بعد الثورة السورية، برزت ظاهرة "هروب" الشبان
اللبنانيين الشيعة إلى
أوروبا؛ رفضا لإجبارهم على الانضمام لمليشيات
حزب الله، التي تقاتل إلى جانب النظام السوري ضد المعارضة المسلحة، خصوصا ضمن المناطق الملتهبة على الشريط الحدودي، بالإضافة لحلب وريفها، ودرعا وريفها، وحمص وريفها، ودمشق وريفها، خصوصا في منطقة السيدة زينب.
الشاب اللبناني محمد عباس، المقيم في بلجيكا حاليا، روى لـ"عربي21" قصة وصوله إلى أوروبا، قائلا: "كنت أقطن مع عائلتي في احدى بلدات سهل البقاع اللبناني، وبعد قرار حزب الله تجميع كافة شبان القرى الشيعية، وإخضاعهم لدورات تأهيلية للانضمام للمعارك المشتعلة في سوريا، اتفقت مع مجموعة من الأصدقاء بموافقة عائلاتنا الهروب إلى أوروبا، وتقديم
اللجوء في إحدى دول الاتحاد الأوروبي".
وتابع عباس: "قامت عائلاتنا بتأمين مبالغ مالية لنا لنتمكن من السفر؛ إذ يحتاج الفرد منا لسبعة آلاف دولار كحد أدنى للوصول إلى أوروبا، عبر بعض المهربين المختصين بعمليات التزوير، وبالفعل انطلقت رحلتنا من مطار بيروت، وصولا إلى بيلاروسيا، وهناك أقمنا بضعة أيام، وكان الاتفاق بعدها على حجز تذكرة العودة إلى لبنان بطريقة الترانزيت، لنستطيع الوصول إلى مطار شارلي ديغول في باريس".
الشاب اللبناني ومجموعة من أصدقائه الذين لا يتجاوزون سن الـ22 عاما، قاموا بتقديم طلبات اللجوء داخل الأراضي الفرنسية، ما استدعى إبقاءهم في منطقة الانتظار داخل مطار باريس، المعروفة باسم "زابي3"، لمدة 20 يوما، خضعوا خلالها لتحقيقات مكثفة عن أسباب هروبهم من حزب الله.
وبعد نهاية التحقيقات، سمح لهم بدخول الأراضي الفرنسية، وتقديم اللجوء في الدولة الأوروبية التي يرغبون، بحسب ما قاله عباس لـ"عربي 21".
وعن أسباب الهروب من حزب الله واللجوء إلى دول الاتحاد الأوروبي، أجاب عباس أن "الكثير من الشبان الشيعة هربوا من لبنان خلال سنوات الحرب في سوريا، منهم من غادر إلى إفريقيا، ومنهم من توجه إلى أمريكا الجنوبية، ومنهم من قرر اللجوء في أوروبا؛ بسبب رفض سياسات الحزب بالتدخل في الشأن السوري من جهة، وخوف الكثير من العائلات من مقتل أبنائهم أمام قوة الثوار والجهاديين السوريين، فضلا عن تحويلنا لوقود يشعل النار الطائفية بين الشيعة والسنة خدمة لمشروع إيران، بإعادة أمجاد الدولة الفارسية".
وبعد التواصل مع عدد من اللاجئين السوريين المقيمين في دول الاتحاد الأوروبي، أكد هؤلاء لـ"عربي21" تواجد بعض الشبان اللبنانيين من الطائفة الشيعية في مناطق إقامتهم، إما بصفة اللجوء، أو قدِموا مؤخرا عبر فيز عمل بواسطة أقاربهم الحاصلين على الجنسيات الأوروبية.
وفي هذا الصدد، أكد الصحفي محمد الحمادي، المقيم في فرنسا، لـ"عربي21"، أن حالة الهروب من لبنان، خصوصا من أبناء الطائفة الشيعية، "بدأت تظهر في بداية العام الماضي، بعد أن أيقن المقربون من حزب الله بأن حربهم خاسرة في سوريا، ولا تتعدى الدفاع عن بشار الأسد، وهي محرقة حقيقية لأبنائهم"، بحسب تعبيره.
ويلفت الحمادي للأخبار الواردة تباعا عن قيام قيادات عليا في الحزب بتهريب أبنائها إلى أوروبا؛ حفاظا على حياتهم، بعدما اعتبر حسن نصر الله هذه الحرب مسألة وجود، وأنه ماض فيها حتى النهاية، وهو ما كلف الطائفة مئات القتلى والجرحى، وأدى لحالة تململ بين العائلات من تحول ما يسمى بمحور "المقاومة " إلى أداة لقتل المدنيين السوريين وإشعال فتيل الطائفية في المنطقة.
يذكر أن أعداد عناصر مليشيا حزب الله الذين قتلوا في سوريا خلال المعارك تجاوزت 2000 مقاتل، وفقا لإحصائيات الشبكات الإخبارية المؤيدة للثورة السورية، وهذه الأرقام لم يخسرها الحزب في معركته مع إسرائيل الممتدة من عام 1982 حتى عام 2006م.