نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا لمحررها لشؤون الدفاع كيم سينغوبتا، قال فيه إن
التحقيقات في السلسلة الجهادية الدولية خلف
هجمات بلجيكا وفرنسا، تدرس أيضا العلاقة البريطانية لمخطط تنظيم
القاعدة، الذي مهد الطريق لهجمات 11 أيلول/ سبتمبر.
ويشير التقرير إلى أنه تم اعتقال خمسة أشخاص "أربعة رجال وامرأة" الأسبوع الماضي في برمنغهام وفي مطار غاتويك؛ للاشتباه بعلاقتهم في هجمات فرنسا وبلجيكا، ولم يتم الإفصاح عن هويتهم، لافتا إلى أن هذه الاعتقالات جاءت إثر تقارير بأن الإرهابيين الذين قاموا بالهجمات في أوروبا زاروا إنجلترا العام الماضي، حيث وجدت صورا لبعض المواقع على أجهزة الهاتف المحمول التي كانت معهم.
ويذكر الكاتب أن المسؤولين الأمنيين يقومون بالتحقيق في العلاقات بين الإسلاميين في بريطانيا ونظرائهم في بلجيكا وفرنسا، التي تعود إلى 15 عاما للوراء، مشيرا إلى أن هذا التحقيق يتضمن الذين على علاقة بحي مولينبيك في
بروكسل، الذي كان مركز العمليات الإرهابية في أوروبا، حيث تعتقد المخابرات في غرب أوروبا أن العلاقات التي تم إنشاؤها قبل 15 عاما بين متطرفي المملكة المتحدة ومتطرفي أوروبا بقيت قائمة، بل إنها أصبحت أكثر نشاطا منذ بداية الحرب الأهلية السورية عام 2011.
وتلفت الصحيفة إلى أن أحد المعتقلين بعد هجمات بروكسل الشهر الماضي كان عبدالرحمن أميرود، الذي قتلته الشرطة، وادعت أنه كان يريد استخدام ابنته الصغيرة "درعا بشريا"، حيث رفض تسليم حقيبة ظهر يشك بأنها احتوت على متفجرات، مشيرة إلى أنه يقال إن أميرود كان جزءا من خطة كانت في "مرحلة متقدمة" للقيام بهجوم في أرجينتويل في فرنسا عندما تم إلقاء القبض عليه.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن محكمة فرنسية حكمت على أميرود عام 2005 بالسجن سبع سنوات؛ لمشاركته في اغتيال القيادي الجهادي المعروف أحمد شاه مسعود، لافتا إلى أن اغتيال مسعود، الشخصية الأبرز في تحالف الشمال المناهض لحركة
طالبان، في 9 أيلول/ سبتمبر 2001، كان بأمر من أسامة بن لادن، الذي كان يستضيفه نظام حركة طالبان في أفغانستان، ويعتقد بشكل واسع أن عملية الاغتيال كانت جزءا من الخطة للقيام بالهجمات في نيويورك وواشنطن بعد ذلك بيومين، حيث تم التخلص من أقرب الحلفاء للغرب في أفغانستان.
ويكشف سينغوبتا عن أن الرجال الذين قتلوا مسعود في هجوم انتحاري بلجيكيون من أصول أفريقية، مثل الرجال الذين قاموا بالهجمات الأخير في أوروبا، مشيرا إلى أنهم توصلوا إلى قائد تحالف الشمال بالادعاء بأنهم صحافيون.
وتنوه الصحيفة إلى أن الأوراق التي استخدمها الرجال للادعاء بأنهم صحافيون، قدمتها منظمة إسلامية يديرها ياسر السري، وهو مصري يتخذ من المملكة المتحدة مقرا له، حيث اعترف السري بتقديم رسالة على أوراق المرصد الإسلامي لقاتلي مسعود، الذي مكنهم من الدخول على أنهم صحافيون إلى باكستان وإلى المناطق التي تسيطر عليها حركة طالبان في أفغانستان، لكنه أنكر بشدة بأنه يمكن استخدام تلك الرسالة لتسهيل اغتيال مسعود.
ويورد التقرير أنه تم اعتقال السري وتوجيه التهمة له، بالتورط في اغتيال مسعود، وتم إلغاء المحكمة عندما توصل قاض في محكمة أولد بيلي في لندن إلى أنه لا توجد أدلة كافية لإدانته، حيث إنه ليست هناك أي إشارة إلى أن السري على علاقة بالهجمات الإرهابية الحديثة، لافتا إلى أنه تبين لاحقا أن طارق معروفي، الذي أدين لتورطه في اغتيال مسعود في محاكمة أميرود ذاتها، قضى ست سنوات في السجن، لذلك كان يتردد كثيرا على لندن، وأصبح أحد أتباع أبي قتادة، الذي كان يقوم بدعوته في مسجد فينزبري بارك.
ويذكر الكاتب أن السري فرّ من مصر إلى بريطانيا عام 1993، مستخدما جواز سفر يمني مزور، وحكمت عليه محكمة في القاهرة غيابيا بالإعدام في العام التالي؛ بتهمة محاولة اغتيال رئيس الوزراء المصري، وفي عام 1999 حكم عليه غيابيا بالسجن لمدة 15 عاما؛ بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي، وهو تنظيم الجهاد الإسلامي في مصر، الذي كان أحد قادته سابقا أيمن الظواهري الذي يرأس تنظيم القاعدة الآن.
