يترقب
المصريون تعديلا حكوميا جديدا طال انتظاره، هيأتهم له وسائل الإعلام، بحديثها الدائم عنه، وعقدها تكهنات واسعة له، طيلة الأيام والأسابيع الماضية، أجمعت على أنه مسألة وقت، وأنه لن ينتهي الأسبوع المقبل دون إعلانه، كما أنه لن يمس رأس الحكومة شريف إسماعيل، ولا وزراء الدفاع، والخارجية، والتعاون الدولي.
السادس للانقلاب والرابع للسيسي
ويعد هذا التعديل هو الحكومي السادس منذ انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013، والرابع في حكم رئيس الانقلاب عبدالفتاح
السيسي، منذ أن كلف أول حكومة في 17 حزيران/ يونيو 2014، عرفت باسم "حكومة إبراهيم محلب الثانية"، وشملت 34 حقيبة، منها 14 وزيرا جديدا، و20 من الحكومة السابقة، واستحدث بها وزارة التطوير الحضاري والعشوائيات، وألغيت بمقتضاه وزارتا الإعلام والتنمية الإدارية.
والخميس 5 آذار/ مارس 2015، فاجأ السيسي المصريين بتعديل حكومي محدود، شمل خروج ستة وزراء أبرزهم وزير الداخلية محمد إبراهيم، ليحل محله الوزير الحالي مجدي عبدالغفار، علاوة على تغيير خمسة آخرين، هم وزراء التربية والتعليم، والزراعة، والثقافة، والاتصالات، والسياحة، مع استحداث وزارتي: التعليم الفني، والسكان.
واستقال من تلك الحكومة وزير العدل، محفوظ صابر، في أيار/ مايو الماضي، على إثر زلة لسانه الشهيرة، فيما يتعلق بترفض تعيين أبناء الزبالين (جامعي القمامة) في سلك القضاء، إذ حل محله الوزير المقال أحمد الزند، كما استقال وزير الزراعة، صلاح هلال (الصواب أنه أقيل)، ثر اتهامه هو الآخر بالتورط في قضية فساد، سميت ب"الفساد الكبرى".
ثم جاء التعديل الحكومي الثالث، بحكم السيسي، في 19 أيلول/ سبتمبر 2015، وأطاح فيها السيسي بإبراهيم محلب، وجاء بوزيره للبترول، شريف إسماعيل، مكانه، وتألفت من 33 وزارة، وشهدت تعيين 16 وزيرا جديدا، علاوة على ضم 3 وزارات شملت التعليم العالي والبحث العلمي، والصحة والسكان، والتربية والتعليم والتعليم الفني، مع استبدال وزارة الشؤون القانونية ومجلس النواب بوزارة "العدالة الانتقالية" (التي نشأت بعد ثورة يناير)، واستحداث وزارة "الهجرة والمصريين بالخارج".
ويعد التعديل الوزاري المرتقب أيضا هو السادس منذ انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013، إذ استعان الرئيس المعين من قبل العسكر، عدلي منصور بأول حكومة، بعد الانقلاب في 16 تموز/ يوليو 2013، وأسند رئاستها إلى حازم الببلاوي، ثم قام بتغييرها، وأسند رئاستها إلى إبراهيم محلب 25 شباط/ فبراير 2014.
لا بديل عن التعديل الوزاري لماذا؟
بدورها، أكدت مصادر لصحيفة "
عربي21" أنه ليس هناك بديل عن سعي الحكومة للتعجيل في إعلان التغيير الوزاري، خلال الأسبوع المقبل، نظرا لأن المادة 147 من دستور 2014 (الذي وضعته لجنة الخمسين، المعينة من قبل العسكر) تنص على إعفاء الحكومة من أداء عملها عقب موافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب، أو إجراء تعديل وزاري بموافقتهم، الأمر الذي يتطلب تشكيلا حكوميا جديدا.
ومن جهتهم، أكد مراقبون أن التعديل الحكومي الجديد يستهدف احتواء غضب الشارع من مشكلات الدولار والغلاء وتدني الخدمات، كما يسعى إلى صنع وجه جديد "نيو لوك" للحكومة البائسة الحالية، علاوة على تخفيف حدة المواجهة المرتقبة بينها وبين البرلمان، لاسيما أن الكثيرين من أعضائه، لا يشعرون بالرضاء عن أداء ثلة من الوزراء.
كذلك، يأتي هذا التعديل على خلفية إقالة وزير العدل، أحمد الزند، وبالتالي لابد من شغل منصبه الشاغر، وأيضا في إطار مطالبات عدد من النواب، بالقيام بالتعديل قبل عرض الحكومة برنامجها على البرلمان، لتكون أشبه بحكومة جديدة، مما يؤدى لمنحها الثقة، والفرصة لتحقيقه على أرض الواقع، لا سيما مع سوء أداء عدد من الوزراء.
متى يتم إعلان التعديل؟
رجح مراقبون أن يتم إعلانه في الأسبوع المقبل، قبل إلقاء الحكومة بيانها، وعرض برنامجها، أمام مجلس النواب، يوم 27 آذار/ مارس الجاري.
وفي هذا الصدد، قال الإعلامي محمد الغيطي، إنه سيتم إعلان التشكيل الجديدة للحكومة، مع بداية الأسبوع المقبل.
في حين قال الإعلامي شريف عامر، في برنامجه "يحدث في مصر"، عبر فضائية "mbc مصر"، مساء أمس الأربعاء: إن منتصف الأسبوع المقبل، وتحديدا يوم الأربعاء (موعد الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء) سيشهد حدوث التعديل.
