بدأ في العاصمة الإيطالية روما اجتماع أمني بين ممثلين عن الشرطة والقضاء
المصري ونظرائهم الإيطاليين لبحث آخر تطورات قضية الطالب الإيطالي جوليو
ريجيني الذي قتل تحت
التعذيب في القاهرة في شباط/فبراير الماضي.
واستبقت وسائل الإعلام الإيطالية اجتماع الخميس بإعلان توصلها لتفاصيل مقتل ريجيني، مؤكدة أن الرئاسة والداخلية والمخابرات الحربية في مصر تورطوا في تعذيب وقتل الطالب الإيطالي والتخلص من جثته.
وكان جوليو ريجيني قد تعرض للاختطاف من شوارع القاهرة يوم 25 كانون الثاني/يناير الماضي ثم عثر على جثته وعليها آثار تعذيب بشع على مشارف المدينة يوم 3 شباط/فبراير الماضي.
تفاصيل جديدة
وقالت صحيفة "لا ستامبا" الإيطالية إن النظام المصري يتجه إلى اتهام لواء الشرطة "خالد شلبي" رئيس الإدارة العامة لمباحث الجيزة بتعذيب وقتل جوليو ريجيني سعيا لإغلاق القضية بأقل خسائر ممكنة.
ونقلت الصحيفة عن مصدر أمني مصري لم تذكر اسمه، أن "نظام عبد الفتاح
السيسي مستعد للتضحية بشلبي"، مشيرة إلى أن "القضية أصبحت مثار صراع متصاعد بين أجهزة الأمن المصرية".
من جهتها، أكدت صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية، أن شلبي هو من أمر بالقبض على جوليو ريجيني بعد مراقبته لعدة أسابيع، بسبب تواصله مع قيادات عمالية ونشطاء المعارضة.
ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع أن ريجيني اقتيد إلى أحد أقسام الشرطة في الجيزة وتعرض للضرب بعدما رفض الإجابات عن أسئلة المحققين قبل حضور ممثل عن السفارة الإيطالية بالقاهرة ومترجم خاص.
وتابعت "لا ريبوبليكا": "تم نقل ريجيني بعد ذلك إلى مبنى جهاز الأمن الوطني ثم إلى مبنى تابع للمخابرات الحربية واستمر تعذيبه داخله لعدة أيام بسبب رفضه التعاون مع المحققين"، موضحة أن ريجيني تعرض للحرمان من الماء والطعام والنوم وتُرك عاريا في غرفة مغمورة بالمياه وتعرض للصعق بالكهرباء والجلد الضرب بأداة حادة وحرق جسده بسجائر مشتعلة.
وأضافت أن قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي ووزير داخليته مجدي عبد الغفار كانا على علم بمكان تواجد ريجيني وتعرضه للتعذيب، مؤكدة أنه لقي مصرعه جراء تعرضه للتعذيب لمدة أسبوع كامل.
وأكدت الصحيفة أنه بعد أن لفظ ريجيني أنفاسه الأخيرة، تم نقل جثمانه إلى مشرحة تابعة لمستشفى القبة العسكري، وتم عقد اجتماع أمني في رئاسة الجمهورية بحضور السيسي ووزير داخليته مجدي عبد الغفار وكبار المسؤولين الأمنيين وتم الاتفاق على إلقاء جثة ريجيني عارية بأحد الطرق السريعة ليبدو الأمر كما لو كان جريمة ذات دوافع جنسية.
3 آلاف صفحة
ومن المتوقع أن يسلم الوفد المصري للمسؤولين الإيطاليين نسخة من سجل المكالمات الهاتفية التي أجراها ريجيني قبل مصرعه وتفريغ كاميرات المراقبة في الأماكن التي تردد عليها.
وقالت صحيفة "سي 24" الإيطالية إن الوفد المصري الذي يضم اثنين من القضاة وأربعة ضباط شرطة، سيقدم ملفا مكونا من 3 آلاف صفحة وأقوال أكثر من 200 شاهد.
وقبل ساعات من الاجتماع وضعت الحكومة الإيطالية مزيدا من الضغوط على الجانب المصري، حيث قال رئيس الوزراء، ماتيو رينزي، أمس الأربعاء، عبر صفحته على "فيسبوك": "إننا لن نقبل إلا بالحقيقة، الحقيقة الحقة، نحن ندين بهذا الأمر لجوليو ولأصدقائه ولعائلته وللجميع".
وأعلن وزير الخارجية باولو جنتيلوني يوم الثلاثاء الماضي أمام البرلمان الإيطالي أن حكومة بلاده لن تقبل بأي روايات مفبركة أو إهدار لكرامة بلده، وهدد القاهرة بأنه في حال لم تكن أجوبة المحققين المصريين على الأسئلة الإيطالية مقنعة فإن روما ستتخذ إجراءات فورية ومناسبة ضد مصر.
ضغوط إيطالية
ويضغط المسؤولون الإيطاليون بشدة على مصر للكشف عن حقيقة مقتل ريجيني، رافضين كل الروايات التي أوردتها مصر حول الحادث، وآخرها تورط عصابة إجرامية في قتله لسرقته بالإكراه.
ونقلت صحيفة "إلبيكولو" الإيطالية عن رينزي قوله إن بلاده ستواصل العمل مع القضاة والمحققين المصريين والإيطاليين فقط إذا شعرت أن هذه الاجتماعات تساعد في التوصل للحقيقة.
وأكد رينزي مجددا أن إيطاليا تدين لأسرة رجيني بالوصول لحقيقة مقتله، وأنه واجب على الأمة بأكملها، مشيرا إلى أن الوصول للحقيقة سيصب أيضا في مصلحة الحكومة المصرية.
ويقول مراقبون إن إيطاليا في طريقها لاتخاذ حزمة من العقوبات الاقتصادية والسياسية ضد مصر في حال فشل الوفد المصري في إقناع المسؤولين الإيطاليين بأدلة جديدة حول هوية قتلة ريجيني.
ومن بين العقوبات التي قد تفرضها إيطاليا على مصر سحب سفيرها في القاهرة، ووقف استثماراتها في مصر في مجال الطاقة، وإصدار توصيات لرعاياها بعدم السفر إلى مصر باعتبارها خطرا على أمنهم وسلامتهم.
وفي تقرير لها، قالت صحيفة "لا ستامبا" الإيطالية إن روما ستضغط على القاهرة باستخدام حقل "الظهر" للغاز الطبيعي الذي اكتشفته شركة "إيني" قبل شهور، كأداة لإجبار نظام السيسي على كشف حقيقة مقتل ريجيني.
وأكد عضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الإيطالي "إيراسمو بالازوتو"، أنه إذا لم تحصل روما على الحقيقة الكاملة من المحققين المصريين, فسوف تتعرض القاهرة لعقوبات قاسية، وستصبح العلاقات الإيطالية المصرية في خطر.