في الوقت الذي يجنح فيه الاحتلال الإسرائيلي نحو التطرف، ويصرح قادته باستباحة دماء الفلسطينيين وطردهم من بلادهم؛ فإن السلطة الفلسطينية تسعى إلى مخاطبة
المجتمع الإسرائيلي ومحاولة التأثير عليه، في محاولة "فاشلة" لتغيير الواقع، بحسب مراقبين ومختصين.
وتشهد الضفة الغربية المحتلة، سلسلة من الأنشطة ضمن
برنامج فلسطيني في هذا الإطار؛ كان أخرها ما كشفته "
عربي21" الأربعاء، من لقاء جمع بين قيادات في حركة
فتح، وشخصيات إسرائيلية "مهمة" من حزب "الليكود" الإسرائيلي.
اقرأ أيضا: قيادي بفتح لـ"عربي21": سألتقي الليلة بشخصية إسرائيلية "مهمة"
وكشفت إذاعة "صوت إسرائيل" اليوم الخميس، أن وفدا فلسطينيا عقد لقاء أمنيا "الليلة الماضية" مع مسؤولين إسرائيليين في القدس المحتلة، وضم الوفد رئيس المخابرات ماجد فرج، ورئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية حسين الشيخ، ورئيس جهاز الأمن الوقائي اللواء زياد هب الريح.
وكان وفد يهودي زار الاثنين الماضي، الضفة الغربية، والتقى برئيس السلطة
محمود عباس، فيما قام وفد فلسطيني رسمي بتقديم التعازي الثلاثاء الماضي، في رئيس الإدارة المدنية الإسرائيلية بالضفة الغربية المحتلة الجنرال منير عمار، الذي لقي مصرعه جراء تحطم طائرة إسرائيلية صغيرة كان يقودها الجمعة الماضي، في جبال كمون بالجليل الأسفل شمال فلسطين المحتلة.
وأوضح عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" محمد المدني، أن هناك "برنامجا فلسطينيا خاصا للتواصل مع المجتمع الإسرائيلي"، مؤكدا أن "كل هذه الأنشطة تأتي في إطار العمل الوطني القاضي بتوسيع جبهة الأصدقاء، وتضييق جبهة الأعداء"، على حد تعبيره.
فرصة
وحول رفض الشعب الفلسطيني لمثل هذه البرامج والزيارات؛ فقد قال المدني المكلف بمهام التنسيق بين السلطة والمجتمع الإسرائيلي، لـ"
عربي21": "نحن نعمل ضمن برنامج وطني وسياسي، وهناك تقاسم للأدوار، ومن المفترض أن نطرق كل الأبواب"، معربا عن قناعته بـ"المهمة" التي يقوم بها "لأنها فرصة لتوصيل الخطاب الفلسطيني"، بحسب قوله.
وأضاف: "نحن نقدر مشاعر وآراء الفلسطينيين في ذلك، وهم محقّون في الجانب الذي يرونه، لكننا نرى أمرا مختلفا في العمل ضمن هذا البرنامج"، كاشفا عن لقاء سيُعقد السبت القادم بين "وفد رسمي فلسطيني وآخر درزي؛ يضم نساء ورجالا".
وفي تعليقه على تقديم التعزية للاحتلال في مقتل الجنرال منير عمار؛ قال المدني إن الزيارة كانت "لمجاملة أهل الراحل والطائفة الدرزية"، مضيفا: "نحن معنيون بتوثيق العلاقة معهم، وخطونا خطوات كثيرة في هذا الجانب، من خلال عقد لقاءات متعددة معهم".
وأضاف أنه "من المؤكد أن مهمة عمار مدنية وليست عسكرية، إضافة إلى كونه توفي في حادث شخصي، وليس في حالة حرب"، مؤكدا أن "علاقة الجنرال عمار كانت إيجابية مع مؤسساتنا الفلسطينية".
اقرأ أيضا: الرئيس عباس يسمع أغاني إسرائيلية وحاخام يهودي يباركه (شاهد)
خداع للشعب
من جانبه؛ قال الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة، إن الأحداث المتتالية أثبتت أن برنامج السلطة الموجه للمجتمع الإسرائيلي "خارج إطار المرحلة التي يجنح فيها المجتمع الإسرائيلي نحو التطرف"، مشيرا إلى أن "82 بالمئة من الإسرائيليين يؤيدون قتل الجريح والأسير الفلسطيني".
واستبعد أبو شمالة في حديثه لـ"
عربي21"، إمكانية حدوث "أي اختراق للمجتمع الإسرائيلي في ظل هذه الأجواء المتطرفة، والدعوات اليهودية المتتالية التي جعلت من قتل الفلسطيني فريضة"، لافتا إلى أن "المجتمع الذي خرج منه الحاخام اليهودي أبراهام جولان ليبارك محمود عباس؛ هو نفس المجتمع الذي أنتج الجندي الذي أطلق النار على الجريح عبد الفتاح الشريف، وأعدمه قبل أيام".
وأضاف أن "كل أولئك الذين يزعمون إمكانية اختراق الفكر الصهيوني، وإيجاد تحول في وعي المجتمع الإسرائيلي؛ يخدعون الشعب الفلسطيني"، مستشهدا بأن السلطة الفلسطينية نشرت قبيل انتخابات الكنيست الإسرائيلي عام 2003 "إعلانات في الصحف العبرية تدعو إلى مبادرة السلام العربية، فكان رد المجتمع الصهيوني أنه انتخب شارون الأكثر تطرفا".
وذهب أبو شمالة إلى أن "من يقوم بتنظيم مثل هذه البرامج يجب أن يحاكم جماهيريا؛ لأنه يعمل على تضليل الجماهير، وتشجيع الاحتلال على المزيد من العنف بحق الفلسطينيين".
لا مانع.. ولكن
من جهته؛ اتفق أستاذ العلوم السياسية في جامعة بير زيت بالضفة المحتلة، سمير عوض، مع أبو شمالة؛ قائلا إن هذه البرامج والفعاليات "لا يمكن أن تحدث تغييرا أساسيا في النهج المتطرف للاحتلال، ولا الخارطة السياسية الخاصة به".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "المجتمع الإسرائيلي الذي يسير نحو التطرف؛ لا يمكن للفلسطينيين مواجهته إلا من خلال استراتيجية ذات ثلاثة اتجاهات؛ وهي المقاومة الشعبية، وإحداث اختراق فلسطيني أكبر للمؤسسات الدولية، وتشجيع حركة المقاطعة الدولية".
وذهب عوض إلى القول بأنه لا مانع من عقد هذه اللقاءات التي تحوز على اهتمام بعض أعضاء اللجنة المركزية في حركة فتح، بهدف رصد وتحليل توجهات المجتمع الإسرائيلي من منطلق أنه عدو واحتلال، وليس جماعة صديقة، مستدركا بالقول إنه "لا يجب عقد آمال كبيرة عليها".