أكدت صحيفة
الغارديان البريطانية في تقرير نشرته اليوم الجمعة وكتبه الصحفي رانديب رامش أنه تم نشر القوات الخاصة البريطانية "SAS" في ليبيا منذ مطلع هذا العام، بحسب ما ورد في حديث خاص للعاهل الأردني الملك عبد الله مع زعماء الكونغرس في الولايات المتحدة الأمريكية.
وذكر التقرير أن المذكرة المسربة تشير إلى أن المشرعين الأمريكيين كانوا قد أبلغوا شخصيا من قبل الملك عبد الله في كانون الثاني/يناير بالخطط التي تقضي بنشر قوات خاصة أردينة إلى جانب قوات بريطانية في ليبيا. وبحسب مدونة توثق للاجتماع الذي انعقد في الأسبوع الذي بدأ بالحادي عشر من الشهر ذاته، اطلعت عليها الغارديان، فقد أكد الملك عبد الله مشاركة قوات بلاده الخاصة جنباً إلى جنب مع القوات الخاصة البريطانية "SAS" في ليبيا. وبحسب المذكرة، كان العاهل الأردني قد اجتمع مع زعماء الكونغرس الأمريكي، بمن فيهم جون مكين، رئيس لجنة الخدمات العسكرية في مجلس الشيوخ، وبوب كوركر، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ. كما كان حاضراً في اللقاء رئيس مجلس النواب بول رايان. وخلال الاجتماع، قال الملك عبد الله إن القوات الخاصة البريطانية تحتاج إلى مساعدة جنوده في عملياتها التي تقوم بها في شمال أفريقيا، موضحاً أن "اللهجة الأردنية قريبة من اللهجة الليبية".
وأفاد الملك بأن القوات البريطانية ساعدت في إنشاء كتيبة مؤللة في جنوب سوريا تحت إمرة قائد محلي وتتشكل من مقاتلين من العشائر، وذلك لقتال جيش بشار الأسد، وقال كذلك إن قواته كانت على أهبة الاستعداد مع كل من بريطانيا وكينيا "لاختراق الحدود" وشن هجوم على تنظيم الشباب في الصومال.
وفي اتصال لـ"الغارديان" مع وزارة الدفاع البريطانية قالت الوزارة إنها لا تعلق على العمليات التي تقوم بها القوات الخاصة. ولم يجب أحد من كبار أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي طلبات توجهت بها إليهم صحيفة الغارديان لإجراء مقابلات حول هذا الموضوع. إلا أن أحد المشرعين الأمريكيين أكد انعقاد لقاء مغلق في مطلع يناير مع الملك عبد الله، ولكنه رفض الحديث "عما جرى أو لم يجر من نقاش خلال اللقاء".
وفيما يلي نص العبارة التي وردت في المدونة الخاصة بالاجتماع حول هذا الموضوع: "فيما يتعلق بليبيا، قال الملك إنه يتوقع طفرة خلال الأسبوعين القادمين، وسوف ينتشر الأردنيون ضمن القوات الخاصة البريطانية، حيث إن اللهجة الأردنية قريبة من اللهجة الليبية".
وقالت الصحيفة إن الصراحة الواضحة في الحديث ما بين المشرعين الأمريكيين والعاهل الأردني تشير إلى أهمية الأردن كحليف للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة. يذكر أن واشنطن قدمت للأردن منذ خمسينيات القرن الماضي ما يزيد عن خمسة عشر مليار دولار أمريكي (ما يعادل عشرة مليارات ونصف المليار جنيه إسترليني) على شكل مساعدات اقتصادية وعسكرية. ومع ذلك فقد أعرب الأردنيون، حسب الصحيفة، عن إحباطهم بسبب ما يرون أنه تخاذل أمريكي عن اتخاذ إجراء تجاه ما جرى في الشرق الأوسط من أحداث خلال الشهور الأخيرة. فقد تأثر الأردن بشكل كبير بسبب الاقتتال الذي ما يزال مستمراً في سوريا منذ خمسة أعوام، ومن ذلك استيعاب الأردن لما يقرب من 630 ألف لاجئ سوري، الأمر الذي حفز الملك على المطالبة مرارا وتكرارا بإجراء حازم وحاسم لإنهاء الصراع.
وقال الملك للحاضرين في اللقاء: "المشكلة أكبر من الدولة الإسلامية، إنها حرب عالمية ثالثة، إنها حرب يتحد فيها المسيحيون مع اليهود ومع المسلمين في مواجهة الخارجين عن القانون".
وتشير المذكرة إلى أن الملك عبد الله قال أيضاً للمشرعين الأمريكيين إن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان "يؤمن بوجود حل إسلامي راديكالي لمشاكل المنطقة". وأن "حقيقة أن الإرهابيين يتوجهون إلى أوروبا بات جزءا من السياسة التركية، وكل ما ينال تركيا هو ضربة خفيفة على اليد، ولكنها تفلت من المساءلة".
وقال الملك إن إسرائيل "تغض الطرف" عن جبهة النصرة، التنظيم المحلي للقاعدة، على حدودها مع سوريا لأنهم "يعتبرونهم معارضين لحزب الله".
وعبر الملك عن قلق خاص بشأن حركة الشباب، وهي المجموعة الإسلامية المتطرفة الصومالية التي ترتبط بالدولة الإسلامية وبالقاعدة في الوقت نفسه. وقال الملك عن ذلك: "يهتم الأردن بموضوع تنظيم الشباب لأنها قضية لم يعبأ بها أحد في الواقع، وليس بإمكاننا أن نفصل هذه القضية، وأن ثمة حاجة إلى التأمل في هذه النقاط الساخنة على الخارطة. لدينا قوة انتشار سريع، ستقف مع البريطانيين ومع كينيا على أهبة الاستعداد لعبور الحدود باتجاه الصومال".
