تصاعدت حالة الغضب في الأوساط الصحفية المصرية وامتدت لتصل إلى قطاعات نقابية وسياسية وثورية، معلنة رفضها القاطع لممارسات نظام عبد الفتاح السيسي ضد أبناء صاحبة الجلالة، خاصة بعد اقتحام قوات الأمن، أمس الأحد، مقر نقابة الصحفيين بوسط القاهرة، للمرة الأولى في تاريخ النقابة العريقة، التي تأسست في أربعينيات القرن الماضي، والتي تعتبر قلعة الحريات في مصر، من أجل القبض على الزملين عمرو بدر، رئيس تحرير بوابة يناير، ومحمود السقا الصحفي بالبوابة، بتهمة محاولة زعزعة الإستقرار بالبلاد.
اعتصام مفتوح
وبدأ عشرات الصحفيين اعتصامهم المفتوح بمقر النقابة، ونظموا وقفة احتجاجية مساء الأحد، مرددين هتافات تطالب بإسقاط النظام العسكري، وتندد بممارساته، وتطالب بسرعة الإفراج عن "بدر" و"السقا"، منها: "يسقط يسقط حكم العسكر"، و"الصحافة مش بتخاف.. بالكاميرا والقلم الجاف"، و"عمرو بدر يا بطل.. محمود السقا يا بطل.. سجنك بيحرر وطن"، و"عيش حرية الجزر دي مصرية"، و"عبد الغفار وزير تعذيب.. زيه زي الكلب حبيب"، و"الداخلية بلطجية"، و"وحدة صحفية واحدة ضد السلطة اللي بتدبحنا".
وطالب الصحفيون المعتصمون بمقر النقابة بإطلاق سراح كافة الزملاء المعتقلين والمحبوسين في قضايا رأي، وإقالة وزير الداخلية، ومحاسبة المسئولين عن هذه الجرائم، مؤكدين أنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي إزاء هذه الهجمة المسعورة، واعلنوا أن اعتصامهم هو الخطوة الأولى في مقاومة هذا الطغيان، مناشدين كل القوى الديمقراطية والحية في المجتمع الانضمام لمطالبهم.
وحمّلوا في بيانهم الأول الاثنين (اطلعت عليه عربي21) "عبد الفتاح السيسي المسؤولية عن هذه الجريمة غير المسبوقة، وهو ما يعد اعتداء غاشما على حرية الصحافة لوقفها عن القيام بدورها في فضح جرائم النظام، من قتل واعتقال وتعذيب الآلاف من المصريين، وصولا إلى التفريط في التراب الوطني ببيع جزيرتي تيران وصنافير".
وقالوا إن الجريمة التي ارتكبها السيسي ووزير داخليته مجدي عبد الغفار، تتوج ما أكدته تقارير المنظمات المعنية بحرية التعبير والصحافة، بشأن التدهور غير المسبوق لأوضاع الصحافة المصرية في عهد السيسي.. علما بأن مصر أصبحت ثاني دولة في حبس الصحفيين على مستوى العالم في عام 2015.
ووقع على البيان: كارم يحيى، وإبراهيم الصحاري، ومصطفى بسيوني، وهيثم جبر، ومحمد الجارحي، وإلهامي شوقي، ورضوان آدم، وهشام فؤاد، ومحمد عبد القدوس، وأحمد المريخي، وأحمد حربية، وأسماء نصار، ويسري حسان، وأحمد سمير، ورشا جدة، وعمر الهادي، ومصطفى ماهر، ومحمد قنديل، ومحمد إسماعيل، والشيماء عبد اللطيف، وأحمد محجوب، وبيسان كساب، وعمر ساهر، ووائل ممدوح، ومحمد كامل، ومحمود المملوك، ومحمد حجاج، وطارق عباس، وأحمد رجب، والوليد إسماعيل، وملكة بدر.
