أعلن الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان، الاثنين، التعبئة العامة ضد "الإرهاب" بعد سلسلة غير مسبوقة من الاعتداءات الدامية التي تعرضت لها البلاد التي يسودها الحذر حيث تلاحق الشرطة ثلاثة جهاديين يشتبه بأنهم يعدون لاعتداءات أخرى. واتهم حلفاءه الأوروبيين بمناصرة حزب
العمال الكردستاني.
وبعد يومين من عملية انتحارية جديدة استهدفت حيا سياحيا في اسطنبول، مجد أردوغان "عظمة السلطنة العثمانية" وأشاد بروح النصر في معركة جاليبولي خلال الحرب العالمية الأولى للتصدي "لإحدى أكبر موجات الإرهاب في تاريخ"
تركيا.
وقال أردوغان في خطاب ألقاه في الحي نفسه باسطنبول: "سنضرب هذه التنظيمات الإرهابية بأشد ما يمكن"، داعيا الأتراك إلى "رص الصفوف" في مواجهة هذا التهديد.
وقال الرئيس الإسلامي المحافظ: "إزاء استراتيجيات الإرهابيين الجديدة، سنطور أنماط قتال جديدة وسنحقق انتصارا سريعا".
وتابع ردا على المنتقدين الذين يتهمونه بالجنوح إلى التسلط: "نحن لا نقاتل الديمقراطية بل الإرهاب، لا نقاتل حقوق الإنسان بل الإرهابيين".
وتشهد تركيا منذ عدة أشهر حالة إنذار مشددة نتيجة سلسلة غير مسبوقة من الاعتداءات التي نسبت إلى "الجهاديين" أو على ارتباط باستئناف النزاع الكردي.
وكان آخر هذه الاعتداءات عملية انتحارية استهدفت السبت شارع استقلال السياحي والتجاري في قلب اسطنبول ونسبتها السلطات التركية إلى تنظيم الدولة، وقد أدت إلى مقتل أربعة سياح أجانب وإصابة ثلاثين شخصا بجروح.
ولم تتبن أية جهة الهجوم ولكن وزير الداخلية التركي أفكان ألا قال إن تركيا يبلغ من العمر 33 عاما واسمه محمد أوزتوروك هو منفذه وأنه كان على "صلة" بتنظيم الدولة.
من جهتها، ذكرت وكالة أنباء "دوغان" الاثنين أن الشرطة التركية تطارد ثلاثة أشخاص ينتمون إلى تنظيم الدولة يشتبه بأنهم يعدون لارتكاب اعتداءات انتحارية كالاعتداء الذي وقع السبت في اسطنبول وأسفر عن مقتل أربعة سياح أجانب.
ونقلت الوكالة عن مصادر في الشرطة قولها إن السلطات حصلت على معلومات استخباراتية مفادها أن هؤلاء الأتراك الثلاثة تلقوا أوامر بتنفيذ هجمات في أماكن عامة مكتظة.
ونشرت وسائل الإعلام التركية صورا للرجال الثلاثة وهم حجي علي دوماز وسافاش يلديز ويونس دورماز ونشرت كذلك أسماءهم المستعارة.
ومساء الأحد، ألغت السلطات التركية وقبل ساعتين فقط من انطلاقها، مباراة بين فريقي كرة القدم في اسطنبول، غلطة سراي وفنربخشة بسبب تهديد "جدي" بوقوع اعتداء.
ونقلت صحيفة "حرييت" الاثنين عن مصادر قريبة من أجهزة المخابرات أن عددا من الأشخاص كانوا سيفجرون أنفسهم وسط حشود المشاهدين في عملية قريبة من تلك التي استهدفت في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر "ستاد دو فرانس" في باريس.
وتعيش تركيا منذ نهاية حزيران/ يونيو الماضي حالة استنفار قصوى بسبب سلسلة غير مسبوقة من الاعتداءات نسبت إلى "جهاديين" مثل الاعتداء الذي أودى بحياة 12 سائحا ألمانيا في كانون الثاني/ يناير في اسطنبول أو الاعتداء المرتبط باستئناف النزاع الكردي.
وقد أدان أردوغان بشدة الاعتداء الذي وقع في جادة استقلال ولكنه صب الاثنين جام غضبه على متمردي حزب العمال الكردستاني واتهم حلفاءه الأوروبيين بمناصرتهم.
وشكك الرئيس التركي مرة جديدة الاثنين في "صدق" نوايا الاتحاد الأوروبي في مكافحة حزب العمال الكردستاني.
واستدعت تركيا الأحد سفير بلجيكا في أنقرة للاحتجاج على خيمة أقامها أنصار حزب العمال الكردستاني قرب مقر المفوضية الأوروبية.
وقال: "مباشرة خلف المبنى الذي تم فيه توقيع الاتفاق ينصب التنظيم الإرهابي (حزب العمال الكردستاني) خيمة ويرفع لافتاته"، في إشارة إلى الاتفاق الموقع بين تركيا والاتحاد الأوروبي في 19 آذار/ مارس في بروكسل بهدف ضبط تدفق المهاجرين.
وأضاف: "كيف يمكن للاتحاد الأوروبي الذي يصنف هذا التنظيم على أنه إرهابي أن يقبل بمثل هذا الوضع؟ أين الصدق والنزاهة؟ (...) هذا نفاق".
وتبنى فصيل منشق عن حزب العمال الكردستاني يطلق على نفسه اسم "صقور الحرية في كردستان" عمليتين انتحاريتين بالسيارة المفخخة في 17 شباط/ فبراير و13 آذار/ مارس في أنقرة أوقعتا 65 قتيلا وحوالي 200 جريح.
وشن أردوغان حربا على من أسماهم "متواطئين مع الإرهابيين" وأمر بتوقيف عدد من النواب المفكرين وأساتذة الجامعات والمحامين المقربين من القضية الكردية.
وفي هذا السياق المتوتر، احتفل حوالي 50 ألف شخص الاثنين بالسنة الكردية الجديدة (النيروز) في ديار بكر (جنوب- شرق) في ظل حراسة مشددة، حسب ما أفاد مراسل وكالة "فرانس برس".
وقد أنشد عدد من المشاركين الأغاني التي تشيد بانتصارات مقاتلي حزب العمال الكردستاني ولكن آخرين أعربوا عن ابتعادهم عن هذا الصراع. وقال محمد بلميز: "أريد أن تتوقف إراقة الدماء".
وسقط العديد من الضحايا في المواجهات بين قوات الأمن التركية ومقاتلي حزب العمال الكردستاني التي استؤنفت الصيف الماضي بعد أكثر من عامين من وقف إطلاق النار.