صحافة دولية

جيوبوليس: روحاني يحقق الانتصارات والمرشد الأعلى يستغلها

خامنئي (يسار) هو القائد الفعلي للبلاد رعم فوز جناح روحاني بالانتخابات - أرشيفية
نشرت صحيفة "جيوبوليس" الفرنسة تقريرا حول العقبات التي يواجهها التيار الإصلاحي في إيران، تحت حكم المرشد الأعلى علي خامنئي، خاصة بعد فوز هذا التيار بالانتخابات التشريعية.

وقالت الصحيفة في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن خسارة المحافظين المتشددين في الانتخابات الأخيرة التي جرت في 26 شباط/ فبراير، لا تعني بالضرورة فوز الإصلاحيين. فعلى الرغم من محاولتهم تحقيق تقدم سياسي يمر عبر البرلمان ومجلس الخبراء، إلا أن خامنئي قد يستغل هذا الانتصار لصالحه.

وذكرت الصحيفة أن المرشد الأعلى لإيران هو الذي يملك النفوذ الأوسع في أعلى هرم السلطة، وبالتالي فإن القرارات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية تبقى في الوقت الراهن في يد علي خامنئي الذي يقود التيار المحافظ. كما أن مراقبة عمل المرشد الأعلى من قبل مجلس الخبراء هي بمثابة إجراء شكلي فقط، فهو يتمتع بصلاحيات واسعة تجعله بعيدا عن المحاسبة.

وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد حوالي سبعة أشهر من توقيع إيران للاتفاق المتعلق ببرنامجها النووي مع الغرب، أثبت الناخبون الإيرانيون دعمهم للرئيس روحاني وحلفائه، حينما ألحقوا بالتيار المحافظ هزيمة نكراء وصفها بعض المنتمين لهذا التيار "بالخيانة".

لكن، مع وجود كل من مير حسين موسوي ومهدي كروبي، وهما اثنان من أبرز زعماء التيار الإصلاحي، تحت الإقامة الجبرية المفروضة عليهما منذ سنة 2009، بالإضافة إلى إقصاء أغلب الإصلاحيين من قبل مجلس صيانة الدستور، فإن الانفتاح الذي طالب به الناخبون الإيرانيون، على الأقل من الناحية الاقتصادية، سيؤجل حاليا من قبل التيار المعتدل.

وقالت الصحيفة إن مجلس الخبراء هو المسؤول عن انتخاب أو عزل المرشد الأعلى، إلا أن ذلك لن يتم سوى في حال وفاته أو تعذر قيامه بمهامه. ومن بين 88 من رجال الدين الذين سيشكلون هذا المجلس، حصل كل من الرئيس السابق علي أكبر هاشمي رفسنجاني والرئيس الحالي حسن روحاني، على المراكز الثلاثة الأولى خلال الانتخابات، مستبعدين بذلك رجل الدين الأكثر تطرفا، آية الله محمد تقي مصباح يزدي.

وتحدّثت الصحيفة عن صلاحيات المرشد الأعلى في إيران؛ التي تشمل مراقبة كل التيارات المساهمة في رسم معالم المشهد السياسي في البلاد، بالإضافة إلى السماح للرئيس الحالي بالترشح لولاية ثانية، والقيام بالإصلاحات المنتظرة من قبل الشعب، خاصة بعد رفع العقوبات المفروضة على إيران منذ سنوات.

كما أنه إثر فوز الإصلاحيين بمقاعد البرلمان، توجه الرئيس روحاني بكلمة للشعب شكر فيها الناخبين الإيرانيين، الذين "اختاروا الطريق الصحيح للبلاد"، وأكد أن هذه الخطوة إيجابية وستساهم في مزيد التقدم لإيران. وأضاف أنه "إذا كان هناك أناس ما زالوا يعتقدون أن البلاد يجب أن تكون في مواجهة مع الآخرين، فهم لم يفهموا بعد الرسالة التي حملتها سنة 2013"، وذلك في إشارة منه إلى التصريحات التي أدلى بها خصومه خلال الانتخابات الرئاسية التي فاز بها.

ونقل التقرير ما ورد في صحيفة "كيهان" المقربة من التيار المحافظ، حيث قالت إن "التحليلات التي نشرتها وسائل إعلام من بينها "سي إن إن" و"بي بي سي" و"فوكس نيوز"، وأكدت أن الانتخابات التشريعية كانت بمثابة تأييد ودعم لسياسات روحاني وحكومته المعتدلة، هو أمر يبعث على السخرية". وأضافت "كيهان" أن "الواقع مغاير تماما لذلك، فالانتخابات هي مجرد فرصة سانحة للناخبين للتعبير عن دعمهم للجمهورية الإسلامية، التي تعتبر أهم نموذج حكم للمنطقة بأكملها".

ونقلت الصحيفة عن الباحث في مركز دراسات الأزمات والصراعات الدولية، فنسنت إيفلينغ، أن "هنالك مراكز لقوى مختلفة داخل النظام الإيراني، لعل أبرزها الحرس الثوري ورجال الدين الذين يتحكمون بنحو 80 في المئة من اقتصاد إيران".

وأضاف هذا الباحث أن إيران لن تغير من سياساتها الخارجية، خاصة تلك المتعلقة بالأزمة السورية ودعم نظام الأسد، بالإضافة إلى علاقتها مع المملكة العربية السعودية، لأن المرشد الأعلى هو من يتخذ القرارات وعلى السلطة التنفيذية تطبيقها، لذلك فمن المستبعد أن تتخذ إيران موقفا مغايرا حيال هذه الملفات.

واعتبرت الصحيفة أن الفائز الأكبر في الانتخابات التشريعية كانت المرشحات من النساء، حيث احتلت النساء الإيرانيات، ومعظمهن من التيار الإصلاحي، 14 مقعدا في البرلمان، مقابل تسعة مقاعد للمرشحات عن التيار المحافظ.

ولفتت الصحيفة إلى أن العملية الانتخابية الأخيرة لا تعدو كونها إحدى أشكال الحراك السياسي المعتاد في إيران، وهي لن تؤدي إلى تغيير في موقع إيران ومواقفها ومصالحها الاستراتيجية.