تواجه عموم المحافظات السورية، سواء تلك الخاضعة لسيطرة النظام أو الفصائل المقاتلة، ضغوطا اقتصادية غير مسبوقة، طالت الموالين والمعارضين على حد سواء، فيما تعد تكاليف
السكن المشكلة الأكبر للسكان، خصوصا في مناطق النظام.
ففي
دمشق، تحدث الصحفي محمد عبد الرحمن عن وصول إيجار المنازل في المدينة إلى ثلاثة أضعاف الراتب الشهري للموظف الحكومي، حيث لم تستمر
الرواتب ذاتها، رغم وصول سعر صرف الليرة السورية إلى 500 ليرة مقابل الدولار الأمريكي الواحد، الأمر الذي خلق فجوة كبيرة ما بين الدخل وتكاليف
المعيشة، لتتزايد الأعباء التي تثقل، أصلا، كاهل السوريين القاطنين في مناطق سيطرة النظام.
وقال عبد الرحمن، لـ"عربي21": "تتراوح أجور أصغر المنازل مساحة في دمشق ما بين 90 ألفا و100 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 200 دولار أمريكي، في حين ما زال متوسط الدخل الشهري للموظف العامل في مؤسسات الدولة 30 ألف ليرة سورية، بما يعادل 61 دولارا أمريكيا شهريا، ليصبح بذلك إيجار المنزل الصغير ثلاثة أضعاف المرتب".
وأشار الصحفي المعارض إلى أن أفراد العائلة الواحدة في دمشق يعملون بشكل مضاعف وشاق ضمن مساعيهم لتأمين أدنى الاحتياجات المعيشية، في حين يعتمد قسم من العائلات على ما يردها من أبنائها الموجودين خارج البلاد، بينما يعاني قسم كبير من العائلات من الفقر؛ بسبب عدم وجود معيل لها.
أما مسؤولو النظام السوري فقد باتوا، بحسب العديد من المصادر الإعلامية الموالية، أمام فشل إداري واقتصادي كبير في ظل انهيار الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، رغم ضخ كميات كبيرة من العملات الأجنبية في الأسواق، في حين رأى مراقبون اقتصاديون بأن تهاوي الليرة مؤخرا سببه القرار الذي أصدره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسحب قسم من قواته العسكرية من
سوريا، حيث يتوقع مراقبون تواصل انهيار الليرة السورية خلال الأيام القادمة، وربما إلى 700 ليرة للدولار الواحد.
على الجانب الآخر، فإن انهيار الليرة السورية في محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة فصائل تقاتل النظام السوري أثر سلبا على الوقع المعيشي للمدنيين، بحسب ما أكده الصحفي السوري أحمد عاصي.
فالمواد المتوفرة بالأسواق هناك تأتي بسوادها الأعظم عن طريق تركيا، وبالتالي فإن قيمة المواد تحسب بالدولار، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع كبير جدا في السعر، مقارنة بالواقع المادي الذي يعشيه الناس اليوم في الداخل السوري.
ورأى عاصي، في حديث لـ"عربي21"، إمكانية أن تستبدل بالليرة السورية ليرة تركية أو دولارا؛ لتجنيب آلاف العائلات القاطنة في المناطق المحررة الأثار السلبية الكبيرة التي تنتج عن انهيار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، والتي أدت إلى حالة من العجز المعيشي وضيق اقتصادي أدى إلى توسيع دائرة الحصار على السوريين في محافظة إدلب.
وفي محافظة حمص وسط البلاد، قال الناشط الإعلامي محمد الحميد، لـ"عربي21"، إن أزمة الليرة السورية في المناطق المحاصرة غير مسبوقة، وأثقلت كاهل المحاصرين، خاصة في أرياف حمص التي تعاني منذ سنوات من أزمة بطالة مرتفعة وقلة أعمال".
وأشار الحميد إلى توجه غالبية العائلات لاعتماد شبه كلي على المعونات المقدمة من الأمم المتحدة والجمعيات الخيرية، في سبيل مواجهة انهيار العملة المحلية وندرة الأعمال، لتصبح تلك السلال الغذائية الإغاثية عاملا أساسيا في إبقاء العائلات على قيد الحياة.