هجمة بربرية
وألقى نقيب الصحفيين يحيى قلاش، بيان مجلس النقابة للرد على واقعة اقتحام قوات الأمن لمقر النقابة، والقبض على الصحفيين "بدر" و"السقا"، مؤكدا أن هذا الاقتحام يعد هجمة بربرية وانتهاكا للدستور والقانون، ويمثل "عارا" لا يمكن التخلص منه إلا بإقالة وزير الداخلية؛ نظرا لمخالفة القانون الذي ينص على وجوب تواجد نقيب الصحفيين أو من يمثله أثناء دخول الأمن للنقابة.
وقال في مؤتمر صحفي بالساعات الأولى من اليوم الاثنين، إن النقابة تعرضت لواقعة "مشينة" دفعت المئات من الصحفيين للاعتصام في مقر النقابة تنديدا بالحدث، مضيفا أن "كرامتنا من كرامة الصحفي، والنقابة ظلت على الدوام قلعة للحريات ومنارة للوطنية المصرية".
واستطرد "قلاش" قائلا: "سياسات وزير الداخلية تساعد في تأجيج حالة التوتر الداخلي، مثلما أصدرنا بيانا منذ أيام ينتقد رجال الداخلية الذين سمحوا لبعض البلطجية باقتحام النقابة في تظاهرات 25 نيسان/ أبريل، بل ومنعوا الصحفيين من دخول مقر نقابتهم، ولم يتحرك أي مسؤول لكبح جماح قوات الأمن".
كما استنكر عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، حافظ أبو سعدة، اقتحام مقر النقابة قائلا إنه تطور خطير.
كما أدان النائب والإعلامي، رئيس تحرير جريدة وموقع "البوابة نيوز"، عبد الرحيم علي، اقتحام أجهزة الأمن لمقر النقابة، معتبرا ذلك انتهاكا لـ"قدسيتها"، بحسب تعبير الجريدة، ومطالبا بمحاسبة فورية وسريعة لمن يقف وراء القرار، في إشارة إلى وزير الداخلية.
جمعية عمومية طارئة الأربعاء
وأعلن "قلاش" عن انعقاد جمعية عمومية طارئة يوم الأربعاء المقبل، بالإضافة إلى دعوة رؤساء تحرير الصحف القومية والحزبية والخاصة والصحفيين أعضاء مجلس النواب، والكتاب، وأعضاء مجالس النقابة السابقين، والنقباء؛ في الثانية عشرة من ظهر الأربعاء أيضا، من أجل بحث كيفية الرد على وزارة الداخلية.
وكذلك دعا رؤساء ومجالس النقابات المهنية؛ من أجل اتخاذ رد لائق على اقتحام قوات الأمن لمقر نقابة الصحفيين، والحفاظ على العمل النقابي المصري، مؤكدا أن مجلس النقابة في حالة انعقاد دائم، على أن يتم الاعتصام لحين الجمعية العمومية المقبلة.
الاتشاح بالسواد
وأعلنت جريدة "التحرير" تضامنها الكامل وغير المشروط مع حرية الصحافة، واتشح شعارها بالسواد، بعدما اقتحمت قوات الأمن، مقر نقابة الصحفيين.
وقالت في بيان لها: "نقابة الصحفيين التي احتفلت يوم 10 نيسان/ أبريل الماضي باليوبيل الماسي، بمرور 75 عاما على تأسيسها، ظلت كعبة الحقوق والحريات، تدافع عن المواطن المصري، وتناكف الأنظمة، فتارة يتاح لها الحرية، وتارة أخرى تعاني من مضايقات الحكام، وكانت سلالم النقابة صوت المتسضعفين، وظلت تقوم بدورها منذ التأسيس حتى الآن، وأتى اليوم الذي اعتبره الصحفيون يوما أسود في تاريخ المهنة، باقتحام بلاط صاحبة الجلالة".
احتجاب عن العمل
وأعلن مرصد "صحفيون ضد التعذيب" عن احتجابه عن العمل أو نشر أخبار وشهادات توثيقية لمدة 24 ساعة، اعتراضا على اقتحام مقر نقابة الصحفيين، والتعدي على أفراد الأمن العاملين بها والقبض على الزميلين عمرو بدر ومحمود السقا المعتصميين بداخلها.
