عقدت عدد من المنظمات الحقوقية
المصرية مؤتمرا صحفيا، مساء الثلاثاء، لاستعراض
الانتهاكات ضد المرأة بالسجون المصرية، بمناسبة ذكرى
اليوم العالمي للمرأة، بمشاركة مركز هشام مبارك للقانون، والتحالف الثوري لنساء مصر، والتنسيقية المصرية للحقوق والحريات، وحملة "البنات لازم تخرج".
وقال التحالف الثوري لنساء مصر: "ليس جديدا أن نعيد التذكير بأن المرأة المصرية تعاني منذ الانقلاب العسكري في 3 تموز/ يوليو 2013 ما لم تعانيه أبدا على مر التاريخ؛ ولكن وجب علينا في كل مناسبة أن نعيد تذكير ذوي الضمائر الحية أن هناك ابنة وأختا وزوجة وأما مازلن يعانين أشد ألوان العذاب تحت نيران وقهر وظلم الانقلاب وقادته وعسكره، فمازال الرهان على هذا الضمير الذي لا بد أن يستيقظ في الشعب المصري جميعه ومن ثم في النشطاء الحقوقيين والرأي العام العالمي لإنقاذ المرأة المصرية والذود عنها ورفع الغبن القابع على صدرها حتى تتحرر، ومن ثم تسهم في دورها الحقيقي لرفعة ورقي وتقدم الأمم".
وأكد- في بيان له قرأته بالمؤتمر المتحدث الرسمي باسم تحالف
نساء مصر الحقوقية هدى عبد المنعم- أن "ما يؤسف له أن لغة الأرقام مازالت تؤكد حجم معاناة المرأة المصرية في ظل الانقلاب؛ فبخلاف ارتقاء ما يقرب من 100 شهيدة في الاعتداءات والمذابح المستمرة؛ مازالت هناك 56 فتاة وسيدة رهن الاعتقال في سجون الانقلاب؛ وذلك من بين ما يقرب من 2000 امرأة وفتاة عانت وذاقت مرارة الاعتقال أو الاحتجاز على فترات مختلفة؛ تعرض ما يقرب من 24 منهن إلى محاكمات عسكرية بما ينافي كافة الأعراف القانونية والدستورية، كذلك مازالت هناك أربع فتيات رهن الاختفاء القسري من قبل الأجهزة الأمنية".
وأوضح أن حالات الاعتقال الأخيرة تشير إلى "التطور النوعي في عنف الانقلاب بحق المرأة المصرية؛ حيث تم اعتقال الكثير من الحالات مؤخرا من منازلهن، أي أن الانقلاب الآن يطارد المرأة ليس فقط في المسيرات والتظاهرات السلمية التي يطالبن فيها بالكرامة والحرية، بل وكذلك في بيوتهن ووسط أسرهن. كذلك كان هناك سقف آخر للخطوط الحمراء تم تعديه، حيث رصدنا اعتقال الفتيات والسيدات كرهائن للضغط على ذويهن لتسليم أنفسهم، الأمر الذي يمثل تجاوزا خطيرا وعلامة على حالة التردي الشديد الذي وصل إليه المجتمع بعد الانقلاب".
وأضاف التحالف الثوري لنساء مصر: "نود أن نلقي هذا العام الضوء على ملف من أكثر ملفات الانقلاب دموية، ألا وهو عنفه تجاه المرأة والأسرة في سيناء، حيث عزل الانقلاب سيناء عن بقية المجتمع المصري، وأخذ يعمل فيها القتل والتدمير والعنف الممنهج؛ وهو عنف طال في أغلبه المرأة، والتي هدمت بيوتها وقتل أفراد أسرتها وأطفالها واحدا تلو الآخر، وكأنهم يعيشون خارج نطاق الزمن والقانون".