بورصة التكهنات: تغيير من 7 إلى 12 وزيرا
رجحت تقارير إعلامية أن تشمل التعديلات المرتقبة من 7 إلى 12 وزيرا، من بينهم عدد من وزراء المجموعة الاقتصادية والخدمية، فضلا عن وجود اتجاه لإلغاء وزارة الدولة للشؤون القانونية والبرلمانية.
فقد أكد الغيطي، في برنامجه "صح النوم" عبر فضائية "LTC"، الثلاثاء، أن هناك شبة اتفاق على أن هناك 12 حقيبة وزارية سيتم تغييرها.
وأوضح أن من بين الوزراء الذين سيتم تغييرهم: الصحة والتعليم والتعليم العالي والزراعة، بينما الوزراء المؤكد بقاؤهم: الخارجية والدفاع والداخلية والإنتاج الحربي.
ومن جهته أكد شريف عامر، أن التعديل سيشمل 7 حقائب هي: النقل، والاستثمار، والمالية، والصحة، والتربية والتعليم، والعدل، والتجارة والصناعة.
وأضاف أن من المرجح تعيين وزير جديد لوزارة الأوقاف بدلا من محمد مختار جمعة.
وعلاوة على ما سبق رشحت بورصة التكهنات خروج كل من وزراء: السياحة، والآثار، والموارد المائية والري، والبيئة، والتنمية المحلية.
وذكرت صحيفة "الفجر"، اليوم الخميس، أن التعديل الوزاري سيطيح بثلث وزراء شريف إسماعيل، بمن فيهم وزراء: التعليم، والصحة، ووزراء المجموعة الاقتصادية.
وأكدت "الفجر" بقاء وزير المالية، هاني قدري دميان، في الحكومة الجديدة، لأنه "هو من وضع الميزانية، ويجب أن يتابع تنفيذها بنفسه"، بحسب الصحيفة.
لكن "المصري اليوم"، الصادرة الخميس، رجحت خروج دميان، وقالت إن كلا من وزير التخطيط، أشرف العربي، وعمرو الجارحي، رئيس بنك الاستثمار القومي، مرشح لخلافته.
وقالت إن المستشار عادل الشوربجي، مساعد وزير العدل، مرشح لتولي حقيبة العدل، خلفا للزند.
وفي بورصة التكهنات، لم يسلم وزير الداخلية، مجدي عبد الغفار، من وضع اسمه بقائمة المرشحين للخروج، بعد الأضرار الشديدة، التي ألحقتها "الداخلية" في الفترة الأخيرة بنظام السيسي.
لكن صحيفة "الفجر" ذكرت العكس من ذلك، ورأت، الخميس، أنه "نجح في إعادة السيطرة على الوزارة، وتقليل حجم الخسائر".
أما الوزير الوحيد الذي التقاه السيسي منفردا، أخيرا، فهو وزير الدولة للإنتاج الحربي، محمد العصار، الذي أطلعه الثلاثاء - بحسب المتحدث باسم الرئاسة علاء يوسف - على خطة تطوير الوزارة، وإسهامها في المشروعات القومية، وتطوير المنتجات العسكرية.
لماذا هؤلاء مرشحون للرحيل؟
تناولت وسائل الإعلام سوء أداء عدد من الوزراء، واعتبرت أن فترة تولي وزير السياحة، هشام زعزوع، قد شهدت هبوطا حادا في نسبة السياحة زاد بعد حادثة سقوط الطائرة الروسية، وفقدتها الدولة بشكل شبه كامل كمصدر من مصادر الدخل القومي.
وعلى مستوى وزارة الري شهدت عجزا من حسام المغازي عن حسم ملف "سد النهضة"، لذا يتوقع أن يتم تغييره هو الآخر.
وترجح أن تتم الإطاحة بوزير الاستثمار، أشرف سلمان، بسبب تعثر خطوات تهيئة المناخ العام في مصر للاستثمار، لا سيما أنه تعرض سابقا ل"مشروع إطاحة" في بداية تشكيل حكومة شريف إسماعيل.
وبدوره، دخل وزير الصحة، أحمد عماد، في بورصة الخارجين، نتيجة تورطه في مشكلات عدة مع نقابة الأطباء؛ إضافة إلى تدهور أحوال المستشفيات الحكومية، وتفاقم مشكلات قانون التأمين الصحي، وغيرها من الأزمات، التي لا تزال مستمرة.
أما الطريف فهو ما أشارت إليه "الفجر" من أن الاسم المرشح لتولي حقيبة التعليم، خلفا للوزير الحالي الهلالي الشربيني، هو حسام بدراوي، الذي اختاره الرئيس المخلوع حسني مبارك، أمينا عاما للحزب الوطني المنحل، عقب أيام قليلة من ثورة 25 يناير، في محاولة منه يومها لتهدئة الشارع، قبل أن تفشل تلك الخطوة، ويعلن الرجل ابتعاده عن الحزب.
الحكومة مصرة: لا تعديل
في مقابل ضجيج هذا الزخم الإعلامي، يصر المتحدث باسم مجلس الوزراء، حسام القاويش، حتى اللحظة الأخيرة، وفي مختلف تصريحاته، على نفي "ما تردد حول وجود تعديل وزاري مرتقب"، على حد تعبيره.
قال ذلك لصحيفة "الشرق الأوسط"، الأربعاء، كما صرح به لبرنامج "مانشيت"، عبر فضائية "أون تي في لايف"، مساء الاثنين، قائلا: "هذا الكلام مجرد تقديرات إعلامية، لا أرى لها أي صدى داخل مجلس الوزراء".