وأكد - في بيان له- أن "الصحافة ليست جريمة"، داعيا كافة المؤسسات الصحفية ووسائل الإعلام المختلفة، إلى اتخاذ موقف موحد تجاه الواقعة غير المسبوقة، سواء بتسويد شاشات القنوات الفضائية، أم بإصدار مانشيتات موحدة للصحف المقروءة، أو بالاحتجاب والامتناع عن إصدار الأعداد الورقية، أو عدم نشر أخبار بالنسبة للمواقع الإلكترونية.
وطالب المرصد مجلس نقابة الصحفيين بتفعيل "دوره في توفير المظلة الحامية للصحفيين ضد الجهات المختلفة، التي تمتهن الانتهاكات اليومية بشكل اعتيادي، وكأنه لا يوجد رادع أو قانون يمكن تطبيقه لحماية الحقوق والحريات الصحفية، وتذكيرها بأن التهاون في استرداد الحقوق يخلق تماديا في طغيان الطرف الآخر، لا سيما في ظل وجود 10 شهداء من الجماعة الصحفية لم يسترد أي منهم حقه حتى الآن، بل وتفرقت دماؤهم بين القبائل فلم يُعرف الجاني أو يُحاسب إلى الآن".
وأعلن صحفيو مؤسسة نبض النهضة الإعلامية احتجابهم عن العمل بالموقع تضامنا مع الزملاء ومن سبقهم من الزملاء الصحفيبن المعتقلين فى السجون بدون تهمة، إلا أنهم ينقلون الحقيقة ويدافعون عن الحرية، وقالوا: "سندافع عن كل صحافي حر، وعن صحافي نبض الذين اعتقلتهم داخلية الانقلاب، ونؤكد أنه لا زوال لهذه الانتهاكات والظلم إلا بزوال الانقلاب، وإطلاق الحريات وتلبية مطالب الشعب التي نادى بها في ثورة 25 يناير".
ودعا نقيب الصحفيين الأسبق ممدوح الولي، الصحف إلى الاحتجاب، والقنوات التلفزيونية إلى أن تعرض شاشة سوداء، لتكون رسالة للعالم بأن هذا النظام معاد للحريات، مؤكدا أن ماحدث ليس بجديد على قوات الأمن، فالتجاوزات موجودة منذ 3 تموز/ يوليو 2013.
وأوضح "الولي" أن النظام ليس له أي سقف، وأن الجميع سيعاني جراء هذه التصرفات، وهذه رسالة للإعلاميين الذين صمتوا على التجاوزات من قبل، لافتا إلى أن ما حدث تجاوز لجميع الحدود.
توتر نظام السيسي
من جانبه، أكد رئيس تحرير جريدة "المصريون" جمال سلطان، أن ما حدث واقعة غير مسبوقة وتكشف توتر النظام وارتباكه، لافتا إلى أن تكلفتها السياسية داخليا وخارجيا "هائلة".
وتعليقا على تصريحات الصحفي ياسر رزق بأن "السيسي" لم يكن لديه علم باقتحام نقابة الصحفيين وأنه غير راض عما جرى، أضاف "سلطان"- في تغريدة له على "تويتر": "أنا أصدق كلام ياسر رزق هنا، وهذا دلالته أكثر خطورة مما لو كان السيسي يعلم".
وشدّد وكيل أول نقابة الصحفيين خالد ميري، على أن اقتحام قوات الأمن لنقابة الصحفيين، كارثة بكل المقاييس ولم تحدث في تاريخ النقابة من قبل، لافتا إلى أنه من الممكن احتجاب الصحف، فجميع الاحتمالات واردة، والنقابة في موقف يحتمل جميع الأفكار.
وطالب نقيب الصحفيين السابق ضياء رشوان، السيسي بالتدخل، قائلا- خلال استضافته في برنامج "مع إبراهيم عيسى"- إن "الوحيد المضار مما يحدث الآن هو الرئيس السيسي، فهو الشخص الوحيد الذي يخسر الآن في مصر"، مناشدا إياه بسرعة التدخل لحل الأزمة، بسبب حالة الغضب الشديدة بين أوساط الصحفيين، لأن الأمر يتعلق بكرامتهم.