ونوه إلى أن انتهاكات الانقلاب لم تقتصر على شخص المرأة كفرد، بل طالت كافة الملفات التي تهم الأسرة المصرية؛ وعلى سبيل المثال فقد حصلت مصر على المركز قبل الأخير بين 124 دولة في العالم فيما يخص جودة المدارس الابتدائية، كما قبعت في المركز نفسه في جودة نظم التعليم والتدريب، على جانب آخر تشير أرقام الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى وقوع حالة طلاق كل ست دقائق، وقد أشارت دراسات أخرى إلى ارتفاع عدد حالات الطلاق إلى 172 ألف حالة في العام الماضي وحده.
وفيما يخص الملفات الاجتماعية والاقتصادية، فقد وصل عدد من يحترفون الشحاذة في مصر الآن وفقا لبعض التقديرات إلى 2 مليون متسول، كما ارتفعت أسعار السلع في أسواق التجزئة بنسب تتراوح ما بين 9 و35%، وسط مخاوف من ارتفاعها بشكل أكبر.
وشدّد التحالف الثوري لنساء مصر على أنه لن يمل من استمرار المطالبة بالإفراج الفوري والسريع عن كافة المعتقلات الـ 56 مع تقديم التعويض المناسب لهن، بل والتحقيق في كامل الانتهاكات التي تعرضن لها، والتوقف عن عمليات الملاحقة والاختطاف والاعتقال التعسفي للنساء والفتيات.
كما طالب بالإسقاط الفوري والعاجل لهذا الانقلاب العسكري ومعه محو كافة آثار هذا الانقلاب وكل ما ترتب عنه، وإعادة الحياة الديمقراطية إلى مسارها الطبيعي المكتسب عقب ثورة 25 يناير، مشددا على ضرورة عدم الاعتراف بأية اتفاقيات أو معاهدات أو عقود يوقعها الانقلاب وقادته، ومن ثم تصبح هي والعدم سواء.
من جهتها، طالبت مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان السلطات المصرية باحترام كافة حقوق المرأة، والعمل على تعزيز مكانتها في المجتمع، والالتزام بكافة المواثيق والاتفاقيات الدولية المعنية بالمرأة، والإفراج الفوري عن جميع المسجونات على ذمة القضايا السياسية والتعبير عن الرأي.
وأشارت إلى وجود أكثر من 127 حالة من النساء قتلن على أيدي القوات الأمنية خلال العامين الماضيين، دون فتح أية تحقيقات من قبل النيابة العامة للوقوف على مرتكبي هذه الجرائم ضدهن، وهناك حالتا
إعدام بحق النساء، إحداها حضوريا (سامية شنن)، والأخرى غيابيا (سندس عاصم).
وقالت: "تأتي هذه الذكرى في وقت انتهكت فيه حقوق المرأة الأساسية – التي كفلتها الأديان السماوية والمواثيق الدولية والعادات والتقاليد والأعراف المُتبعة، حفاظا على مكانتها، واحتراما وتبجيلا لها، وتقديرا لدورها العظيم في الحياة والمجتمع– من قبل نظام لم يدع للمرأة مكانة ولا احتراما، بل وحبسها وأهانها ولفق لها التهم؛ وانتهك كل الاتفاقيات المعنية بالمرأة، في تحد صريح لهذه الاتفاقيات، مما عمل على زعزعة مكانة مصر عالميا في مجال الانتهاكات المُتعلقة بالمرأة".
من جهته، ناشد مركز الشهاب لحقوق الإنسان المجتمع الدولي والمنظمات الدولية المعنية بحقوق المرأة بتبني قضايا المرأة المصرية، مطالبا بإخلاء سبيل جميع الفتيات المحبوسات بسبب الآراء والمواقف السياسية، ووقف تنفيذ كافة الأحكام الصادرة ضد البنات بسبب آرائهن السياسية وما يترتب عن ذلك من آثار.
وطالب- في بيان له الثلاثاء- النائب العام بالإعلان عن نتائج التحقيق الخاصة بمقتل كل من شيماء الصباغ، وسندس أبوبكر، وهالة أبو شعيشع، وأسماء البلتاجي، وحبيبة عبد العزيز، مؤكدا على ضرورة وقف العنف الذي وصفه بالممنهج ضد المرأة، لافتا إلى تعرض المرأة المصرية منذ 30 حزيران/ يونيو 2013 لاضطهاد غير طبيعي وملاحقة أمنية لم يسبق لها مثيل، خاصة أن النظام تعدى كافة الخطوط الحمراء.
