تحول ملف التشغيل بمحافظات الجنوب
الجزائري، إلى "قنبلة موقوتة"، بعد أن تطورت أساليب احتجاج العاطلين عن العمل بشكل خطير جدا، بعد أن قام عدد من العاطلين الشباب على خياطة أفواههم احتجاجا على
البطالة الدائمة.
وقبل أسبوع، شهدت محافظة ورقلة جنوبا، منذ أيام قليلة، وإلى اليوم، ظاهرة لم يعهدها الجزائريون من قبل، حينما أقدم أربعة من العاطلين عن العمل على تقطيع أجسادهم للفت المسؤولين المحليين إلى حالهم.
وأمسك أربعة من شباب المدينة بسكاكين وشرعوا بتقطيع أجسادهم، ولفوا رقابهم بحبال غليظة، بصورة تشبه بداية الإعدامات.
ولم يكن هؤلاء العاطلون عن العمل، ليحتجوا بهذه الطريقة، على مقربة من حقول النفط بالصحراء الكبرى للجزائر، لو أن الجهات المسؤولة أخذت بعين الاعتبار مطالباتهم بتوفير مناصب الشغل، واستفسرت كيف أن هؤلاء لجأوا الأسبوع الماضي، على خياطة أفواهمم للأسباب نفسها.
ولم تفلح التماسات مصالح الشرطة لهؤلاء بالعدول عن احتجاجهم الفريد من نوعه، رغم تطميناتهم بإيصال مطالباتهم بالتشغيل للمصالح الحكومية، فقد قرر هؤلاء القبوع بالمكان وعلى المظهر نفسه ختى تحقيق مطالباتهم بالتشغيل.
وقال ناصر ماحي، أستاذ علم الاجتماع بالجزائر، بتصريح لصحيفة "
عربي21"، الجمعة إن "السلوك الاجتماعي الذي نزع إليه هؤلاء الشباب، يعبر عن يأس بمرحلته القصوى، وهو تعبير عن رفض تام للواقع".
وأضاف ماحي "شاهدنا من قبل شبان يقدمون على الانتحار وآخرون يخيطون أفواههم، وهذا تعبير عن جلد الذات عندما يتجاهل الآخرون وجودك كإنسان، بغض النظر عن الأسباب التي أدت بهؤلاء إلى تقطيع أجسادهم، فالبطالة موجودة في كل مكان وليس بمحافظة ورقلة فحسب".
وقال نجيب عيساوي، المختص بشؤون التشغيل، بالجزائر، بتصريح لصحيفة "عربي21"، الجمعة إن "الظاهرة فعلا تتطلب دراسة اجتماعية معمقة، وهناك مخاوف من انتشار عدوى تقطيع الأجساد بمحافظات أخرى، لأن الأسباب نفسها التي أدت بهؤلاء إلى تقطيع أجسادهم، تتكرر بمناطق أخرى.
وتساءل عيساوي "أستغرب كيف أن أكثر من 300 شركة نفطية بالجنوب الجزائري لم تستوعب بضع عشرات من طالبي الشغل"، مضيفا أن "هناك تلاعبا وطرقا ملتوية بالتوظيف، والضحايا محقون عندما يقولون لك هذا".
لماذا الجنوب؟
وأحدث ملف التشغيل احتقانا حقيقيا بمحافظات الجنوب الجزائري، طارحة التساؤل حول سبب وجود مشاهد الاحتجاج والغضب في محافظات الجنوب الجزائري فقط، رغم أن البطالة موجودة بجل محافظات الجزائر
وردا على ذلك، قال أهالي ورقلة في الجنوب إن "الجنوب يضم الكثير من حقوق النفط، في حين أن التوظيف بهذه الحقول حكر على أهل الشمال"، مما يثير غضبهم عندما "يرون أن شركات النفط توظف أشخاصا بعيدين عن المحافظة آلاف الكيلومترات، بينما يحرمون هم من التشغيل".