قد تكون عملية خطف الطائرة المصرية وتحريرها -دون مقاومة تذكر- من أسرع وأنجح العمليات على مستوى العالم؛ لأنها تمت في وقت قصير، ودون مقاومة من الخاطف الذي لم يكن له -من هذا العمل الإجرامي- سوى هدف جذب انتباه طليقته، بل وتحقيق أمنية لم تتحقق بلقائها!.
لكن الحادث يطرح العديد من التساؤلات حول كيفية دخول الراكب بالحزام الناسف من المطار، لا سيما أن بيان الداخلية لم ينف الرواية، وإن أكد في المقابل على سلامة عمليات التفتيش الأمني، وهو تناقض واضح حول كيفية الجمع بين الاثنين.. لكن يبدو أن هذا هو نهج الداخلية لاسيما في ظل عدم وجود طرف أجنبي هذه المرة ينتقد هذه الرواية على غرار رفض إيطاليا رواية عصابة خطف مواطنها جوليو ريجيني وقتله خلال الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير.
هذا الإصرار على رفض الاعتذار عن خطأ قد يحدث في أي دولة من العالم، قد تكون له آثار سلبية على سمعة مصر في الداخل والخارج.
فداخليا، قد يفقد الناس المصداقية في وزارة الداخلية التي ترفع شعار "الشرطة في خدمة الشعب"، وبالتالي قد يرفضون إما التعامل معها، أو تصديق أي رواية تصدر عنها في أي حادثة. وفي حالة الطائرة، قد يكون هناك تراجع من المصريين عن ركوب الطائرات الداخلية إلا اضطرارا، والبحث عن وسائل أخرى أكثر أمنا حتى وإن كانت أكثر مشقة.
أما خارجيا، فربما كان رد الفعل الروسي عاكسا لهذه التداعيات السلبية، لاسيما أن السلطات المصرية لم تستقر حتى هذه اللحظة على رواية مقنعة لموسكو بشأن أسباب تفجير طائرة الركاب الروسية من مطار شرم الشيخ قبل عدة أشهر. فقد سارعت روسيا بالاعتراف بأن حادث الطائرة المصرية يشير بوضوح إلى عدم سلامة الإجراءات الأمنية في المطارات المصرية، ما يعني وجود صعوبة في العودة عن قرارها بشأن استئناف الرحلات الجوية بين البلدين ذهابا وإيابا.
هذا الموقف ربما سبقه موقف آخر في الاتجاه ذاته، وإن كان في سياق مختلف، هو الموقف الإيطالي، حيث لم تكتف روما بتكذيب الرواية المصرية بشأن مقتل ريجيني على يد عصابة، وإنما هناك اتجاه ومطالب تقدم بها رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان بإعلان مصر بلد غير آمن.. وهو أمر قد يكون له ما بعده في الدول الأوروبية التي لا تزال تعلق أيضا رحلاتها الجوية مع مصر.
إذن، المحصلة مزيد من تدهور سمعة مصر خارجيا، واعتبارها بلدا غير آمن، وبالتالي استحالة عودة السياحة -أحد أهم مصادر الدخل- لسابق عهدها. ولعل السبب ليس فقط الإرهاب، وإنما أمور أخرى بعضها يرتبط بقضايا جنائية -وفق رواية الداخلية في حالة ريجيني- أو حتى عاطفية، خطف الطائرة، لكن تبقى المحصلة واحدة، وهي مزيد من تشويه الصورة خارجيا.
ومن هنا قد تكون معضلة نظام السيسي هي البحث عن كيفية حل هذه المعضلة، لا سيما أن فكرة استعاضة السياحة الخارجية بالسياحة الداخلية فشلت فشلا ذريعا، كما جاء حادث خطف الطائرة ليجهز عليها بالضربة القاضية، أما ترك حل هذه المعضلة، والارتكان إلى وجود علاقة بين الخاطف ورافضي الانقلاب، فهي رواية لا يصدقها عقل أو منطق، وسيؤدي الركون إليها لمزيد من الهروب من حل المشاكل بالبحث عن شماعة الإخوان التي باتت بمثابة أسطوانة مشروخة لدى مؤيدي السيسي في الداخل، والخارج أيضا.
عن صحيفة الشرق القطرية