دعا الإعلامي إبراهيم عيسى، المحسوب سابقا على الأذرع الإعلامية لرئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، إلى أن يقوم الأخير باستفتاء الشعب
المصري على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية، التي تنازل السيسي بمقتضاها عن جزيرتي
تيران وصنافير المصريتين إلى
السعودية.
جاء ذلك في مقال كتبه عيسى، الأربعاء، بجريدة "المقال"، التي يرأس تحريرها، تحت عنوان: "الرعب من الاستفتاء".
وسأل عيسى السيسي: لماذا تخافون هكذا من إجراء الاستفتاء؟ ولماذا تصممون على خطف قرار تسليم الجزيرتين للسعودية؟ وما مصلحتكم في تسليم الجزيرتين للسعودية، بينما ملايين المصريين يعلنون رفضهم وغضبهم من هذا القرار؟ ولماذا تثقون جدا في عبد العال (علي عبد العال رئيس مجلس نواب ما بعد الانقلاب)، ولا تثقون في قرار الشعب المصري؟ وهل تخشون غضب السعودية لو تراجعتم عن توقيعكم أن تتراجع عن وعودها؟
وفي البداية قال عيسى: "أجهزة الدولة مذعورة جدا من الدعوة إلى استفتاء شعبي حول تسليم جزيرتي تيران وصنافير المصريتين للسعودية".
وتابع: "نعم.. ذعر شامل حقيقي من الالتزام بالدستور، والذهاب إلى استفتاء يحسم فيه الشعب قراره بإرادته، لا بوعد الرئيس، ولا برغبته هو وحكومته وأجهزته، فقرار "تيران" و"صنافير" ليس ملكا للرئيس وحكومته، بل قرار الشعب وحده، لا أحد غيره، كائنا من كان".
والأمر هكذا، تساءل عيسى: "إذن.. ما هذا الرعب الذي أصابهم كلهم حين نطالب باستفتاء؟"
وتابع: "طبعا.. مفهوم جدا أن أجهزة الدولة لا تحب الدستور، بل في واحدة من عفوياته المهمة كشف الرئيس (يقصد السيسي) عن تصوره بصعوبة تطبيق الديمقراطية كما نص عليها الدستور".
وأردف عيسى: "الواضح أن أجهزة الدولة تبدأ صباحها كل يوم بالبحث عن طرق لمراوغة الدستور، والالتفاف عليه وانتهاكه، وهو ما نراه في كل شيء تقريبا ترتكبه حكومتنا، ويقره رئيسنا ويقرره برلماننا، لكن كل هذه التجاوزات والانتهاكات شيء، أما الانتهاك الأكبر رفض إجراء استفتاء على اتفاقية تسليم "تيران" و"صنافير" للسعودية فشيء آخر تماما".
وعقَّب الكاتب بقوله: "هنا السيادة يا سادة.. قطعا سيهب في وجهك بعض المتحمسين من أنصار أن "تيران" سعودية، أو من أنصار السعودية، أو من المؤمنين بأن الرئيس (لكونه رئيسا) لا يخطئ أبدا، أو على شاكلة علي عبد العال كاتب الدستور، وماسحه بأستيكة، بأن المادة 151 تخص حقوق السيادة بينما "تيران" مش بتاعتنا بتاعة السعودية (ركز في حماسهم الشديد، وهم يرددون الكلمات كأنهم يسعون في الصفا والمروة أو يطوفون حول الكعبة يلبون: "لبيك اللهم لبيك").
وأضاف عيسى: "المشكلة أن هذا الرأي وذلك الموقف وتلك الرؤية، إفك كبير، وبهتان عظيم".
وأوضح أن "الدستور يحرم أصلا التنازل عن السيادة أو قطعة من أرض مصر، ومن ثم فليس مطروحا بالأساس أي استفتاء عليها من أصله، فأي تنازل عن سيادة أرض إنما هو قرار منعدم، وهو والعدم سواء، إذ تقول المادة 151 بالنص: "وفي جميع الأحوال لا يجوز إبرام أي معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة".
واستطرد عيسى: "من ثم فمربط الفرس هنا أن الدستور ينص على استفتاء شعبي في ما يخص أي معاهدات أو اتفاقيات تتعلق بحقوق السيادة حسب المادة 151 (ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف، وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة).
وتابع عيسى: إذن، الدستور يحتم إجراء استفتاء على "تيران" و"صنافير".. ليه؟
وأجاب: "لأننا مارسنا عليهما حقوق السيادة، حتى لو حضرة جناب سيادتك ترى أنهما سعوديتان، وهو رأي لا يساوي عندنا، ولا في الدستور، مثقال حبة من خردل، فالحاصل أن مصر رفعت فيهما علمها وسيادتها، ووضعت فيهما فنازاتها، وأصدرت حولهما قرارات جمهورية وإدارية، ونصت عليهما في أقاليمها وحدودها، ودافعت عنهما بجنودها، ودرَّستهما في مناهجهما، يبقى مارست عليهما إيه يا أفندم؟.. مارست سيادة، تبقى "حقوق سيادة" تقتضي حين تتنازل عنهما (عن الحقوق يا سيدي، بلاش الأرض عشان ما تزعلش).. أن تحتكم إلى الدستور باللجوء إلى استفتاء شعبي"، وفق قوله.
وتابع عيسى: "السؤال: لماذا تخافون هكذا من إجراء الاستفتاء؟ لماذا تصممون على خطف قرار تسليم الجزيرتين للسعودية؟ لماذا تثقون جدا في "علي عبد العال"، ولا تثقون في قرار الشعب المصري؟ وما مصلحتكم في تسليم "تيران" و"صنافير" للسعودية بينما ملايين من المصريين يعلنون رفضهم وغضبهم على هذا القرار؟
وواصل عيسى تساؤلاته: هل تخشون غضب السعودية لو تراجعتم عن وعودكم أن تتراجع في وعودها؟ هل كان تسليم الجزيرتين مقابل شيء ما لا نعرفه؟ هل الدعم والاستثمار السعودي الموعود سيتوقف لو ألغى الشعب تسليم "تيران" للمملكة؟
واستطرد: "إذن.. لم تكن المليارات إلا رغبة في الجزيرتين، وليست دعما لمصر.. لقد نفيتم ذلك، ونفوا هم كذلك، فلماذا ترفضون الاستفتاء إذن؟
وأضاف: "هذه أسئلة يهرب منها المسؤولون كما يهربون من الاستفتاء".
والأمر هكذا، اختتم عيسى مقاله بقوله: "إجابتها واحدة فقط: إنهم يعرفون أن الشعب المصري يرفض ما وقَّعته أيديهم، وبدلا من أن يخضعوا لإرادة الشعب، فإنهم يحتالون عليها برفض الاستفتاء"، بحسب وصفه.