بدوره، أكد الإعلامي إبراهيم عيسى أن الدولة ارتكبت جريمة كبرى في تاريخ السياسة والصحافة معا، موضحًا أن تلك الجريمة لم ترتكبها أسوأ الأنظمة ديكتاتورية واستبدادا.
الحرية والديمقراطية في خطر داهم ورهيب
وأضاف – في برنامجه على قناة القاهرة والناس مساء الأحد- أن اقتحام الداخلية لنقابة الصحفيين لم يجرؤ أي نظام مستبد أن يفعله من قبل، مشيرا إلى أن الحرية والديمقراطية والدستور في خطر داهم وهائل ورهيب، واصفا ما حدث بأنه "لحظة فارقة بين المؤمنين بالحرية، وبين الذين يسعون إلى هدم الدولة عبر هدم القانون والدستور والعودة إلى عصور ظلام وسنوات استبداد".
وقال الباحث والصحفي المصري مصطفى زهران: "أول أيار/ مايو هو بمثابة مخاض جديد لكيان نقابي من نوع خاص في مصر، آلام نقابة الصحفيين الموجعة يجب أن يتحسسها كل شريف "نقابي" ينتمى إلى هذه المهنة التى تعد أجل وأقدس ما في واقعنا المر الذي أصابه الدنس، إما من بعض الساسة أم ممن يسوسهم".
وأضاف "زهران": "أتمنى أن يتضامن معها كل حر في وطننا العربي، أو ما تبقي منه في المشرق والمغرب، في تونس والمغرب والجزائر، الأردن، لبنان والسودان، إن القضية التي رفعها صحفيو مصر هي قضية كل شريف، نريد تضامنا يعلى من تموضع الدور الجاد المنوط به لهذه المهنة.. ننتظر تضامنكم أيها الصحفيون في عالمنا المكلوم".
وأعربت لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة، عن شديد أسفها وإدانتها الشديدة لاقتحام قوات الأمن لمبنى نقابة الصحفيين، مشيرة إلى أن حرم النقابة يبدأ بأول درجة فى سلمها، بل بالرصيف الذي يسبقها، ولا يجوز لقوات الأمن أن تتخطاها في الظروف الطبيعية، وأن ما قامت به يعد جريمة بحق النقابة وأعضائها.
وطالبت اللجنة، في بيان لها، وزارة الداخلية والنائب العام ببيان أسباب الواقعة التي يشوبها قصور قانوني، والتحقيق فيها، وتقديم المتورطين فيها للمساءلة القانونية، خاصة أنه تخللها اعتداء على أمن النقابة.
وقال سكرتير عام نقابة الصحفيين جمال عبد الرحيم: "للأسف الشديد علمت بالفضيحة التي ارتكبتها قوات الشرطة باقتحام مقر النقابة، وأنا في المغرب للمشاركة في مؤتمر دولي بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة".
وأضاف عبر "الفيسبوك": "الشرطة اقتحمت مقر نقابتنا العريقة قبل يوم واحد من الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة في واقعة غير مسبوقة وتعد الأسوأ في تاريخ النقابة منذ تأسيسها عام 1941، الأمر يحتاج إلى وقفة جادة من الجميع لمواجهة بلطجة الحكومة ووزارة الداخلية".
أنباء عن إقالة وزير الداخلية
وأكدت صحيفة اليوم السابع – نقلا عن مصادر سياسية رفيعة المستوى (لم تسمها)، أن هناك توقعات بتقديم وزير الداخلية مجدي عبد الغفار استقالته من منصبه عقب حالة الغضب التي أثارتها عملية اقتحام عدد من الضباط لنقابة الصحفيين والقبض على "بدر" و"السقا".
وقالت المصادر لـ"اليوم السابع"، إن الرئاسة أبلغت رئيس مجلس الوزراء شريف اسماعيل ووزير الداخلية، استياءها من تكرار القرارات الأمنية المرتبكة والمتسرعة التي تسببت في أزمات سياسية في الآونة الأخيرة دون داع، وكشفت المصادر أن قيادات عليا بالدولة طالبت وزير الداخلية بالاختيار بين الاعتذار للصحفيين عن واقعة الاقتحام أو تقديم استقالته.
