نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا للكاتب فلاديمير وان فيلغينبيرغ، قال فيه إن
تركيا تدعم فصيلا كرديا جديدا داخل الجيش السوري الحر؛ لاستعادة الأراضي التي يسيطر عليها
تنظيم الدولة، ولإيقاف وحدات حماية الشعب الكردي من السيطرة على مساحات جديدة من الأراضي المجاورة للحدود التركية.
ويشير التقرير إلى أن المجموعة المعروفة باسم
أحفاد صلاح الدين، تيمنا باسم القائد الكردي الشهير في القرن الثاني عشر صلاح الدين الأيوبي، استولت على عدة قرى كان يسيطر عليها تنظيم الدولة على الحدود بين جرابولوس وعزاز، بعد ضربات بالمدفعية وهجمات صاروخية تركية، وقام تنظيم الدولة ردا على ذلك بضرب بلدة كيليس هذا الشهر، وقتل مدنيين.
ويستدرك الموقع بأن التهديد بضرب وحدات حماية الشعب ما لم تنسحب من الأراضي، التي استولت عليها من الثوار المعارضين خلال تقدم القوات الحكومية في شمال
سوريا الشهر الماضي، أثار مخاوف احتمال نشوب "حرب أهلية كردية".
وينقل الكاتب عن محمود أبو حمزة، وهو أحد قيادات أحفاد صلاح الدين، ومقره في تركيا، قوله إن المجموعة تدعمها أمريكا وتركيا، وتعد نفسها جزءا من التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة، ويضيف: "تركيا لا تدعمنا بالأسلحة، أسلحتنا أمريكية"، مشيرا إلى أن لدى المجموعة حوالي 600 مقاتل معظمهم من بلدة عفرين والقرى ذات الأغلبية الكردية في محافظة حلب.
ويلفت التقرير إلى أن مجموعة تحمل الاسم ذاته قاتلت هناك عام 2013، لكنها تفككت وانضم مقاتلوها لفصائل ثوار أخرى، مستدركا بأن أبا حمزة يقول إنه تمت إعادة المجموعة للتصدي لوحدات حماية الشعب الكردي، التي اتهمها بأنها تقف مع حكومة النظام السوري، وتثير التوتر بين
الأكراد والعرب.
ويقول أبو حمزة للموقع: "أكراد عفرين هم أهلنا، ولن نسمح لأحد بأن يستخدمهم للدفاع عن النظام، وهذا ليس لأنهم أكراد، لكن لأنهم عملاء للنظام وللروس"، ويضيف: "إنهم (وحدات حماية الشعب الكردي) ضد الأكراد، هذه المجموعات تحاول إشعال حرب طائفية بين العرب والأكراد، وهذا لن يحدث؛ لأننا لن نسمح به، وإن لم تنسحب وحدات حماية الشعب من تل رفعت وقاعدة منغ الجوية، سنقاتلهم في الأماكن الواقعة بين جرابولوس وعزاز (منطقة يسيطر عليها تنظيم الدولة)".
ويتابع أبو حمزة قائلا: "ستكون هذه بداية تحرير بقية المناطق الكردية، وسيطرد تنظيم الدولة من هذه المنطقة قريبا جدا، وسيتم طرده من سوريا"، بحسب الموقع.
ويذكر فيلغينبيرغ أن كلا من وحدات حماية الشعب الكردي والقوات العربية السورية الديمقراطية استفادت من غارات الطائرات الروسية والتقدم الذي أحرزته القوات الموالية للحكومة للاستيلاء على أراض، بما في ذلك القاعدة الجوية في منغ من قوات ثوار منافسة، وهو ما سمح للأكراد بتوسيع مناطقهم حول عفرين.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن وحدات حماية الشعب الكردي تسيطر على منطقة في محيط كوباني إلى الشرق على الحدود التركية، وتسعى لاحتلال الشريط الحدودي بين عزاز وجرابولوس، مشيرا إلى أن الأكراد السوريين التقوا في مدينة رملان، لمناقشة إيجاد إقليم فيدرالي ما دامت الفيدرالية مطروحة على الطاولة خلال جولة مفاوضات السلام الحالية في جنيف.
ويورد الموقع نقلا عن المسؤول الكردستاني المحلي إدريس ناسان، قوله: "الفيدرالية مطلب رئيسي لأكراد سوريا، وكانت هي الهدف المرجو من وراء كل خطوة، والآن هو الوقت المناسب لإعلانها".
ويستدرك الكاتب بأن تركيا تعارض إقامة إقليم كردستاني في سوريا، وقامت بقصف وحدات حماية الشعب الكردي، ودعمت غيرهم من الثوار المعارضين شمال حلب؛ لإيقاف زحفهم، فهي تتهم وحدات حماية الشعب الكردي بارتباطها بحزب العمال الكردستاني، كما ادعت تركيا يوم الثلاثاء بأن وحدات حماية الشعب الكردي دربت مرتكب التفجير في أنقرة، الذي قتل 37 شخصا، لافتا إلى أن وحدات حماية الشعب الكردي أعلنت سابقا أنه لا علاقة لها بالتفجيرات التي تحصل في تركيا.
