وجه وزير الدفاع والإنتاج الحربي والقائد العام للقوات المسلحة
المصرية صدقي صبحي رسالة للشعب المصري، قائلا: "إنني أدعو المصريين جميعا للالتقاء على كلمة سواء تعلي مصالح الوطن فوق المصالح الذاتية وفوق كل اعتبار، لكي نمضي معا بجهد مخلص وصادق نعلي مكانة مصر ونصون عزتها".
وأضاف -خلال كلمته في الندوة التثقيفية الثانية والعشرين التي نظمتها القوات المسلحة، الخميس، بمناسبة الذكرى الـ34 لتحرير سيناء-: "نحفظ كرامة مصر، ونضحي من أجلها بكل غال ونفيس، نباهي بها وطنا أمنا عريقا مستقرا يسعى شعبه إلى بناء المستقبل الأفضل للأبناء والأحفاد بإرادة حرة لا تعرف الإملاءات أو المغريات، وتفرق بين الحق والباطل والغث والثمين، وتؤكد أن الشعب هو السيد والقائد والمعلم".
وهذه هي المرة الأولى التي يوجه فيها وزير الدفاع صدقي صبحي دعوة إلى جموع المصريين من أجل التوحد حول "مصالح الوطن"، وتأتي أهمية وخطورة تلك الدعوة -بحسب مراقبين- إلى أنها موجه للمصريين جميعا، بما فيهم رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي، الذي كان من المقرر حضوره وقائع الندوة التثقيفية بمسرح الجلاء، بحسب ما نشرته
وسائل إعلام مصرية، إلا أنه لم يحضر.
وقال "صبحي": إن "ذكرى تحرير سيناء ستظل في ذاكرة تاريخنا الوطني والقومي رمزا لعظمة الإرادة المصرية وقواتها المسلحة التي ستظل بعطاء رجالها وتضحياتهم دوما درعا قويا للوطن يحمي قدسية أراضيه، وحصنا منيعا للشعب يصون له تاريخه وأمجاده"، لافتا إلى أن الجيش جدير بثقة شعبه بما يقدمه أفراده من عطاء وتضحيات للحفاظ على أمن واستقرار الوطن.
وأضاف الفريق صدقي صبحي: "اسمحوا لي في هذه الذكرى العظيمة أن أوجه التهنئة للرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولجميع مؤسسات الدولة المصرية، ولشعب مصر العظيم برجاله ونسائه وعماله وفلاحيه ومثقفيه ومفكريه وأدبائه وفنانيه ومسلميه ومسيحيه الذين كانوا سندا لقواتهم المسلحة، وقدموا من بينهم الشهداء والمصابين، وشاركوا بدور فاعل في تحقيق النصر ودحر العدوان".
واستطرد قائلا: "إننا نتذكر بكل الفخر والاعتزاز في هذا اليوم المجيد من أيام الوطنية المصرية جيل أكتوبر العظيم من رجال القوات المسلحة الذين نذروا أنفسهم فداء للوطن، وأكدوا للعالم أن رجال قوات مصر المسلحة لا يقبلون بضيم ولا يتهاونون مع معتد، ولا يفرطون في حق من حقوق مصر المشروعة، مهما بلغت التحديات والصعاب".
وأشار صدقي صبحي إلى أن "مصر آمنة بإذن الله بقواتها المسلحة التي تتحمل مسؤولية الحفاظ على أمن مصر القومي في الداخل والخارج، ولن تتسامح أو تتهاون مع من يحاول أن يستبيح أرضنا أو ينشر الفوضى على حدودنا، ولن تقبل ابتزازا أو ضغوطا من أحد مهما كان".
واستطرد قائلا:" عهد وقسم بأن يظل رجال القوات المسلحة البواسل محافظين على يمين الولاء والفداء لمصر وشعبها، وأن يسلموا راية الوطن للجيل القادم مرفوعة هاماتها عزيزة صواريها، تخفق بالعزة والكرامة لشعب مصر العظيم والمجد والخلود للوطن".
وخلال كلمته، أكد وزير الداخلية مجدي عبد الغفار أن جهاز الشرطة يواجه تحديات غير مسبوقة بين حفظ الأمن والتعاون مع القوات المسلحة في مكافحة "الإرهاب" وتحقيق الأمان لكافة جموع الشعب المصري، مضيفا :" إننا ماضون قدما في تطوير كافة قطاعات وزارة الداخلية للتناسب مع مطالب المواطنين مع الحرص التام على مراعاة تطبيق مبادئ الدستور والقانون".
وقال "عبد الغفار" إن "التجاوزات الفردية تنال بقدر كبير من تضحيات رجال الشرطة الشرفاء، كما أنها ليست منهجا أو أسلوبا متبعا، وسوف نظل نتعامل معها بكل حزم؛ من أجل الحفاظ على حقوق المواطنين، ونحن على ثقة تامة في وعي الشعب المصري وكافة مؤسسات الدولة للمخاطر التي تواجه الوطن".
وحضر الندوة رئيس البرلمان على عبد العال، ورئيس الحكومة شريف إسماعيل، وعدد من الوزراء، ورئيس أركان حرب القوات المسلحة محمود حجازي، وقادة الأفرع الرئيسية للجيش، وعدد من نواب البرلمان، وعدد من قادة وضباط القوات المسلحة، وقيادات وزارة الداخلية، وعدد من الشخصيات العامة والإعلاميين، وطلبة الكليات العسكرية والجامعات المدنية.
