نشرت صحيفة "كوريري ديلا سيرا" الإيطالية، تقريرا قالت فيه إن
روسيا اعتمدت سياسة الأرض المحروقة في
سوريا، وتعمدت استهداف المدنيين والمناطق السكنية، حتى تضغط على
المعارضة، واعتمدت أيضا على
المليشيات الشيعية كوقود للمعارك في الصفوف الأمامية، دون أن تخاطر بجنودها.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن الروس تصرفوا في سوريا على "الطريقة الروسية"، حيث إنهم "استعملوا القوة المفرطة على مدى الأربعة الأشهر الماضية ضد مناطق المعارضة السورية، واستهدفوا المعارضة المعتدلة أكثر بكثير من تنظيم الدولة".
وأضافت أن الروس تعمدوا إخلاء المناطق السكنية، كما فعلوا من قبل في الشيشان، عبر القصف العشوائي والمكثف الذي يستهدف المدنيين قبل المسلحين، كما أنهم لقنوا النظام السوري تكتيكات جديدة، ومكنوه من غطاء جوي كثيف، دون أن يخاطروا بمقاتليهم، حيث إنهم اعتمدوا في العمليات البرية والمواجهة المباشرة على مليشيات حزب الله اللبناني، والحرس الثوري
الإيراني، والمليشيات الشيعية التي تم تجنيدها من العراق وأفغانستان، "وقد مكنت هذه الاستراتيجية الوحشية النظام السوري من تحقيق التقدم في عدة مناطق، وخاصة في اللاذقية، والمناطق الواقعة بين حلب والحدود التركية، وفي الجنوب".
وقالت الصحيفة إن الاستراتيجية الروسية عملت على تمهيد الطريق للقوات البرية من خلال الغارات الجوية المكثفة، "كما أنهم قدموا خبرتهم للنظام السوري في كيفية استعمال القصف المدفعي، وجلبوا معهم مدفعيات بعيدة المدى، وراجمات صواريخ بوراتينو المدمرة".
وبينت أن الروس يشنون يوميا مئات الغارات الجوية، مستعملين كل أنواع الصواريخ والمتفجرات، من صواريخ ذكية وصواريخ شديدة التدمير وعشوائية وصواريخ كروز، التي يتم إطلاقها من السفن في البحر الأبيض المتوسط وبحر القزوين، إضافة إلى البراميل المتفجرة التي يختص بها النظام السوري.
وأشارت إلى أن هذا القصف المكثف أدى إلى تدمير كل طرق الإمدادات التي كانت تعتمد عليها فصائل
الثورة السورية، وهو ما تركها في بعض المناطق تواجه العزلة، ونقص الأسلحة، وشح الاحتياجات المعيشية، "وقد نجح النظام السوري في إغلاق كل طرق الإمداد التي تعتمد عليها المعارضة من تركيا، وفي أواخر كانون الثاني/ يناير المنقضي؛ نجح أيضا الكرملين في التضييق على مرور الأسلحة والمساعدات في الجنوب عبر الحدود الأردنية، وسيطر أيضا على بلدة أعزاز التي تعتمد عليها المعارضة للحصول على الدعم من تركيا".
وحول الاستراتيجية العسكرية الروسية؛ قالت الصحيفة إن الجنرالات الروس عملوا على تكثيف العمليات وتنويعها على عدة جبهات، من أجل إدخال الارتباك على صفوف المعارضة، وإجبارها على تغيير مواقعها، وتحريك المؤن والذخائر التي ما زالت تحتفظ بها، وهو ما أدى إلى نضوب هذه المدخرات.
وأَضافت أن المحور السوري الإيراني الروسي عمل على محاصرة عدة بلدات وقرى، وركز جهوده هذه في البداية على منطقة اللاذقية التي تعتبر قلب النظام السوري، ثم وسع من هذه العمليات. كما أن مساعدي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تابعوا عن كثب العمليات الجارية، دون أن يغادروا مراكز القيادة، أو يقتربوا من الخطوط الأمامية، "وقد فسروا لحلفائهم السوريين والإيرانيين كيف يستعملون المدفعية، والطائرات بدون طيار، والدبابات، بفاعلية أكثر، وساعدوهم على زيادة فاعلية صواريخ تاو المضادة للدبابات، وصواريخ غراد".
وتابعت بأنهم "أقنعوا قوات النظام باستعمال الحوار والتسويات في بعض الحالات، حيث عملوا على محاصرة بعض القرى، ثم تركوا مقاتلي المعارضة يغادرون دون إطلاق النار، في سعي من قوات النظام للحفاظ على جنودها. كما أن روسيا اعتمدت في الشمال الغربي على الأكراد، الذين أبدوا استعدادهم للتعاون مع موسكو والولايات المتحدة في الوقت نفسه".
وحول الإمكانات المتوفرة لهذا المحور؛ فقد ذكرت الصحيفة أن الأسد يمتلك حاليا حوالي 200 ألف جندي، وأقل من ألفي دبابة، وما زال يعتمد بشكل كبير على الحرس الجمهوري ووحدات النخبة، مثل قوات النمر، كما أنه يستعين بالآلاف من "المتطوعين" الشيعة، الذين يتمتع بعضهم بتدريب عال جدا.
وزادت: "أما الأربعة آلاف أو الخمسة آلاف جندي روسي الموجودين على الأراضي السورية؛ فهم منقسمون بين موظفين في الشؤون العامة، وجنود يقومون بتشغيل بطاريات الصواريخ، وقوات كوماندوس بحرية للعمليات الخاصة".
وأكدت الصحيفة أنه لولا كل هذه القوات الأجنبية التي التحقت ببشار الأسد؛ لكان الآن يسيطر فقط على العاصمة دمشق، أو أقل من ذلك، مضيفة أن تدفق المقاتلين من الخارج مكن النظام من الحد من قوة المعارضة وفاعليتها في
المعارك الميدانية، رغم أنها تتلقى هي أيضا دعما كبيرا من دول أخرى عربية وإسلامية.
وفي الختام؛ قالت الصحيفة إن قوات الثورة السورية تكبدت هزائم مؤلمة في الفترة الماضية، وتعاني من صعوبات كبيرة أمام التحالف الذي يخوض الحرب ضدها بسبب نقص الإمدادات، ولكنها رغم ذلك لا تزال تحاول الصمود وتعطيل تقدم قوات الأسد، على أمل أن تتغير الأوضاع في المستقبل.