إلى ذلك، كشفت وسائل إعلام مصرية عن استدعاء "السيسي" لوزير الداخلية مجدي عبد الغفار، مساء الأحد، مشيرة إلى أن السيسي أبلغ الوزير استياءه من "القرارات المتسرعة في هذا التوقيت الحساس".
ورجحت طلب "السيسي" من وزير الداخلية تقديم استقالته من منصبه، عقب حالة الغضب التي أثارتها عملية اقتحام عدد من الضباط لنقابة الصحفيين.
من جهتها، صرحت وزارة الداخلية بأنها لم تقتحم نقابة الصحفيين بأي شكل من الأشكال أو تستخدم أي نوع من القوة في ضبط "بدر" و"السقا" اللذين سلما نفسيهما بمجرد إعلانهما بأمر الضبط والإحضار، قائلة إن جميع الإجراءات قد تمت في إطار القانون، وتنفيذا لقرارات النيابة العامة في هذا الشأن.
وذكرت وزارة الداخلية- في بيان لها الاثنين- أنها تقدر الصحفيين ودورهم، مؤكدة احترامها لحرية الرأي والتعبير، بحسب نص بيانها.
وقالت إن تحركها يأتي تنفيذا لقرار النيابة العامة الصادر بشأن ضبط وإحضار "بدر" و"السقا"، المتهمين في المحضر رقم 2016 لسنة 2016 إداري قسم ثان شبرا الخيمة (التحريض على خرق قانون تنظيم حق التظاهر والإخلال بالأمن ومحاولة زعزعة الاستقرار بالبلاد).
ردود فعل سياسية ونقابية
وأدان بشدة المتحدث باسم حزب الوفد محمد فؤاد، اقتحام نقابة الصحفيين، مؤكدا أنه "تجاوز للحدود وضرب بالحريات عرض الحائط"، بحسب تعبيره.
ونوه، في بيان له، إلى زيادة التحدث بشأن تضييق الحريات، مضيفا أن "على وزارة الداخلية النظر في ما حدث فورا، وإصدار توضيح كامل عن ملابساته دون تأخير".
وقال أستاذ العلوم السياسية عمرو حمزاوي: "اقتحام نقابة الصحفيين جريمة جديدة ضد الحرية وحقوق الإنسان تضاف إلى السجل الأسود لجمهورية الخوف.. حكم أدواته القمع وسطوة الأمن مآله الفشل".
وأدان نقيب المحامين سامح عاشور واقعة الاقتحام، معلنا عن تضامن نقابة المحامين مع شقيقتها "الصحفيين" في هذا الحدث، مناشدا- في بيان له الأحد- الصحفيين بأن يتحلوا بضبط النفس خلف مجلس نقابتهم.
ووصف نقيب المهندسين طارق النبراوي، اقتحام قوات الأمن لنقابة الصحفيين، بالاقتحام الغاشم والتجاوز غير المقبول الذي لا يمكن السكوت عنه.
وقال النبراوي - في تصريح صحفي- إن هذا الاقتحام هو الحادثة الأولى من نوعها في تاريخ النقابات المهنية، مضيفا: "مثل هذا التصرف يزيد من حدة الاحتقان في الشارع المصري ويشعل من فتيل الفتنة، ولذلك يجب التحقيق العاجل والفوري مع من أصدر أمر الاقتحام ومع من نفذه"، لافتا إلى أن نقابة المهندسين ستدعم نقابة الصحفيين دعما كاملا في كافة الإجراءات القانونية التي ستتخذها في مواجهة هذا العدوان المشين.
وعلق مستشار رئيس الجمهورية السابق مصطفى حجازي، قائلا عبر "تويتر": "ستبقى الحرية والصحافة الوطنية الراشدة.. وستبقى مصر.. ومن ليسوا على قدرهم سيذهبون".