وينقل التقرير عن زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي "الكردي السوري"، وهو شريك وحدات حماية الشعب، صالح مسلم، قوله في مؤتمر يوم الأربعاء في الجامعة الأمريكية في السليمانية في إقليم كردستان العراق: "لا ندري من يقف خلف التفجيرات في تركيا، ونحن نشجب الهجمات الإرهابية التي تستهدف المدنيين"، وأضاف: "بعض الجهات التركية تتهم وحدات حماية الشعب بتنفيذ التفجيرات، لكننا ننكر هذه الاتهامات".
ويقول محللون لـ"ميدل إيست آي" إن إعادة تشكيل أحفاد صلاح الدين يظهر استعداد أمريكا وتركيا للتعاون مع مجموعات غير وحدات حماية الشعب ودعمها للحرب على تنظيم الدولة، ويقول الباحث في شؤون الشرق الأوسط في مركز "نيو أميريكان سيكيوريتي" في واشنطن نيكولاس هيراس: "الاهتمام الذي أعير لهذه المنظمة مؤخرا يظهر أن قوات كردية غير وحدات حماية الشعب مقبولة لدى تركيا، ويمكن أن تكون جزءا من الحملة ضد تنظيم الدولة".
ويضيف هيراس للموقع: "يمكن النظر إلى هذه المنظمة على أنها محاولة تركية لتفعيل وكيل كردي في سوريا، وتركيا مستعدة للتعامل مع قوة كردية كجزء من هذه المعادلة، لكن يجب أن تكون ضد حزب العمال الكردستاني".
ويعرض فيلغينبيرغ وجهة نظر كبير الباحثين في الشأن التركي والكردي في مركز الجزيرة للدراسات غالب دالي، الذي يقول إن أنقرة مستعدة لدعم قوة كردية لقتال تنظيم الدولة ما دامت معارضة لطموحات وحدات حماية الشعب العسكرية والسياسية.
ويعلق التقرير بأنه لا تزال هناك تساؤلات حول مدى الدعم الأمريكي لأحفاد صلاح الدين، حيث ينكر المسؤلون الأمريكيون أنهم زودوا تلك المجموعة بالسلاح.
ويقول المتحدث باسم التحالف ضد تنظيم الدولة العقيد كريستوفر غارفر للموقع: "بعد التحقق من قواتنا التي تقدم النصح، وتساعد المجموعات المقبولة من المعارضة السورية على خط مارع، يتبين أنهم لا يعرفون أحفاد صلاح الدين". ويضيف غارفر: "ليست هناك مجموعة تحمل هذا الاسم تصلها ذخيرة من الولايات المتحدة".
وبحسب الكاتب، فإنه لتعقيد الأمور أكثر، قامت حكومة إقليم كردستان العراق بتدريب حوالي 3 آلاف مقاتل بيشمركة سوري؛ للمشاركة في القتال ضد تنظيم الدولة في سوريا، مستدركا بأن وحدات حماية الشعب منعتهم من الرجوع إلى سوريا؛ خوفا من وقوع صراع بين المجموعات الكردية.
وينوه التقرير إلى أن المجلس الوطني الكردي السوري، وهو جزء من كتلة المعارضة السورية، حاول إقناع وحدات حماية الشعب وحزب الاتحاد الديمقراطي بالسماح بعودة المقاتلين، بناء على اتفاقات تمنع وقوع اقتتال بين المجموعات الكردية المتنافسة، لكن عضو المجلس الوطني الكردي والمشارك في مفاوضات جنيف كونه جزءا من المعارضة السورية، بهجت بشير، قال إن المجلس لا يملك أي سلطة على أحفاد صلاح الدين، وأضاف بشير: "الحرب الأهلية الكردية خط أحمر، وليست لنا علاقة بلواء صلاح الدين، لكن علاقتنا فقط ببيشمركة روجوفا".
ويشير الموقع إلى أنه في الوقت ذاته، فإن وكالة أنباء هاور، التي تدعمها وحدات حماية الشعب، اتهمت المجلس الوطني الكردي بتأييد الهجمات التي تقوم بها مجموعات مدعومة من تركيا ضد وحدات حماية الشعب والمدنيين الأكراد في حلب، لكن المجلس الوطني الكردي أنكر تلك الاتهامات.
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى قول بشير: "لا ندعم أبدا قصف المدنيين من أي قوة كانت، ولا أحد يستطيع القول بأن المجلس الوطني الكردي يدعم قصف شعبه".