شنت مجلة "روزاليوسف"
المصرية هجوما غير مسبوق، على وزير الخارجية المصري
سامح شكري، على خلفية تصريحات أدلى بها أخيرا، حول سد "النهضة" الإثيوبي"، قال فيها: "
سد النهضة حق لإثيوبيا، ولا يجب علينا افتراض سوء النية"، لتسخر منه المجلة الحكومية بالقول: "يا فرحة إثيوبيا بيك".
وقالت المجلة إن تصريحات شكري لم تعترف "بالفم المليان" بالسد فحسب، فالرجل الذي كان يتحدث عبر قناة "إم بي سي" مع الإعلامي شريف عامر قال أيضا ردا على سؤال عما إذا كان بناء السد يرجع إلى الميراث الملعون الذي خلفه الرئيس المخلوع مبارك الذي تجاهل البعد الإفريقي، وعلاقات مصر مع القارة السمراء وتحديدا بعد محاولة اغتياله الفاشلة: "من حق كل دولة أن تنمي مواردها، وتستخدم ما لديها من قدرات في تحقيق مصلحة شعبها".
وتساءلت "روزاليوسف" - في عددها الصادر هذا الأسبوع: "هل يمكن أن يكون تصريح الوزير نقطة انطلاق لإثيوبيا كي تقول إن مصر أقرت بأن السد أصبح أمرا واقعا، وأنه لا جدوى للجنة الثلاثية، كون الأمر انتهى؟".
وللإجابة عن هذا السؤال استدعت المجلة آراء ثلاثة من الخبراء، استنكروا - حسبما طالعت صحيفة "
عربي21" - تصريح "شكري"، وحذروا من خطورته على حقوق مصر في مياه
النيل، مؤكدين أن إثيوبيا يمكنها أن تستخدمه في معركتها لفرض الأمر الواقع للسد، ومضاره، على مصر.
معصوم مرزوق: تنازل مبكر وكبير جدا
قال مساعد وزير الخارجية الأسبق للشؤون الأفريقية، السفير معصوم مرزوق: "بالتأكيد من الممكن أن تستخدم إثيوبيا تصريح وزير الخارجية ضد مصر، وقد خانه التعبير في أن يقرر حقا أنه لا يزال موضع تنازع، ولا يمكن اعتباره حقا، إلا إذا حذفنا الحقوق القانونية والتاريخية المكتسبة على نهر النيل، وهو الموقف القانوني الثابت لمصر".
وأضاف معصوم: "لا أدري ما الدافع لهذا التنازل المبكر والكبير جدا؟ إن التسليم بأن هذا السد حق، برغم أنه لا يكون حقا إلا إذا التزمت إثيوبيا بعدة التزامات قانونية، أولها الإخطار المسبق، أي أنها كان يتوجب عليها إخطار مصر قبل الشروع في بناء السد، وأن يكون هناك تأكد من خلال دراسة فنية مدققة بأنه لا توجد أضرار ملموسة له على دولتي المصب مصر والسودان".
وأردف: "حتى الآن لا تزال اللجنة الفنية المشكلة، أو التي ينبغي تشكيلها، غير قادرة على تأدية عملها لأن أديس أبابا تماطل، والواقع يبدو شديد الضبابية خاصة أن الآثار البيئية الناجمة عن السد غير واضحة بدورها، وهذا جزء من عمل المكتب الاستشاري المكلف بإجراء الدراسات".
وأضاف السفير معصوم مرزوق: "أعتقد أن مسؤولي أديس أبابا سعداء بالتصريح للغاية، وربما يستخدم للضغط علينا في أية جولة مقبلة من المفاوضات"، منتقدا عدم تقديم توضيح من قبل إثيوبيا عن الكثير من الأمور غير الواضحة، ومؤكدا أن الوزير لم يكن موفقا في تصريحه.
نصر علام: حق مصر في الحياة
من جهته قال وزير الري المصري الأسبق، محمد نصر الدين علام: إن المفاوضات حاليا متوقفة، وكان ينبغي على وزارة الخارجية أن تراعي تصريحاتها، وأن تستكمل التصريح، باعتبارها المتحدث باسم الدولة في الخارج، مشيرا إلى أن استكمال التصريح يكون من حق مصر بعدم الجور على حصتها المائية.
وقال: "أرى أن الوزير لم يكن موفقا في هذا التصريح، وأتمنى أنه لو كان مقتطعا، وما نستند عليه هو أننا لا نمنع الشعوب من حقها في التنمية، فقط نطالب بالحفاظ على حقوقنا في مياه النيل، وأنه إن كان السد يمثل الحق لإثيوبيا في التنمية فإن النيل يمثل الحق لمصر في الحياة".
وتابع: "أتمنى أن يكون شكري يقصد أنه لا يستطيع أن يمنع أحدا من استغلال موارد النيل، والمياه المشتركة، وفي الوقت نفسه نستمسك بحقوقنا، ولا نتعدى على حقوق الآخرين".
منى عمر: أين استكمال التصريح؟
ولم تغرد مساعدة وزير الخارجية للشؤون الأفريقية سابقا، السفيرة منى عمر، بعيدا إذ قالت: "إن الدول من حقها إقامة السدود، لكن ذلك في حالة عدم إضرارها بالآخرين، وأعتقد أن هذا ما كان يقصده الوزير سامح شكري، وكان ضروريا أن يكون هناك استكمال للتصريح، بحيث يكون مشروطا، فمن حق إثيوبيا بناء السد ما دام لا يضر بمصالح مصر، أو دولتي المصب بشكل عام".
وأضافت أن مصر في انتظار اللجان الاستشارية التي تقول: "إن كان هناك ضرر أم لا، وإن لم يكن هناك ضرر فكلنا نرحب بإقامة السد، أما إذا أضر السد بالحصة المائية لمصر، فالأمر حقا خطير، وعلينا ألا ننتظر حتى نتعرض إلى مواسم جفاف خلال امتلاء الخزان"، حسبما نقلت "روزاليوسف".
إثيوبيا تبني سدا جديدا
يذكر أن إثيوبيا تضرب عرض الحائط بالمخاوف والمحاذير المصرية. وذكرت وكالات الأنباء أنها شرعت في إقامة سد جديد على نهر النيل، دون إخطار أي من مصر أو السودان، برغم أنهما دولتا المصب.
فقد وافقت وكالة ائتمان الصادرات الإيطالية على دعم بناء سد "كويشا" الإثيوبي، بهدف توليد كهرباء بطاقة تصل إلى 2000 ميجاوات.
ونقل موقع "إي إس آي أفريكا" الجنوب أفريقي، عن تقارير إعلامية، أن رئيس وزراء إثيوبيا هيلي ماريم ديسالين أعلن عن هذا التطور عقب اختتام المفاوضات بين شركة الطاقة الكهربائية الإثيوبية وشركة ساليني للإنشاءات الإيطالية، وأنه من المقرر بناء سد "كويشا" على ضفاف أسفل نهر أومو في جنوب إثيوبيا، بحيث يتم تركيب توربينات قادرة على توليد 2000 ميجاوات من الكهرباء، وتقدر تكلفة إنشاء السد بنحو 1.7 مليار دولار.