وتبين الصحيفة أن السري لم يمنح اللجوء في المملكة المتحدة، لكنه أعطي إقامة استثنائية يتم تجديدها كل ستة أشهر، لافتة إلى أن المحكمة العليا حكمت عام 2012 بأنه لا يمكن تسفيره إلى مصر؛ لأنه يواجه خطر سوء المعاملة في بلده.
ويشير التقرير إلى أن السري خسر استئنافا ضد رفض طلب لجوئه، حيث أشارت المحكمة العليا إلى أن رفض لجوئه جاء على خلفية مساهمته في كتب لها علاقة بتنظيم القاعدة، والزعم بعلاقته بالاغتيال في أفغانستان.
وينقل سينغوبتا عن وزارة الداخلية قولها في 2008، إنها تنظر في مراجعة شروط الكفالة لأبي قتادة، بعد أن شوهد يمشي في الشارع مع السري، وكان من شروط كفالة أبي قتادة عدم اقترانه بالمتطرفين، والشرط الآخر كان عدم استخدامه للهاتف المحمول، مبينا أنه تم تصوير السري يسير مع أبي قتادة وهو يتحدث بالهاتف، وادعى بأنه كان يأخذ التعليمات من مرافقه، لكن لم يتم إبراز أي دليل يثبت ذلك، وتم إبعاد أبي قتادة إلى الأردن عام 2013.
وتوضح الصحيفة أن اعتقال الخمسة في برمنغهام وغاتويك الأسبوع الماضي هو للاشتباه بوجود رابط بريطاني لهجمات بروكسل وباريس، حيث إن محمد الأبريني "الرجل الذي ظهر بالقبعة"، الذي ظهر مع الانتحاريين في مطار بروكسل الشهر الماضي، زار المملكة المتحدة الصيف الماضي، وقضى وقتا في برمنغهام، ويعتقد أن الأبريني هو الناجي الوحيد في هجمات
باريس، بالإضافة إلى أن عبد الحميد أباعود، الذي قاد الهجمات، وقتل بعد أن حاصرته الشرطة، كان قد زار المملكة المتحدة العام الماضي.
وبحسب التقرير، فإن وكالات الاستخبارات الغربية تقوم بتفحص علاقات تاريخية بين الجهاديين في فرنسا وبلجيكا والمملكة المتحدة، كجزء من التحقيق في الهجمات في أوروبا، لافتا إلى أن هذا التحقيق يتضمن دور جمال بيجال، الفرنسي الجزائري الذي كان مرشدا لشريف كواشي، أحد مهاجمي مجلة "شارلي إيبدو" العام الماضي.
ويلفت الكاتب إلى أن بيجال هو أحد مرتادي مسجد "فنزبري بارك" في بدايات عام 2000، وأصبح أحد أتباع أبي قتادة ورجل الدين "المتطرف" أبي حمزة، الذي تم تسفيره إلى أمريكا، حيث حكم عليه بالمؤبد بتهمة الإرهاب.
وتذكر الصحيفة أن بيجال، الذي يدعي رجال المخابرات الفرنسيون والبريطانيون أنه أحد أهم المجندين لتنظيم القاعدة في أوروبا، التقى بآخرين مشاركين في هجمات باريس، هما أميدي كوليبالي وشريكته حياة بومدين، مشيرة إلى أنه رتب تفجير السفارة الأمريكية في باريس بينما كان في قندهار تحت حكم حركة طالبان في 2001.
ويورد التقرير أنه عندما كان بيجال في أفغانستان قابل دهمان عبد الستار، وهو بلجيكي تونسي وكان أحد مغتالي مسعود، مشيرا إلى أن ابن لادن كان يرسل راتبا لأرملة عبد الستار مليكة العرود، وهي بلجيكية مغربية، عن طريق مبعوث، وتم الحكم على العرود بتهم الإرهاب في 2010، حيث حكم عليها بالسجن لمدة سبع سنوات.
ويقول سينغوبتا إنه كان يفترض أن يقوم بالهجوم الانتحاري على السفارة الأمريكية في 2001 نزار الطرابلسي، وهو بلجيكي تونسي ولاعب كرة قدم سابق تم اعتقالة في بروكسل في ذلك العام؛ بتهمة تحضيره لهجوم السفارة، وكان قد عاد حديثا من لندن، حيث كان قد تأثر بأبي قتادة.
وتكشف الصحيفة عن أن الطرابلسي زار في لندن ديفيد كورتيلور، الفرنسي الذي كان يعيش في شقة زكرياس موسوي في بركستون في لندن، مشيرة إلى أنه تم اعتقال موسوي في صيف 2001، ما منعه أن يكون الخاطف العشرين في هجمات
11/ 9، وتم اعتقال كورتيلور لدى عودته إلى فرنسا من الشرطة الفرنسية، التي كانت تحقق في علاقته بالهجمات على السفارة الأمريكية في كينيا وتنزانيا عام 1998.
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أن التحقيقات في هذه العلاقات لا تزال مستمرة.