أصدرت
الجماعة الإسلامية في
مصر بيانا، مساء الأحد، بشأن تفاقم الأزمة داخل جماعة
الإخوان المسلمين، مهددة بالانسحاب من التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب حال استمرار تلك الأزمة.
وأشارت إلى أن موقفها يأتي في ظل تفاقم أزمة "الإخوان"، وفي ظل استغراق أطراف الخلاف في دوامة الأزمة وتعقيدات جذورها وفروعها؛ والذي ظهر مدى عمقه في البيان الأخير الصادر عن المكاتب الإدارية لجماعة الإخوان.
وقالت إنها تلفت النظر إلى "خطورة الآثار المترتبة جراء هذا الخلاف، وما يترتب عليه من نتائج سلبية على الدعوة الإسلامية في ظل الظروف الحرجة التي تمر بها الأمة، وخطورة ما تؤدي إليه هذه الأزمة من تصدعات في صفوف الإخوان، وما يحمله ذلك من مخاطر قد تؤثر سلبا على المصالح العليا للوطن".
ودعت الجماعة الإسلامية "كل أطراف الأزمة بالإخوان إلى تغليب المصلحة الوطنية على المصالح الضيقة التي تشكل رؤية كل طرف من الأطراف المتنازعة"، مؤكدة أن تداعيات هذه الأزمة على علاقة الإخوان بالتحالفات التي تجمعها مع غيرها من القوى الفاعلة في المشهد المصري، والتي قد تدفع هذه القوى إلى إعادة النظر ومراجعة مواقفها إزاء الاستمرار في تلك التحالفات.
وظهرت أزمة جماعة الإخوان الداخلية للعلن بوضوح في شهر أيار/ مايو 2015؛ وذلك على خلفية تباين وجهات النظر بشأن مسار مواجهة سلطة الانقلاب، وشرعية القيادة في الظرف الجديد.
وتابعت الجماعة الإسلامية: "لقد تحالفنا مع الإخوان تعزيزا للمبادئ وإعلاء لقيم الإسلام ومصالح الوطن؛ فإذا تغافل الإخوان عن تلك المصالح فلن نتوانى آسفين عن نفض أيدينا من هذا التحالف (في إشارة صريحة للانسحاب من
تحالف دعم الشرعية)، محملين المتهاونين كامل المسؤولية؛ لذا فإننا ندعو كل أطراف الخلاف إلى التفكير خارج صندوق المشكلة، حتى يتمكنوا من رؤية أبعاد الأزمة وشرورها المستطيرة".
واستطردت: "إن أبناءكم والمتعاطفين معكم والجماهير المخلصة للإسلام لا تنتظر منكم أدلة إثبات الأحقية لطرف على طرف، فكلكم أبناء الإخوان، ولكن المنتظر هو الجلوس بعيدا عن الإعلام للحوار والتوافق والاستيعاب في ظل الظروف الاستثنائية التي رعاها الشرع الحنيف بأحكام استثنائية خاصة".
واختتمت بقولها: "أخيرا فإن الجماعة الإسلامية ما كانت لتقدم على تقديم النصح عبر وسائل الإعلام لولا محاولاتها لبذل النصيحة سرا، ولكنها لم تحظ بمجرد استعداد للسماع، راجية الله أن يؤلف بين القلوب".
وكشفت مصادر مطلعة بالجماعة الإسلامية لـ"
عربي21"، عن وجود
خلافات بين قادة الجماعة الإسلامية بشأن هذا البيان الذي وصفوه بالمثير للجدل، كما هو خلافهم بالنسبة لفكرة الانسحاب من تحالف دعم الشرعية، حيث لا يوجد إجماع على رأي واحد، خاصة أن البعض لايزال متمسكا بالاستمرار في التحالف.
وفي 27 حزيران/ يونيو 2013، أي قبل مظاهرات 30 يونيو بثلاثة أيام، تم تدشين التحالف الوطني لدعم الشرعية، الذي حمل شعار "نحمي الثورة.. نحمي الشرعية"، وذلك بعد أن شعرت القوى المؤيدة للرئيس محمد مرسي بخطورة الأوضاع، وأن هناك مؤشرات ما للانقلاب عليه.
وضم التحالف في بدايته، جماعة الإخوان المسلمين، وحزبها الحرية والعدالة، والجماعة الإسلامية، وحزبها البناء والتنمية، وأحزاب الاستقلال، والأصالة، والفضيلة، والإصلاح، والتوحيد العربي، والحزب الإسلامي، والوطن، والوسط، والراية، بجانب اتحاد النقابات المهنية (ويضم 24 نقابة مهنية) واتحاد طلاب جامعة الأزهر وضباطا متقاعدين ومحاربين قدماء، وائتلاف القبائل العربية في مطروح وسيناء والصعيد، ومجلس أمناء الثورة، وحركة "شباب ضد الانقلاب"، و"صحفيون وإعلاميون، وأساتذة جامعات، ونساء ضد الانقلاب".
إلا أن أحزاب الوسط والوطن والاستقلال والجبهة السلفية أعلنوا الانسحاب منه، لأسباب مختلفة أهمها البحث عن مظلة أوسع من التحالف، بحسب بياناتهم الرسمية. وترددت الكثير من الأنباء بشأن انسحاب الجماعة الإسلامية (ثاني أكبر كيان بالتحالف بعد الإخوان) عقب تلك الانسحابات، إلا أنها نفت سابقا مرارا وتكرارا حدوث هذا الأمر، لكن بيانها اليوم يأتي كأول إعلان رسمي بنيتها في الانسحاب.
ونشأت الجماعة الإسلامية في الجامعات المصرية في أوائل السبعينيات من القرن الماضي على شكل جمعيات دينية، لتقوم ببعض الأنشطة الثقافية والاجتماعية البسيطة في محيط الطلاب ونمت هذه الجماعة الدينية داخل الكليات الجامعية، واتسعت قاعدتها، فاجتمع بعض من القائمين على هذا النشاط واتخذوا اسم "الجماعة الإسلامية" ووضعوا لها بناء تنظيميا بكل كلية، من حيث وجود مجلس للشورى على رأسه "أمير" وينتهي بـ "مجلس شورى الجامعات" وعلى رأسه "الأمير العام" الجماعة الإسلامية.
وهي جماعة كانت تدعو إلى "الجهاد" لإقامة "الدولة الإسلامية" وإعادة "المسلمين إلى التمسك بدينهم وتحكيم شرع الله"، ثم الانطلاق لإعادة "الخلافة الإسلامية من جديد"، إلا أنها تختلف عن جماعات الجهاد من حيث الهيكل التنظيمي وأسلوب الدعوة والعمل، بالإضافة إلى بعض الأفكار والمعتقدات، وتنتشر بشكل خاص في محافظات الصعيد وبالتحديد أسيوط والمنيا وسوهاج.
ومؤخرا، أمرت محكمة جنايات الجيزة، بإخلاء سبيل صفوت عبد الغني، وعلاء أبو النصر، القياديان بحزب "البناء والتنمية". يأتي هذا في ظل تحسن ملحوظ لأوضاع عدد من قيادات الجماعة بدأت بالإفراج عن نصر عبدالسلام، القائم بأعمال رئيس حزب "البناء والتنمية"، ومحمد محمود الطاهر، القيادي بالجماعة الإسلامية، كما تم إطلاق سراح حسن الغرباوي الملقب بعمدة المعتقلين و"الجماعة الإسلامية" يوم الجمعة قبل الماضي.