وأعلنت حملة "مصر مش للبيع" كامل إدانتها للاقتحام الأمني لنقابة الصحفيين، مؤكدة أن هذا الإجراء غير المسبوق في تاريخ مصر والعمل النقابي فيها يكشف بوضوح عن حجم التغول الأمني والسياسات المستبدة العاصفة بكل حرية واحترام للدستور والقانون، وأن أي محاولة لتبرير ما جرى باعتباره تطبيقا للقانون هو نوع من الالتفاف الواضح على احترام أي عقل أو ضمير أو حس وطني.
وأكدت – في بيان لها الاثنين- أن ما جرى يستدعي وقفة حاسمة وفاصلة من ?نقابة الصحفيين، لافتة إلى دعمها الكامل للنقابة وكافة الخطوات التى يقررها مجلسها وجمعيتها العمومية، مضيفة أنه "يتطلب موقفا جماعيا موحدا من كافة النقابات المهنية.. ندعو النقباء ومجالس نقاباتهم للمبادرة إليه فورا".
وتابعت: "نحن إذ نؤكد أن ما جرى لا يمكن توصيفه إلا بأنه انتهاك جديد هو الأفدح في سلسلة الانتهاكات للحريات والحقوق وللدستور والقانون على مدار الفترة الماضية، والتي تعاظمت وتزايدت خلال الأسابيع القليلة الماضية بالتزامن مع الاحتجاجات الوطنية والشعبية السلمية ضد موقف السلطة من قضية جزيرتي تيران وصنافير، فإننا نحمل المسؤولية كاملة في ذلك الصدد للسلطة السياسية بدءا من رئاسة الجمهورية ومرورا بوزارة الداخلية ووصولا إلى كل من شاركوا في اتخاذ مثل ذلك القرار وتنفيذه".
وطالبت باعتذار رسمي فورا من السلطة عما جرى مع ضمانات محددة لعدم تكراره أو استمرار مثل هذه الانتهاكات المتواصلة، مشددة على ضرورة الإقالة الفورية لوزير الداخلية ومحاسبته باعتباره المسؤول المباشر عن هذا القرار.
وطالبت بإعلان قائمة بأسماء مقتحمي النقابة والمسؤول عنهم وتقديمهم لمحاكمة عاجلة، ومحاسبة كل من تورط في هذا القرار، داعية النائب العام للإعلان الفوري عن موقفه مما جرى باعتباره ممثل الجهة التي تزعم وزارة الداخلية الاستناد إلى قرار صادر عنها، مع إعلان الموقف الحالي من البلاغات العديدة التي قدمت من أحزاب ونقابات وشخصيات ضد الانتهاكات المستمرة منذ 15 نيسان/ أبريل وكانت ذروتها يوم 25 نيسان/ أبريل.
وطالبت أيضا بالإفراج الفوري عن الصحفيين عمرو بدر ومحمود السقا، محملة السلطة وأجهزتها الأمنية المسؤولية الكاملة عن ضمان أمنهما وسلامتهما، هما وكافة المحبوسين منذ 15 نيسان/ أبريل، مؤكدة دعمها الكامل للاعتصام الذي أعلن عنه مجموعة من الصحفيين بالنقابة.
واستنكر مدحت الزاهد مدحت الزاهد القائم بأعمال رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي والقيادي بالتيار الديمقراطي، ما حدث، كاشفا - في بيان له الاثنين- عن أن تحالف التيار الديمقراطي يدرس الاعتصام داخل مقار أحزابه تضامنا مع نقابة الصحفيين في هذه الواقعة التي وصفها بـ"المشينة".
وأدان بشدة نائب رئيس حزب مصر القوية أحمد سالم اقتحام قوات الأمن لمقر نقابة الصحفيين بعد فرض حصار عليها طوال أيام واعتقال الصحفيين المعتصمين داخل نقابتهم، في اعتداء "مشين" لم يسبق له مثيل في تاريخ السلطة الرابعة، مطالبا- في بيان له الاثنين- بالإفراج عن الصحفيين وفك الحصار عن النقابة فورا.
وتصدر هاشتاغ "نقابة الصحفيين" تريند "تويتر"، واحتل الأكثر تداولا على موقع التدوينات القصيرة في قائمة التريند في مصر.