موقف الجيش من تيران وصنافير
وقال مراقبون إن هناك كلمات وجمل جاءت على لسان "صدقي صبحي" لها الكثير من الدلالات، أهمها أن "الشعب هو السيد والقائد والمعلم"، في إشارة ضمنية لاحتمال الاحتكام إلى الشعب في ظل الخلافات الحادة الراهنة وتأزم المشهد السياسي، و"لا يفرطون في حق من حقوق مصر المشروعة، مهما بلغت التحديات والصعاب"، في إشارة إلى أنها قد تعني رفض الجيش الضمني التنازل عن الجزيرتين.
من جهته، قال الكاتب الصحفي سليم عزوز: "من الواضح أن هناك مشكلة ما تواجه السيسي، ربما تكون مشكلة أمنية؛ لأن الهاجس الأمني هو ما يسيطر عليه، وقد شاهدناه بالأمس في لقاء مع قيادات وزارة الداخلية، وإذا كانت جريدة الشروق قد نشرت أن مصادر أخبرتها بأن السيسي أبدى غضبه لتقاعس الأمن عن التصدي للمتظاهرين يوم 15 نيسان/ أبريل، وضرورة التصدي لمظاهرات 25 نيسان/ أبريل، فقد نفت الرئاسة ذلك، ما يعني أن هناك أزمة داخلية، وغياب الجيش في مظاهرات جمعة الأرض له مدلول ما".
وأضاف "عزوز" -في تصريح لـ"عربي 21"-: "اللافت هو غياب السيسي عن احتفالات القوات المسلحة التي حضرها وزير الدفاع صدقي صبحي، الذي ألقي فيها خطابا يحتوي على التباس ذكّر الناس برسائل الجيش للقوى السياسية قبيل انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013".
واستطرد قائلا:" هذه الاحتفالات هي عن ذكرى كبرى من المناسبات التي لا يغيب عنها عبد الفتاح السيسي في السنوات الماضية، ولا يمكن القول بأن ما منعه كان حضور الضيف الإماراتي الذي كان مساء الخميس".
وتساءل "عزوز": "هل الهاجس الأمني هو ما دفعه للغياب عن المناسبة هذه، أم أن هناك مسافة صارت بينه وبين الجيش في الآونة الأخيرة لم تكن موجودة من قبل؟.. أعتقد أن الأيام القليلة كفيلة بالإجابة عن هذا السؤال"؟
وأشار "عزوز" إلى أن القوات المسلحة المصرية لم يصدر عنها أي تصريح أو بيان يحدد موقفها من قضية التنازل عن الجزيرتين لصالح السعودية، ولم تكن هناك إشارات واضحة تكشف دعم المؤسسة العسكرية لموقف للسيسي فيما يتعلق بالتنازل عن الجزيرتين أو تطورات الأوضاع السياسية الأخيرة.
بدوره، أكد المتحدث الإعلامي باسم حزب الحرية والعدالة أحمد رامي أن هناك كثيرا من الشواهد توحي بأن ثمة خلافا ما منذ فترة بين أجهزة وأجهزة أخرى بالدولة، لافتا إلى أن حديث "صدقي صبحي" مرتبط بما تم نشره في وسائل إعلام أمريكية من أن المجلس العسكري حذر "السيسي" من تداعيات التنازل عن "جزيرتي تيران وصنافير".
ونشر مركز الدراسات الاستراتيجية الأمريكي "ستراتفور" تقريرا حول مشروع الجسر البري بين المملكة العربية السعودية ومصر، كاشفا فيه لأول مرة أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة حذر "السيسي" مسبقا من التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير لصالح السعودية.
وحسب مصادر "ستراتفور"، فان المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية نصح "السيسي" بالامتناع عن نقل السيادة على الجزيرتين للسعودية،؛ وذلك لأن ذلك "سيمس بالشرف الوطني، وسيغضب الرأي العام المصري".
وأضاف "رامي" لـ"
عربي21": "ما أؤكد عليه أن مصر والمنطقة في مرحلة تغيير تاريخي، لن يستطيع أحد الالتفاف عليه أو منعه، وأن الأمور أصبحت مسألة وقت، وأن ما بدأه الشعب منذ كانون الثاني/ يناير 2011 سيستكمله، وسيبلغ منتهاه، خاصة أن منظومة دولة 23 تموز/ يوليو 1952 (حكم العسكر) انتهت قدرتها على البقاء، وبقاؤها في السلطة خطر داهم على بقاء مصر الدولة".
وتابع قائلا: "إن دماء رفقاء السلاح الذين استشهدوا في تيران وصنافير في 1956 و1967 و1973 تستصرخنا، ليس فقط أن نحافظ على سيادة مصر، بل على كامل ترابها، من أجل امتلاك جيش وطني قوي محترف منصرف لواجبه الذي تعارفت عليه الأمم، فيكون كجيش مصر أكتوبر، وليس جيشا منشغلا بالسياسة، فيجلب علينا ما يشبه نكسة 1967".