعارضة في وضعها الحالي دورها ضعيف، نتيجة الظروف المختلفة من شح تمويل ومن مشاكل إدارية وتنظيمية، إلا أنه من المفروض أن تتغير الأمور بفعل الاستحقاقات الخطيرة الحاصلة".
وأضافت لـ"عربي21": "
سوريا لا تواجه فقط حكما استبداديا وقاهرا ارتكب جرائم ضد الإنسانية وانتهك القوانين الدولية، بل أيضا تواجه عدوانا روسيا هو أشبه بالاحتلال، بالإضافة إلى احتلال من مليشيات إيرانية وغير إيرانية، ما يستوجب إعادة ترتيب الأمور لكي تقوم الحكومة والائتلاف وغيرهما بالدور المطلوب".