وأعلن اتحاد شباب حزب "غد الثورة"، وحملة "ارحمونا"، وحركة المصريين من أجل الديمقراطية، وحركة "غربة"، دعمهم وتضامنهم الكامل مع الصحفيين "السقا" و"بدر" وانضمامهم إلى اعتصام الصحفيين أمام مقر النقابة بالقاهرة، حتى الإفراج عنهم وعن كل معتقلي الرأي في مصر، وتحقيق كافة المطالب واستعاده الكرامة.
وقال حزب "غد الثورة"- الذي يتزعمه المعارض البارز أيمن نور- إنه يستشعر بأخطار جسيمة تطل على مصر وتقترب كأنها عاصفة من الغضب، وأنه يتخوف أن تعصف باليابس والأخضر، وتنطلق بهم إلى مستقبل مجهول.
وتابع في بيان له: "نتساءل: ألا يستشعر القائمون على الدولة تلك الأخطار؟ نعم. من المؤكد أنهم لا يتبصرونها لأن قلوبهم وعقولهم صماء، وبالطبع فهم لا يبصرونها، لأن أعينهم لا ترى ما يعاني منه هذا الشعب من فقر وظلم وفساد وبطش وقتل للحريات وإجهاض لأحلامهم، لكن محاولة النظام وأد أهداف هذه الثورة العظيمة لن تنجح أبدا طالما أن قلوب المصريين ما زالت تنبض".
وأردف: "إذا كانت أجواء ما قبل 25 يناير تطل علينا من جديد وتكرر نفسها ولا يتعظ أحد، وأن غرور السلطة قد أعمى النظام، فلن نسمح له أن يعرض مصر كلها للخطر، ولن نسمح له بتعريض مصر إلى ما تتعرض له بعض الدول من تحارب وخراب، لمجرد طمعه في السلطة بإرادته المنفردة بالتحكم في مقدرات هذه الدولة العظيمة".
واختتم بقوله: "كنا نتوقع من النظام أن يتدارك ما يحدث ويستبق الأحداث باتخاذ قرارات تثلج صدور المصريين في خطابه بمناسبة عيد العمال، إلا أن استخفافه واستهتاره بهذا الشعب لن يجلب له أي نجاح".
وأوضح مؤسس الجبهة الشعبية لمناهضة أخونة، مصر محمد سعد خير الله، أن اقتحام نقابة الصحفيين يمثل رسالة من النظام المصري للعالم بأنه يتجه اتجاها أكثر توحشا وهمجية نحو ترسيخ واستنساخ فاشية من الفاشيات التي عفا عليها الزمن، وتدلل على مدى وضاعة وانحطاط واستبداد وسادية من يحكم مصر".
وقال في بيان له الاثنين: "ننتظر خطوات تصعيدية للنقابة، ونأمل في أن تصوب الكثير من المواقف المعبرة عنها، وتؤكد انحيازها لحرية الرأي والتعبير في وطن تُقصف فيه الأقلام وتُغلق المنافذ ويُسجن صاحب كل رأي حر".
وكانت نقابة الصحفيين مقرا لمظاهرات معارضة خرجت ضد السلطات المصرية، مؤخرا، رفضا لقرار التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية، غير أنه في يوم 25 نيسان/ أبريل الماضي، تعرضت النقابة لحصار أمني كبير وتم منع المتظاهرين وأعضاء النقابة بالقوة من الوصول إليها، بينما سمح لمؤيدي السيسي بالتواجد على سلمها والتعبير عن مواقفهم، فيما تعرض في اليوم ذاته أكثر من 40 صحفيا للتوقيف الأمني والاعتداءات بسبب مظاهرات معارضة للقرار المتعلق بالجزيرتين، وفق بيانات سابقة لنقابة الصحفيين.
ومساء الخميس الماضي 26 نيسان/ أبريل، نظم صحفيون مصريون، مسيرة صامتة، من مقر نقابتهم، إلى دار القضاء العالي، حيث مقر النائب العام المصري، نبيل صادق، لتقديم بلاغين قضائيين، ضد وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار، ردا على ما وصفوه بـ"الانتهاكات الواسعة بحق الصحفيين"، أثناء مظاهرات 25 نيسان/ أبريل.