وفي الإطار نفسه، وبمناسبة يوم المرأة العالمي، نظمت أمهات وزوجات وأهالي المختفين قسريا وقفة تضامنية معهم أمام نقابة الصحفيين، الثلاثاء، تحت عنوان "ولادنا فين؟"، بالتعاون مع حملتي "هنلاقيهم" و"أوقفوا الاختفاء القسري".
يذكر أن الاختفاء القسري لم يقتصر على أحداث الثورة التي دارت في الثمانية عشر يوما الأولى، بل امتدت لتشمل أشخاصا من كل الأحداث التي تلت، منها أحداث "محمد محمود، مجلس الوزراء، شارع منصور، وما بعد مذبحة استاد بورسعيد، وصولا إلى مجزرة الحرس الجمهوري، والمنصة، وفض رابعة العدوية، والنهضة، وحتى اليوم".
وفي السياق ذاته، حيا الائتلاف العالمي للمصريين بالخارج "صمود المرأة المصرية ودورها الرائد في النضال من أجل الحرية والكرامة"، مؤكدا تصميمه مع جموع المصريين المؤمنين بالحرية والعدالة والكرامة الإنسانية على ملاحقة كل من أجرم ومازال في حق المرأة المصرية ومحاكمته.
وأهاب – في بيان له- بالمجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته لوقف الانتهاكات، مجددا مطالباته بتشكيل لجان دولية للتحقيق في حالات القتل خارج نطاق القانون، والاغتصاب والتحرش الجنسي داخل أماكن الاحتجاز، والاختفاء القسري والتعذيب، والمعاملة اللا آدمية داخل أقسام الشرطة والسجون.
وأشار الائتلاف إلى أن المرأة المصرية تضرب مثلا رائعا في التمسك بالحرية والكرامة التي قامت من أجلها ثورة كانون الثاني/ يناير رغم ما تعانيه من استهداف مباشر متعمد، بالإضافة للتضييق على أسر أكثر من 40 ألف معتقل سياسي يعانون اضطهادا اجتماعيا واقتصاديا.
كما عقدت حركة "نساء ضد الانقلاب" بجنوب أفريقيا مؤتمرا صحفيا، الثلاثاء، عرضت فيه انتهاكات العسكر بحق المرأة المصرية، مشدّدة على ضرورة إنهاء الانقلاب وعودة الشرعية الدستورية على رأسها الرئيس محمد مرسي.
وطالبت الحركة بإلغاء كافة أحكام الإعدام والسجن بحق النساء المصريات المعتقلات، ومحاكمة قادة الانقلاب محاكمة دولية، وسرعة إصدار مذكرات اعتقال بحقهم من الهيئات المعنية بالشأن الحقوقي.
وفي الثامن من آذار/ مارس كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي للمرأة، الذي أقرته الأمم المتحدة في 1975، تعبيرا وامتنانا لدور المرأة في بناء المجتمع اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا.
يذكر أنه منذ وقوع الانقلاب العسكري، تتعرض النساء والفتيات لانتهاكات صارخة، كان من نتيجتها استشهاد نحو 100 سيدة وفتاة، وفصل 526 من الجامعة، وتعرض 304 لانتهاكات عامة، و24 للمحاكمات العسكرية، و24 امرأة للاغتصاب والتحرش.
وبلغ عدد الفتيات رهن الاعتقال 56، والمخلى سبيلهن 1933، فيما بلغ مجموع البنات المحكوم عليهن 248، واختفاء أربع قسريا، ووصل مجموع الكفالات والغرامات 2 مليون و208 آلاف جنيه، كما بلغ إجمالي سنوات الأحكام 1009 سنوات وثلاثة شهور.