هاجمت أستاذة جامعية، وقيادي بالجبهة الشعبية في
تونس، وزير الشؤون الدينية محمد خليل، بسبب برنامج مشترك مع وزارة التربية، كشف عنه الأخير قبل يومين، يتعلق باستغلال المؤسسات التربوية في مرحلتي الابتدائي والثانوي، لتحفيظ
القرآن الكريم للطلبة خلال العطل المدرسية؛ "بهدف مكافحة الإرهاب".
وكان وزير الشؤون الدينية محمد خليل، صرح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء، الاثنين الماضي، بأن برنامج استغلال المؤسسات التربوية من مدارس ومعاهد لتحفيظ القرآن الكريم للطلبة خلال العطل المدرسية، يندرج في إطار التعاون القائم بين الوزارات في مجال مكافحة الإرهاب بوسائل علمية وثقافية وفكرية وإبداعية، مشيرا إلى أن الهدف من البرنامج "تمكين التلاميذ من حفظ القرآن الكريم في مؤسستهم التربوية التي اعتادوا على ارتيادها".
واتهمت أستاذة الحضارة الإسلامية، نائلة السليني، في مداخلة لها الأربعاء ببرنامج 24/7 على قناة "الحوار التونسي" الخاصة، الوزير بـ"محاولة التقرب من
حركة النهضة، من خلال حملة تشتمل على برنامج لتحفيظ القرآن للناشئة في المدارس والمعاهد خلال العطلة"، وفق تعبيرها.
وقالت السليني: "أعتقد جازمة أن النهضة لم تشجع وزير الشؤون الدينية على برنامج تدريس القرآن، وإنما هو الذي يشتغل وفق ما تريده النهضة؛ بهدف نيل رضاها"، مضيفة: "يا سيدي الوزير! يبدو أنك لم تقرأ القرآن، ولم تحفظه، ولم تفهمه (...)، اتركوا شأن تربية الأبناء لآبائهم، فدستورنا يُقر بحرية المعتقد".
آيات يوظفها الدواعش
وقالت السليني: "أعلم جيدا أن هناك من يترصدني بهدف تكفيري، فأنا تعودت على مثل هذه الحملات".
وتابعت: "هل سيتم تحفيظ القرآن، أم تدريسه؟ من هنا تبدأ المزالق، فنحن لا ننسى أن الناس عاجزون منذ 15 قرنا عن تحفيظ القرآن وتدريسه للآخرين".
وتساءلت أستاذة الحضارة الإسلامية: "هل سنُدرس أبناءنا آية (فاقتلوهم حيث ثقفتموهم) على سبيل المثال؟ وهل سيتم تدريسهم بعض الآيات الأخرى مثل (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله)؟".
وقالت السليني إن "المدرسة مؤسسة عمومية تابعة للدولة التي تعدّ نفسها حديثة، وهي اليوم ستتبنى مشروع تحفيظ القرآن؛ مثل الكتاتيب القرآنية التابعة للمساجد، وأنا أعرف جيدا كيف يعلّمون القرآن للأطفال هناك (...)، ما فائدة تحفيظ القرآن للطفل؟ هل سنقاوم الفكر
الداعشي بذلك؟ للأسف أنا أقول إن الطفل سيحفظ الآيات التي يوظفها الدواعش"، بحسب تعبيرها.
من جانبه، قال القيادي بالجبهة الشعبية المحامي عبدالناصر العويني، إن "برنامج تدريس القرآن الكريم هو نتاج التحالف الهجين بين حزب النهضة الإسلامي، الناقم على التعليم ومؤسساته، وبين حزب النداء"، مضيفا أنه يفترض فتح المدارس "للارتقاء بوعي الناس الذين لم يستوعبوا بعد تقدم المجتمع التونسي، وتطوره ومكاسبه وثقافته، وليس للتأخر والتخلف"، على حد وصفه.
مزايدات سياسية
من جانبه، قال وزير التربية التونسي، ناجي جلول، إن تونس دولة عربية ومسلمة، كما جاء في الدستور الذي وجب تطبيقه، والذي أنهى الجدال الدائر حول الهوية التونسية، مشيرا إلى أن جزءا من منظومة الإصلاح التربوي تنص على "تجذير التلاميذ في هويتهم العربية الإسلامية".
ودعا جلول، وهو أستاذ جامعي وخبير مختص في التاريخ الإسلامي والحركات الإسلامية، في تصريح الأربعاء لإذاعة "جوهرة أف أم" بمحافظة سوسة، إلى عدم "خلط مسألة تحفيظ القرآن الكريم بالمزايدات السياسية"، في إشارة إلى بعض التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي حول البرنامج.
وقال: "من حق الطلبة معرفة دينهم وأصلهم؛ لأن هذا جزء من شخصيتهم وتكوينهم، بالإضافة إلى المسرح والسينما والرياضة".
ونفى جلول أن تتسبب مبادرة تحفيظ القرآن الكريم "في تحويل المدارس إلى كتاتيب، أو وضعها بين أيدي مؤسسات منظمات مشبوهة"، مؤكدا أن حلقات التحفيظ "سيُشرف عليها أساتذة نفتخر بهم، بالاشتراك مع وزارة الشؤون الدينية، وستختتم بمسابقات لاختيار المتفوقين".