وقال عبد الله: "بدأنا بتنظيم الشباب (الصومالي) بينما تسربوا إلى ليبيا" التي انحدرت نحو الفوضى منذ الإطاحة بمعمر القذافي على أيدي قوات الناتو.
وتقول الغارديان إن ما سيثير الاستغراب، بل والاستهجان، في داخل بريطانيا هو تأكيد العاهل الأردني بأن القوات الخاصة البريطانية تعمل جنبا إلى جنب مع قواته في شمال أفريقيا. لقد أضحت قضية الرقابة على عمليات القوات الخاصة البريطانية مسألة تثير الجدل داخل البرلمان البريطاني.
وكان رئيس الوزراء ديفيد كاميرون قد رفض في مطلع الأسبوع طلبا من آنغاس روبيرتسون، رئيس الكتلة البرلمانية للحزب القومي الأسكتلندي، بإخضاع القوات الخاصة البريطانية للرقابة البرلمانية، وقال إنها "تخضع للقانون الدولي مثلها مثل أي شخص آخر في بلادنا ولكني لا أقترح تغيير الترتيبات التي يعمل بموجبها هؤلاء الرجال الشجعان".
أما كريس بلانت، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان، والذي أعرب عن قلقه من أن البرلمان لا يعلم شيئا عن المشاركة البريطانية داخل ليبيا، فقد صرح لصحيفة الغارديان بأنه يعرف الملك عبد الله منذ أن خدم الاثنان معا في كتيبتي الفرسان الملكية الثالثة عشر والثامنة عشر. وقال بلانت: "يعطي الملك عبد الله مستوى من الاستبصار لا نحصل عليه من حكوماتنا. ولكم قام في الماضي بإعطاء شروح وبيانات للبرلمانيين في لقاءات خاصة خلف الأبواب المغلقة. لا نحصل على ذلك من وزرائنا. حينما أخبرنا توبياس إلوود (الوزير في الخارجية) عن الطلعات الجوية لسلاح الجو الملكي البريطاني فوق ليبيا كانت تلك بكل وضوح مهمات لمساندة عمليات قامت بها القوات الخاصة. ولكن حينما طلبنا المزيد من التفاصيل قيل لنا بأن الحكومة لا تعلق على عمليات القوات الخاصة. لدى المؤسسة البريطانية ميل نحو القيام بالأعمال ثم بعد ذلك إطلاع البرلمان الذي لا يكون أمامه خيار سوى أن يقبل أو لا يقبل. ثم تجد الوزراء يتساءلون عن أسباب المصاعب التي تواجههم في التعامل مع البرلمان".
وكان محللو المعلومات الاستخباراتية في مؤسسة ستراتفور قد قالوا في شهر آذار/مارس إن القوات الخاصة البريطانية كانت موجودة في ليبيا وكانت "ترافق فرقاً من جهاز المخابرات البريطاني MI6 بينما كانوا يتوجهون لمقابلة المسؤولين الليبيين للحديث في مسألة تزويد الجيش السوري والمليشيات السورية بالسلاح والتدريب في مواجهة الدولة الإسلامية. وكذلك قواعد سلاح الجو البريطاني التي تحتوي على طائرات سنتينال في قبرص للقيام بمهام استطلاعية حول أماكن تواجد تنظيم الدولة الإسلامية في سيرت".
وكانت الاتهامات الموجهة لكاميرون بأنه سلك مسلكاً متراخيا أدى إلى انحدار ليبيا نحو الكارثة قد عادت إلى السطح من جديد بعد أن زعم أوباما في مقابلة مع مجلة ذي أتلانتيك هذا الشهر بأن الفوضى في شمال أفريقيا كانت قد نجمت، ولو جزئياً، عن انشغال رئيس الوزراء البريطاني وإغفاله لضرورة التأكد من حدوث انتقال سلمي وهادئ للسلطة في ليبيا باتجاه نظام جديد ومستقر.
ولكن شهدت الأسابيع الأخيرة طفرة من النشاط الدولي الهادف نحو إعادة الاستقرار إلى ليبيا، برز فيه دور المسؤولين البريطانيين وهم يدفعون باتجاه القيام بعملية سلام.
وبموجب خطة جرى الكشف عنها في العام الماضي، سوف تقوم المملكة المتحدة بتزويد الحكومة الليبية بألف جندي كجزء من الجهد الدولي الذي يجري تنسيقه في ليبيا. يقول بلانت إنه طالب كاميرون بالمثول أمام لجنته للتقدم بشهادة حول الموضوع، وأضاف إنه كتب إلى مكتب رئيس الوزراء يقول إنه "وأخذا بالاعتبار الدور المهم الذي كان يضطلع به رئيس الوزراء في تنمية السياسة الدولية في الفترة السابقة، خلال وفيما بعد التدخل الذي جرى في عام 2011 – وهو الدور الذي ما يزال قائماً من خلال تشكيل حكومة الوفاق الوطني – فإن اللجنة ترى أن من المناسب توجيه دعوة لك بكل تقدير واحترام (للمثول أمامها) انطلاقا من الرغبة في الوقوف على حقيقة ما يجري".
ولدى التواصل مع مكتب رئيس الوزراء، رفض المكتب الإجابة على الأسئلة التي وجهت له حول ما إذا كان رئيس الوزراء سيمثل أمام اللجنة النيابية ليقدم شهادته في الأمر. كما أحجمت سفارتا الأردن في كل من لندن وواشنطن عن التعليق على التسريبات.